من يوميات الحرب
30 ديسمبر 2009
رابط مختصر:
اليوم الرابع: عائلة حمدان ، بيت حانون شمال غزة عند حوالي الساعة 7:45 صباح 30 ديسمبر 2008 ذهبت لما البالغة من العمر، (5 سنوات) وأخوها إسماعيل، البالغ من العمر (10 سنوات)، وأختها هيا، البالغة من العمر (12 عاماً)، ليلقوا القمامة من منزلهم شمال بيت حانون.
وبمجرد وصولهم إلى حاوية النفايات استهدفتهم طائرة إسرائيلية.
بعد مرور عام على الجريمة أجرى الميزان مقابلة مع والدي الطفلين طلال وإيمان حمدان.
يوم الهجوم حوالي الساعة 7:45 صباح 30 ديسمبر 2008 ذهبت لما وأخوها إسماعيل وأختها هيا، ليلقوا القمامة في حاوية النفايات القريبة من منزلهم.
أوضح والدهم طلال حمدان، البالغ من العمر (45 عاماً)، ' لقد اعتاد الأطفال على الاستيقاظ كل يوم وتناول فطورهم وتنظيف الحديقة وأخذ القمامة إلى حاوية النفايات القريب في نهاية الشارع.
لا توجد سيارات لجمع القمامة هنا في منطقتنا.
في ذلك اليوم استيقظت على صوت انفجار.
كنت شبه نائم ولم أدرك ما الذي حدث.
كان أمرا معتادا علينا.
نحن نعيش في بيت حانون قرب الحدود مع اسرائيل واعتدنا سماع صوت الانفجارات.
' خرج عبد الكريم الابن الأكبر لطلال، البالغ من العمر (23 عاماً)، مسرعاً باتجاه مصدر صوت الانفجار ولحقت به أمه إيمان، البالغة من العمر (45 عاماً).
'وصل عبد الكريم قبل أن أصل إليهم' تقول الأم.
'وجدهم بالقرب من الحاوية.
كانت واضحاً أن لما وهيا قد قتلتا.
أما إسماعيل فقد كانت إصابته خطيرة ولكنه مازال على قيد الحياة.
أصبح عبد الكريم مثل المجنون.
شاهدته يلقى الرمال على رأسه ويلوم نفسه على ما حدث.
ثم حمل البنتين واخذ يصرخ طالبا المساعدة.
جاء الجيران ومعهم عربة يجرها حمار وأخذوا الأولاد إلى مستشفى بيت حانون.
جريت خلفهم حافية القدمين.
بينما لم يكن طلال قد استيقظ أسرعت إليه ابنته الكبرى صابرين، البالغة من العمر (21 عاماً)، وكانت تصرخ وتقول قتلوا إخوتي.
'كنت في حالة صدمة، كالمجنون كنت أدور حول المنزل.
لا أعرف ماذا أفعل.
'تذكر طلال، 'ذهبت إلى مستشفى بيت حانون كانت البنتان قد فارقتا الحياة وموجودتان في ثلاجة الموتى'.
في حين جرى تحويل إسماعيل إلى مستشفى الشفاء بغزة نظراً لإصابته الخطيرة.
'كان ينزف من مخه' أوضحت إيمان.
'ذهبت أختي معه إلى مستشفى الشفاء.
بقيت أنا وطلال في بيت حانون ودفنا البنتين في نفس اليوم.
جاء إلينا الجيران ليعزونا ولكني لم أرَ أحداً منهم.
كنا في حالة صدمة.
وفي اليوم الثاني توفي إسماعيل.
'.
إلقاء اللوم بالرغم من مضي عام تقريباً على ذلك الهجوم إلا أن الإخوة الكبار لا يزالون يلومون أنفسهم على مقتل إخوتهم.
'هنادي، البالغة من العمر (18 عاماً)، صدمت بشكل كبير بعد سماعها الخبر.
