من يوميات الحرب

اليوم الثامن عشر: قتل الأطفال

    شارك :

13 يناير 2010

ترك كريم أبو سيدو، البالغ من العمر (15 عاماً) منزله وخرج لشراء الخبز لجيرانه، وذلك يوم الثلاثاء الموافق 13 كانون الثاني (يناير) 2009.
أطلق قناص إسرائيلي النار عليه وهو في طريقه إلى المخبز.
رحاب والدة كريم، البالغة من العمر (50 عاماً) تلوم نفسها لأنها سمحت لكريم بالذهاب إلى المخبز في ذلك اليوم.
أجرى مركز الميزان لحقوق الإنسان مقابلة مع رحاب والدة كريم وذلك بعد مرور عام على مقتله.
و أجريت المقابلة حول كيفية تأقلم الأسرة بعد فقدانها للطفل كريم.
  بتاريخ 13 كانون الثاني يناير 2009 كنا نجلس في منزلنا في حي التفاح في مدينة غزة.
كنت أرقد على الكنبة وكنت شبه نائمة عندما جاء كريم وأخبرني بأنه يريد الذهاب إلى المخبز حيث طلب منه أحد أبناء الجيران أن يذهب معه لشراء الخبز.
أخبرني كريم بأنه سيأتي بسرعة.
وعندما استيقظت أدركت أن كريم ترك المنزل.
كنت قد منعت كافة أولادي من الخروج من المنزل طوال فترة العدوان بالرغم من أن الحي الذي نسكن فيه يعتبر هادئ نسبياً.
شعرت بالقلق وأرسلت ابني محمود، البالغ من العمر (25 عاماً) لكي يبحث عن كريم.
'.
وبينما كان محمود في طريقه إلى المخبز جرى باتجاهه بعض أولاد الجيران وأخذوا يصرخون ويقولون أصيب كريم.
وجد محمود أخاه كريم، البالغ من العمر (15 عاماً) ملقى على الأرض وينزف من رأسه.
تمكن محمود من إيقاف سيارة تاكسي وأخذ كريم إلى مستشفى الشفاء بمدينة غزة.
  السماح لكريم بالخروج في ذلك اليوم  عندما ذهبت رحاب إلى مستشفى الشفاء تم إبلاغها بأنها لن تستطيع رؤية ابنها كريم لأنه يرقد في وحدة العناية المركزة.
'عدت إلى المنزل وبقي ابني محمود في المستشفى' تقول الأم.
'عندما ذهبت في اليوم التالي سمحوا لي برؤيته.
كان لا يتحرك وكان هناك شيء اسود في وسط رأسه.
' وفي اليوم التالي أي يوم 15 كانون الثاني (يناير) 2009 عندما عادت الأم إلى منزلها جاء إليها ابنها محمود وأخبرها بأن كريم قد فارق الحياة متأثراً بجراحه في ذلك الصباح.
'عندما أخبرني محمود بذلك بدأت أصرخ' تقول رحاب 'لقد طلب مني أن أسمح له بالذهاب إلى المخبز.
لماذا غفوت ونمت في تلك اللحظة؟'.
وكان على رحاب أن تتغلب على خسارتها لابنها لوحدها حيث أن زوجها توفى فبل عدة سنوات بمرض السرطان.
'بعد مرور شهر على مقتله رأيته يجلس بجواري.
ثم أخذ يمشي في الغرفة كما لو أنه لازال على قيد الحياة.
كان يبدو بصورة أصغر مما كان عليه عند مقتله كان يبلغ من العمر ربما ست أو سبع سنوات.
ثم تحدث معي في الليلة التالية وأنا أحلم وقال لي 'أمي أنا ميت الآن'.
العناية بالأطفال الآخرين تحاول رحاب جاهدة أن تبدو وكأنها شجاعة وذلك من أجل أطفالها الباقين.
'لازال أبنائي يشعرون بالحزن لفقدان كريم.
أعتقد أن ابني أمجد، البالغ من العمر الآن (14 عاماً) هو أكثر شخص تأثر بخسارة كريم لأنهم قريبين في الأعمار من بعضهم البعض.
عندما قتل كريم كان أمجد يحلم به بشكل دائم وكان يخبرني بأنه يرى كريم ويتحدث معه.
حاولت أن أشرح له بأن كريم في الجنة الآن وأنهم سيلتقون مرة أخرى هناك، أعتقد أن هذا ما ساعده نوعاً ما على تقبل الأمر.
لا أريد أن يراني أبنائي وأنا أبكي لذلك لا أبكي إلا عندما أكوني وحيدة.
أنا لا أعرف لماذا قتلوا ابني كريم؟ كانت الرصاصة في وسط رأسه لقد كانت متعمدة.
وكان صعباً عليَّ أن أفقد زوجي لقد تألمت كثيراً لفقدانه، ولكن عندما فقدت ابني كان الأمر أصعب بكثير.
لن ننسى ما حدث.
لن تعود الأمور بالنسبة لي كما كانت عليه في السابق.
'.