من يوميات الحرب
18 يناير 2010
رابط مختصر:
قامت قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال عدوانها (عملية الرصاص المصبوب) على قطاع غزة بتدمير ما لا يقل عن 2600 منزل سكني بشكل كامل وشردت أكثر من 20.
000 رجل وامرأة وطفل.
ووفقا لتقرير جولدستون فإن غالبية هذه المنازل قد دمرت بشكل غير شرعي.
وفي قرية جحر الديك (وادي غزة) جنوب مدينة غزة دمرت قوات الاحتلال الإسرائيلي (124) منزلاً بشكل كامل و(27) منزلاً آخر بشكل جزئي.
وبعد مرور عام كامل على العدوان لا يزال الفلسطينيون في تلك المنطقة يعيشون في خيام وذلك بسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة ومنع دخول المواد الأساسية اللازمة للبناء.
أجرى مركز الميزان لحقوق الإنسان مقابلة مع سالم أبو عيادة رئيس بلدية جحر الديك وكذلك أجريت مقابلات مع بعض سكان منطقة جحر الديك الذين حاولوا الرجوع إلى منازلهم في 18 كانون الثاني.
أجريت المقابلة لمعرفة كيف يتأقلم السكان والمجتمع في منطقة جحر الديك مع ما تعرضوا له من معاناة خاصة مع حلول فصل الشتاء.
جحر الديك تتحول إلى ركام 'أهلا بكم في حينا المدمر' يقول سالم أبو عيادة رئيس بلدية جحر الديك، قبل أن يخبرنا بأن الاسم الرسمي لتلك المنطقة هو وادي غزة.
معظم سكان تلك المنطقة هم من العمال الذين يكسبون قوت يومهم يوما بيوم وهناك مزارع للدجاج و مزارع صغيرة للحيوانات.
ومع مرور الوقت أصبح يطلق على الوادي اسم جحر الديك.
يعتبر جحر الديك واحداً من بين الأحياء التي تم تسويتها فعليا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد هروب ساكنيه.
إن غياب القتال في تلك المنطقة بينما التدمير مستمر يثير أسئلة مهمة حول إذا كان هذا التدمير لضرورة عسكرية و بالتالي مدى شرعيته.
كانت عائلة أبو مساعد من بين السكان الذين تركوا بيوتهم بعد فترة من الاعتداء, توضح سناء أبو مساعد، البالغة من العمر (19 عاماً)، ' بحلول 6 يناير هرب جميع سكان المنطقة ولم يتبق غيرنا، كنا خائفين جداً وكنا نعتقد أن الجيش سينسحب.
نعيش في منطقة قريبة على الحدود وقد عشنا اجتياحات إسرائيلية سابقة.
كان الجيش يجتاح المنطقة لعدة أيام ثم ينسحب.
'.
اجتمعت عائلة أبو مساعد في غرفة واحد وبقوا هناك عدة أيام بينما كانت الدبابات الإسرائيلية تدمر منازل الجيران.
'كنا خائفين جدا' تقول سناء ' خاصة في الليل.
قبل أن نترك منزلنا بليلة واحدة قصف الجيش الإسرائيلي الجهة الجنوبية لمنزلنا ودمروا إحدى الغرف.
عندما اتصل بنا جيراننا واخبرونا بأنهم يرون الدبابات تقترب من التل باتجاهنا فقررنا بأنه قد حان الوقت لترك المنزل.
جمعنا بعض الملابس بسرعة وجمعنا الأغنام وسرنا على الأقدام وذهبنا إلى مخيم النصيرات عند أقاربنا.
'.
حاولت عائلة أبو مساعد كغيرها من عشرات آلاف العائلات التي شردها الاحتلال الإسرائيلي خلال عملية الرصاص المصبوب حاولوا العودة إلى منازلهم يوم الأحد الموافق 18 كانون الثاني (يناير) 2009 بعد إعلان وقف النار أحادي الجانب.