ولم تتكلم طوال أيام العزاء الثلاثة.
في صباح ذلك اليوم وبمجرد سماعها صوت الانفجار ذهبت على الفور إلى أخيها عبد الكريم وقال له ' قتل الأطفال' تقول إيمان.
' هنادي هي من طلبت من الأطفال أن يأخذوا القمامة ويلقوها في الحاوية.
فقد رأت أن الناس يزيلون خيمة العزاء التي كانت لجيراننا وظنت بأن الأمور أصبحت جيدة.
وأن الخروج من المنزل يعتبر آمنا الآن.
هنادي بعيدة عنا الآن، فهي لم تعد معنا كما كانت في السابق.
'.
ويضيف طلال قائلا:' ان هذه المنطقة منطقة سكنية.
لا يوجد مراكز للشرطة هنا وكذلك لا يوجد مقاتلين.
اعتقدنا بأن الأمور ستكون جيدة هنا.
هنادي لا تستطيع التأقلم مع ما حدث ولا تتحمله.
وتقول دائما بأنها تتمنى لو أنها ماتت.
تريد ان يقتلها الإسرائيليون.
تدرس هنادي في المدرسة الثانوية الآن ولكنها تذهب إلى المدرسة وتعود بدون أي فائدة.
فهي دائماً شاردة الذهن.
'.
'عبد الكريم كذلك يلوم نفسه' تضيف إيمان.
'كان هناك عندما ذهب الأطفال لإلقاء القمامة.
أخبرهم بأن يكونوا حذرين.
قالت له لما: ' لا تقلق .
الله سيحمينا'.
أنا الآن أحاول أن اشغل نفسي.
أنا لا أؤمن بالمساعدة النفسية.
أنا أطبخ وأنظف البيت والحديقة.
'.
يعتقد طلال بأن زوجته إيمان تتأقلم مع الوضع بصورة أفضل منه.
'ربما تكون إيمان أقوى مني.
فهي تعرضت لمعاناة شبيهة في السابق، فقد فقدت والدها وابن عمها في الانتفاضة الأولى عام 1988.
قتلهم الإسرائيليون.
أنا فعلا متأثر بشكل عميق بما حدث.
أنا أشعر أن الحزن لا يبارحني.
وفي عيد الفطر الماضي، ذهبت إلى المسجد وصليت صلاة العيد ومن ثم توجهت إلى المقبرة لأزور أطفالي.
شعرت بالكآبة وعندما عدت الى المنزل وجدت الكثير من الناس في حديقة المنزل.
جاءوا ليواسوننا كما هي العادة.
كان بعضهم يداعب أطفاله، مما زاد من حزني وكآبتي.
فمن المفروض أن يكون أطفالي هنا معي في هذا اليوم يرتدون ملابسهم الجديدة ويلعبون بألعاب العيد مثل الأطفال الآخرين.
أنا الآن لا أعمل، أستيقظ كل صباح وأجلس في الحديقة وأتذكر الأطفال وكيف كانوا يلعبون، كانوا أطفالاً رائعين، كانت هيا ذكية جداً وكانت تحفظ أجزاءً من القرآن وكانت تقرأ في كتب أختها الكبرى.
كما كانت تجيد الدبكة (الرقص الشعبي الفلكلوري) وتحب المدرسة.
أما إسماعيل فكان يحب الطبيعة والزراعة في الحديقة.
كان الأطفال حولي دائماً، اعتدت أن أجدهم دائما حولي.
'.
'لا أشعر بأن عاماً قد مضى على مقتلهم.
أشعر وكأنه حدث منذ فترة قصيرة.
أتذكرهم في كل دقيقة وكل ثانية' تقول ايمان.
وكذلك يشعر طلال.
'كيف أنساهم؟ أتذكرهم في كل مرة أنظر فيها إلى حديقة المنزل وأراهم يلعبون هناك.
'.