من يوميات الحرب

اليوم الثالث عشر: طفل فلسطيني يستخدم كدرع بشري

    شارك :

8 يناير 2010

في 8 كانون الثاني يناير 2009 أُطلِقَ سراح علاء العطار، البالغ من العمر (15 عاماً)، وأخيه علي، البالغ من العمر (16 عاماً)، وابن عمهم حسين، البالغ من العمر (13 عاماً).
أطلق سراحهم من حفرة باردة مبللة تحت الأرض حيث احتجزتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي لمدة يومين متواصلين وهم مقيدي الأيدي ومعصوبي الأعين وشبه عراة.
لقد استخدمت قوات الاحتلال هؤلاء الأطفال كدروع بشرية وهي ممارسة تشكل جريمة حرب ولعلها ترقى إلى مستوى الجريمة ضد الإنسانية.
عند إطلاق سراحهم أمرهم الجنود الإسرائيليون بالسير باتجاه جباليا في شمال غزة تحت إطلاق نار كثيف.
أما نافذ الأخ الأكبر لعلي وعلاء، البالغ من العمر (17 عاماً)، الذي كان محتجزاً معهم في الحفرة نفسها تم نقله إلى إسرائيل واحتجز هناك لمدة ثمانية أيام.
أجرى مركز الميزان لحقوق الإنسان مقابلة مع حسين وعلى وعلاء والبالغين من العمر الآن (14و16 و17 عام على التوالي).
أجريت المقابلة بعد عام على تعذيبهم.
  حفرة في الأرض 'كانت الحفرة كبيرة جداً حوالي دونماً أو أكثر، وقد وضعوا فيها حوالي ستين شخصاً' يقول علي.
'كنا معصوبي العينين ومكبلي اليدين.
كان الجنود يطلقون النيران باتجاه أقدامنا وفوق رؤوسنا لكي يرعبونا.
سقطت شظية في الحفرة.
كانت بالفعل مخيفة'.
تم احتجاز الأطفال مع غيرهم من المدنيين من جيرانهم في منطقة العطاطرة شمال غزة وذلك في صباح يوم الاثنين الموافق 5 كانون الثاني يناير 2009.
وقد احتجزهم الجيش الإسرائيلي بعد أن داهم منازلهم التي كانوا فيها.
وقبل أن تأخذ قوات الاحتلال الإسرائيلي الأطفال إلى تلك الحفرة في ذلك المساء كانت تلك القوات قد أمرت الأطفال بخلع ملابسهم باستثناء الداخلية منها وقيدوهم في سلسلة بشرية ووضعوا عصابات على أعينهم وأجبروهم على السير في الحي وذلك ليتفحصوا منازل المدنيين السكنية في المنطقة فيما إذا كانت مفخخة أو فيها مقاومين.
  برد وجوع ' لم تناول فطورنا في ذلك اليوم عندما احتجزنا الجيش الإسرائيلي.
' يقول علي.
' عندما كنا في الحفرة كنا نشير إلى الجيش بأننا نريد طعام وماء ولكن أحدا لم يجب علينا.
فقط أعطونا طعاماً في اليوم الثالث وكان عبارة عن رغيف واحد لكل أربعة أشخاص.
وكانوا يعطونا ماء في زجاجات قذرة.
وقد حاول واحد منا أن يخبر الجيش وذلك باستخدام الإشارات بأنه يريد الذهاب إلى الحمام ولكنهم لم يسمحوا له وقالوا له اعملها على حالك.
عندما كنا في الحفرة نفكر بعائلاتنا وعن مدى قلقهم علينا.
كنا نرتعش من الخوف والبرد كنا نخاف أن نتكلم مع بعضنا.
كنا لا نعلم لماذا وضعونا في تلك الحفرة وكنا نعتقد بأنهم سيدفنونا هناك.
'.
    أطلقت قوات الاحتلال سراح علي وحسين وعلاء يوم الخميس الموافق 8 يناير 2009 وقد أمرهم الجيش الإسرائيلي بالتوجه إلى جباليا.
أما نافذ فقد أخذته تلك القوات مع غيره من الشباب والرجال إلى داخل إسرائيل وبقي هناك قيد الاعتقال مدة ثمانية أيام أخرى.
