تقارير و دراسات

أثر تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة على تمتع الفلسطينيين بحقهم في التعليم العالي

    شارك :

21 يناير 2020

تواجه مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة العديد من التحديات والمعوقات، وبين الحين والآخر تطفو على السطح قضية العجز المالي في الجامعات الفلسطينية في قطاع غزة والمديونية العالية المتراكمة عليها. كما تثار مشكلة رسوم الدراسة الجامعية نهاية كل فصل دراسي حيث تفيد تقارير الباحثين الميدانيين العاملين في مركز الميزان إلى حرمان بعض الطلبة من دخول قاعة الامتحان بسبب عدم تسديدهم الرسوم. والأمر نفسه فيما يتعلق بالحصول على شهادات التخرج. يحاول هذا التقرير أن يبحث في الأسباب الحقيقية للأزمة التي تعصف بالجامعات الفلسطينية في قطاع غزة ومدى انعكاس تدهور الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة على خدمة التعليم العالي وعلى تمتع الفلسطينيين بحقهم في التعليم

يهدف هذا التقرير إلى تسليط الضوء على واقع التعليم العالي وخاصة أوضاع الطلبة ومؤسسات التعليم العالي في ظل المعوقات والقيود التي تواجهها؛ ولتحقيق ذلك اعتمد التقرير على مراجعة التقارير الإحصائية الصادرة عن وزارة التربية والتعليم العالي، بالإضافة إلى المقابلات مع المسؤولين والمختصين في هذا المجال، إلى جانب تحليل البيانات والأرقام وبالحد الذي أفصحت عنه الجامعات، واعتمد التقرير على عينة تُمثل الجامعات الحكومية، والعامة والخاصة وهي: جامعة فلسطين (خاصة)، وجامعة الأقصى (حكومية)، والجامعة الإسلامية (عامة)، ويُشار إلى أن التقرير واجهته صعوبات من أبرزها عدم توافر الأرقام التفصيلية خاصة تلك المتعلقة بالأزمة المالية وانعكاسها على هيئة التدريس وسبل مواجهتها والتغلب عليها

ويتناول التقرير هذه المشكلة بالبحث ويقدم معلومات مقارنة حول أعداد الطلبة المسجلين والملتحقين في الجامعات والكليات، ونسبة الذكور والإناث، ويبحث في الأسباب وراء الفجوة التي تظهرها المعلومات بين أعداد الطلبة المسجلين نسبة إلى عدد الخريجين، فضلاً عن استمرار الجامعات في حجز شهادات التخرج لآلاف الخريجين، ومشكلة بطالة الخريجين التي تلعب عامل رئيس في العزوف عن دفع المستحقات المالية المتراكمة على الطالب للحصول على شهادة التخرج. ويلفت التقرير إلى أن بطالة الخريجين، والحصول على الشهادة لا يعني أن هناك فرصة لاستخدامها والحصول على فرصة عمل، ما يدفع الطلاب إلى الامتناع عن دفع رسوم التخرج وسداد الأقساط المتراكمة، إذا ما أخذ في الاعتبار تدهور الأوضاع المعيشية وتوسع ظاهرة الفقر بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر منذ اثني عشرة عاماً على قطاع غزة. هذا بالإضافة إلى الانقسام وتداعياته الكارثية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين في قطاع غزة.

ويبحث التقرير في أثر هذه المشكلة على تمتع شريحة واسعة من الطلبة بحقهم في التعليم، في ظل الدعم الحكومي لمؤسسات التعليم العالي الذي لم يكن بالشكل الكافي والمطلوب، الأمر الذي أضعف من قدرة المؤسسات على الاضطلاع بمسؤولياتها على الوجه الأمثل. وفي هذا السياق تشير البيانات والأرقام أنه في حال استمرت هذه الأوضاع الاقتصادية والضغوط المفروضة على مؤسسات التعليم دون تدخلات حكومية ووقفة جادة من الأطراف كافة، سيرتفع عدد المحرومين من التعليم العالي، وتتراجع جودة التعليم

وينطلق التقرير من كون الحق في التعليم بكل مراحله له مكانة بارزة في القوانين الدولية. وهو لا يشكل حقاً من حقوق الإنسان فحسب بل مسألة تتعلق بالتنمية والاقتصاد والمجتمع ككل. وهو عامل مهم من عوامل التنمية البشرية والتنمية المستدامة، كما أنه أداة فاعلة في زيادة رأس المال البشري، وتطوير الإمكانات الهادفة إلى إعداد إنسان مزود بالمعرفة والمهارات والقيم، الأمر الذي يتطلب من الجهات كافة الشروع في تدخلات استراتيجية فاعلة وعاجلة، كي لا يفقد المجتمع واحدة من أهم أدوات إنهاء الفروقات والتفاوتات الاجتماعية الناشئة عن الاختلافات في مصادر الدخل. كما أنه يُساهم في تحسين الأحوال الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ويُسهم في تعزيز استقرار المجتمعات.