تقول ثريا، البالغة من العمر (23 عاماً) وهي زوجة شقيق سناء وتعيش معهم ' كانت صدمة .
.
صدمة كبيرة .
.
كان هناك ركام في كل مكان .
.
كان منزلنا مدمر بشكل كامل حتى أننا لم نكن متأكدين من مكان وجود منزلنا.
' تقول سناء ' فقدنا كل ما نملك، الغسالة والتلفزيون والأسرّة والحمام وأدوات المطبخ.
.
.
لم يتبق لنا سوى حلة طبيخ.
'.
لا يوجد لدينا مكان نذهب إليه انتقلت عائلة أبو مساعد للعيش عند بعض أقاربهم لقرابة الشهر حتى تمكنوا من إقامة خيم على ركام منزلهم.
توضح ثريا بالرغم من تلقي بعض المساعدات المالية لكي نتمكن من الإيجار إلا انه لا يوجد مكان ليسكنوا فيه ' نحن بدو ونعيش حياة بدوية.
معظم المنازل التي حولنا قد دمرت ونحن لا نستطيع الانتقال والعيش في المدينة.
جميع أغنامنا ودجاجنا هنا أين سنضع كل تلك الحيوانات؟؟'.
عائلة أبو مساعد لديها إيمان قليل بالتأكيدات التي صدرت عن الأمم المتحدة حول إمكانية إعادة بناء منازلهم، 'يخبرونا دائما بأنهم سيعيدون بناء بيوتنا المدمرة ولكنهم لا يعرفون متى سيكون ذلك.
نحن نعيش في خيمة منذ حوالي سنة 'اعتقد أنها وعود كاذبة' تقول ثريا.
ووفقا لما أكده سالم أبو عيادة رئيس بلدية جحر الديك، الذي دمر منزله خلال العدوان (عملية الرصاص المصبوب) فإن هناك حوالي 150 عائلة فلسطينية تعيش في خيم الآن في منطقة جحر الديك.
تعيش نصف عائلة رئيس البلدية في خيمة والنصف الأخر في منزل الجيران.
أبو عيادة قلق جدا حول الصحة العامة في منطقة حجر الديك خاصة مع حلول فصل الشتاء.
'عندما أمطرت السماء في المرة الأولى عصفت بالخيام.
الخيام لا توفر الحماية من البرد أو الأمطار، إنها لا تتناسب مع حاجات الإنسان، لماذا أجبرنا أن نعيش كالحيوانات؟' يتساءل أبو عيادة.
أبو عيادة يشعر بالإحباط الشديد بسبب عدم وجود تحركات على أرض الواقع لإعادة بناء المنازل المدمرة.
'طلبنا من وكالة غوث وتشغيل اللاجئين أن يساعدوا الناس في جحر الديك.
وقمنا بعمل إحصائيات للدمار الذي حصل في جحر الديك ولكن لم يتم إعادة بناء أي شيء حتى الآن.
كان فصل الصيف قاسيا جدا بسبب الحشرات ولكن فصل الشتاء سيكون أشد قسوة.
'.
وبالرغم من تحذيرات الأمم المتحدة بأنه يجب أعادة بناء المنازل المدمرة وبشكل فوري قبل حلول فصل الشتاء، إلا إن توقعات إعادة البناء تبقى بعيدة الأمل بسبب الحصار الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ومنع دخول مواد البناء إلى القطاع.
وفي كلمة للسيد ماكس ويل جايلارد منسق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية ألقاها في نوفمبر 2009 'سيكون الشتاء قاسياً جداً على الأطفال في غزة الذين لا يستطيعون مقاومة البرد القاسي والأمطار بسبب الوضع الخدماتي العام المتدهور' .
وبعد مرور شهرين على تلك الكلمة لم تبدأ عملية إعادة الإعمار وهي كذلك بعد مرور عام على وقف العدوان.