يصف لنا علي الرحلة 'كان من الصعب المشي وذلك بسبب التدمير الكبير الذي أحدثته قوات الاحتلال.
وكانت الطائرات تقصف بالقرب من أرجلنا.
مشينا حوالي كيلو متر ثم قررنا أن نعود مرة أخرى إلى الحفرة.
لم نفهم أين يريد الجيش منا أن نذهب واعتقدنا بأننا سنقتل.
' وعندما عادوا إلى الحفرة مرة أخرى أمرهم الجيش بالسير في طريق آخر 'وذهبنا إلى جباليا'.
'عندما وصلنا جباليا وجدنا واحداً من أقاربنا.
' يقول علي.
'أخبرنا بأن عائلاتنا لجأت إلى مدرسة تابعة للأونروا وذهبنا إلى تلك المدرسة ووجدنا أهلنا هناك.
وجدنا الطبيب يعطي أمي حقنة لأنها كانت حزينة جداً وتعتقد أن الجيش الإسرائيلي قد أخذنا'.
يكمل حسين ' عشنا في المدرسة أياما عصيبة.
فبمجرد وصولنا إلى المدرسة لم يكن هناك غرف فارغة لكي ننام وكنا ننام في الممرات.
كان هناك بطانية واحدة خفيفة لكل واحد منا وكان الجو بارداً جداً.
كنت في بعض الأحيان أتغطى بتلك البطانية وأحيانا أخرى أضعها على الأرض وأنام فوقها.
بقينا في المدرسة لمدة اثنين وعشرين يوماً.
'.
    آمال نحو تحقيق العدالة في خطوة نادرة تبعت تقديم شكوى من قبل مركز الميزان لحقوق الإنسان ومؤسسة الحق وعدالة، طلبت الشرطة الإسرائيلية العسكرية التحقيق مع كل من علي وحسين وعلاء عند معبر بيت حانون (إيرز) للتحقيق معهم حول إدعاءاتهم وذلك في يوليو حزيران 2009.
'كنا خائفين أن نذهب' يقول علاء.
'كنت أفكر كيف نذهب هناك بعد ما فعلوه معنا؟؟ ولكن محامينا في مركز الميزان أوضحوا لنا أن الجيش الإسرائيلي لن يحتجزنا هذه المرة.
ولكني كنت خائفا وعندما كنت أتحدث مع الضابط الإسرائيلي كنت ارتجف من الخوف.
'.
'لن أذهب إلى هناك' يؤكد حسن.
' المرة الأخيرة كانت مخيفة جداً عليك أن تسير لمسافة طويلة.
قدماي تؤلماني بسبب الخوف والمشي.
' ومع ذلك وببلوغ حسين (14 عاماً) فهو لازال يضع ثقته في القضاء.
'أريد أن يعرف المسئولون الإسرائيليون بما اقترفه الجنود في حقنا وكيف أنهم عذبونا وضربونا بأرجلهم.
أتوقع أن يسجن الجنود بعد أن عرف الضباط بما قاموا به.
يبتسم علي ويهز كتفه باستهزاء ربما تكون ابتسامته الساخرة في مكانها.
فبالرغم من التوثيق الدقيق لسلسلة الانتهاكات الموجهة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني والتي تم توثيقها من قبل لجنة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق، وبالرغم من مرور عام كامل على عملية الرصاص المصبوب لم توجه تهمة لأي جندي إسرائيلي بأنه اقترف جريمة حرب.
وضع حسين خطة للاجتياح الإسرائيلي القادم 'لن أبقي هنا المرة القادمة' و يوضح 'بمجرد سماعي صوت أول إطلاق نار إسرائيلي سوف أجري بسرعة إلى المستشفى وأقيم هناك.
فالإسرائيليون لا يقصفون المستشفيات.
'.
وفقا لتوثيق مركز الميزان والأمم المتحدة والمنظمات الأهلية الدولية فإن الجيش الإسرائيلي وخلال عملية الرصاص المصبوب قام بتدمير أو تخريب خمسة عشر مستشفى من بين سبعة عشر مستشفى في غزة و قصف ثلاث ممتلكات تعود للأمم المتحدة، بالفسفور الأبيض، استخدمت كملاجئ للأشخاص الذين تركوا بيوتهم.