تقارير و دراسات

العمال الفلسطينيون ضحايا الانتقام والثأر

تقرير يرصد انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق العمال الفلسطينيين داخل الخط الأخضر في سياق جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة

    شارك :

6 أكتوبر 2024

حظرت سلطات الاحتلال دخول العمال الفلسطينيين للعمل داخل الخط الأخضر، لنحو 16 عاماً، وفي أواخر عام 2021 سمحت لآلاف العمال الفلسطينيين من سكان قطاع غزة بالعمل في أماكن مختلفة داخل الخط الأخضر، ومنحتهم التصاريح والأوراق الثبوتية. وبعد السابع من أكتوبر 2023  شرعت تلك السلطات في حملات لاعتقالهم، وأقامت الحواجز على الشوارع والطرقات، وشنت عمليات اقتحام لمناطق في الضفة الغربية واعتقلت الآلاف منهم، واحتجزتهم في مراكز الاعتقال، ومارست بحقهم التعذيب وسوء المعاملة، وسلسلة من الإجراءات الانتقامية في سياق جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها بحق سكان قطاع غزة، حيث وضعتهم في ظروف قاسية ولاإنسانية، ونتيجة سوء المعاملة والتعذيب أعلن عن وفاة وإصابة العديد منهم، فيما استولت على مقتنياتهم ومتعلقاتهم الشخصية، ولا سيما الأموال النقدية التي بحوزتهم وهي أجورهم عن عملهم خلال الفترة الماضية. 

وفيما حرمت سلطات الاحتلال العمال من العمل داخل الخط الأخضر، واصلت التدمير منظم للمقومات الاقتصادية في قطاع غزة، وخاصة المرافق الصناعية والإنتاجية والزراعية، وتقييد حركة التجارة الخارجية، وما نجم عنها من انعدام فرص العمل وارتفاع معدلات البطالة. 

يبقى العمال الفلسطينيون هم الفئة الأضعف والأكثر هشاشة وعرضة لتأثيرات التطورات الأمنية المختلفة، ولطالما اتخذت سلطات الاحتلال من العمال الفلسطينيين هدفاً لسياسة العقاب الجماعي والانتقام. وساهم الحصار، ومنع العمال من الوصول إلى أماكن عملهم في الداخل، في ارتفاع معدلات البطالة والفقر، وزاد من تدهور الأوضاع الإنسانية، وفاقم من معاناة العمال الفلسطينيين الذين باتوا بلا فرص للحصول على عمل، إلا في الحدود الدنيا التي لا توفر الاحتياجات اليومية لهم ولأسرهم. 

وفي ظل هذا الواقع، توجه العمال الفلسطينيون للتقدم بطلبات للعمل داخل الخط الأخضر، وبعد انتظار طويل قد يستمر لأشهر وضمن شروط محددة وفحص أمني، استطاع الآلاف منهم الحصول على تصريح للعمل من جانب سلطات الاحتلال، ومع ذلك ظلت هذه الفئة تواجه السياسات التمييزية نتيجة غياب شروط ومعايير العمل المناسب والمحددات الرئيسية لحماية الحق في العمل، لاسيما الواردة في العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. 

وأكدت التقارير التي أعدها مركز الميزان بأن عمال قطاع غزة تمارس بحقّهم سياسة الاستغلال والاضطهاد والتمييز في الأجور خاصة بينهم وبين أقرانهم من العمال الإسرائيليين والأجانب، كما تمارَس بحقهم سياسة الفصل والطرد من العمل والتنكر لحقوقهم المالية والعمالية، وتحرم هذه الفئة من الحصول على الإجازات والتعويضات المادية بسبب إصابات العمل الناجمة عن حوادث العمال أو الأمراض المهنية[1]

وتحت ضغط الظروف الاقتصادية والاجتماعية المتدهورة، اضطر العمال للقبول بهذا الإجحاف والتمييز، حيث لم تسعفهم طبيعة ونوع الوثائق التي يحملونها والتي تحمل مسميات مختلفة، منها تصريح احتياجات اقتصادية، وتصريح مشغل، وتصريح تاجر؛ في انتهاك واضح لحقوقهم، مما شجع أصحاب العمل الإسرائيليين للتنكر لحقوقهم، لدرجة أن عدد ملحوظ من العمال فارق الحياة، وأصيب آخرين في مكان العمل ومحيطه[2] نتيجة عدم التزام المشغلين الإسرائيليين بتوفير الأدوات اللازمة لضمان السلامة والصحة المهنية للعامل، خاصة وأن غالبية هؤلاء العمال يعملون في مهن ومنشآت وورش تتسم بدرجة خطورة عالية. وفرض الواقع الذي خلقته قوات الاحتلال نفسه على العمال عندما أفرجت عنهم قوات الاحتلال بعيداً عن مناطقهم السكنية وبعد أن استولت على أموالهم فلم يجدوا أي فرص للعمل وتحولوا إلى جوعى.

يستعرض التقرير أبرز الممارسات والاعتداءات التي تعرض لها العمال الفلسطينيين من سكان قطاع غزة على يد عناصر الشرطة وقوات الأمن الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر/2023، ويستند التقرير على الإفادات التي أدلى بها العمال لمركز الميزان حول الاحتجاز، وسوء المعاملة، والتعذيب والاستيلاء على أموالهم، من أجور ومستحقات مالية، ومتعلقاتهم الشخصية بما فيها الهواتف النقالة.


[1] لمزيد من المعلومات راجع ورقة حقائق لمركز الميزان لحقوق الإنسان بعنوان: عمال بلا حقوق، 2022، الرابط الإليكتروني: https://www.mezan.org/ar/post/32866

[2]   راجع تقرير حقوق في مهب الريح واقع عمال قطاع غزة داخل الخط الأخضر. مركز الميزان لحقوق الإنسان.