بيانات صحفية

بعد عام على الانفصال .... الفلتان الأمني يتصاعد في غزة

    Share :

12 سبتمبر 2006 |Reference 104/2006

مضى عام على انفصال قوات الاحتلال أحادي الجانب عن قطاع غزة، تحول القطاع خلاله إلى سجن كبير، وشهدت حالة سيادة القانون تدهوراً غير مسبوق، حيث تصاعدت ظاهرة الفلتان الأمني، وتدهورت مستويات المعيشة والأوضاع الاقتصادية.
فيما استمر العدوان الإسرائيلي، وواصلت قوات الاحتلال فرض عقوباتها الجماعية على السكان المدنيين، مما أفضى إلى تدهور غير مسبوق في أوضاع حقوق الإنسان بالنسبة للسكان في قطاع غزة.
وبعد أن نفذت قوات الاحتلال خطتها للانفصال، رصد المركز استمرار وتكرّس حالة غياب سيادة القانون، وتصاعد ظاهرة الفلتان الأمني لدرجة هددت أمن المجتمع واستقراره، وأدت إلى سقوط مئات الضحايا وتدمير وحرق ممتلكات خاصة وعامة، وقطع للطرق وخطف واحتجاز لأجانب وفلسطينيين، واشتباكات مسلحة تندلع لأبسط الأسباب، سواء بين مجموعات مسلحة وأفراد أمن أو بين عائلات.
كما لمس المركز عدم احترام قرارات وأحكام المحاكم، حتى بلغ الأمر التعدي على المحاكم نفسها، وإخراج الموقفين بالقوة من قفص الاتهام، والتعدي على السجون وإخراج الموقوفين بالقوة، وتعرض القضاة للتهديد والابتزاز والانتقام، لمنعهم من ممارسة عملهم بأمانة.
وبدلاً من الوعود الكثيرة عن الاستقرار والتنمية والاستثمار عن مستقبل أكثر إشراقاً، وجد المركز أن الواقع ازداد تدهوراً يوماً بعد يوم، الأمر الذي أكدته أعمال الرصد التي يقوم بها، حيث أنه وبدلاً من أن تستثمر أراضي المستوطنات المفككة والمخلاة، نهب ما تبقى منها من منشآت، بل وطال السلب الأرض نفسها، حيث وضعت عليها الأيادي المختلفة، دون أن يلمس المركز إجراءات ملموسة، من قبل السلطة، من شأنها حماية الأرض، أو وقف أعمال السرقة المتصاعدة يومياً، والتي وصلت حد السلب بالقوة.
وتبرز حصيلة عام تلا تنفيذ الخطة، مدى التدهور الذي شهدته الأوضاع في قطاع غزة، حيث بلغ عدد القتلى من ضحايا الفلتان الأمني (174) قتيلاً من بينهم (27) طفلاً، والجرحى (1195) جريحاً من بينهم (165) طفلاً، وبلغ عدد محاولات القتل على خلفية الشرف (22) حالة، قتل خلالها (14) شخصاً.
وبلغ عدد الشجارات العائلية التي استخدمت فيها الأسلحة النارية (111) شجاراً،  وأغلقت الطرق (33) مرة، وجرى التعدي على المؤسسات العامة (116) مرة، فيما بلغ عدد المختطفين والمحتجزين (70) شخصاً من بينهم (21) شخصاً من الأجانب.
 ولمزيد من توضيح مدى التدهور الذي شهدته حالة سيادة القانون، يجد المركز ضرورة لمقارنة حصيلة العام الذي تلا الانفصال بالسنوات التي سبقته، حيث أن حصيلة القتلى والجرحى للعام 2003 بلغت (18) قتيلاً و (111) جريحاً، وللعام 2004 (57) قتيلاً و (178) جريحاً، وللعام 2005 حتى قبيل تنفيذ خطة الانفصال (54) قنيلاً و(461) جريحاً.
وبمقارنة حصيلة السنوات الثلاث التي سبقت الانسحاب، بعام ما بعد الانسحاب تبرز حقيقة مدى التدهور الحاصل في حالة سيادة القانون.
  مركز الميزان لحقوق الإنسان يعيد التأكيد على أن الاحتلال الإسرائيلي، من خلال جملة من الإجراءات والعدوان المتواصل، خلق الظروف والشروط، التي أدت إلى تدهور الأوضاع في قطاع غزة، لاسيما الأمنية منها.
والمركز يستنكر استمرار وتصاعد ظاهرة الفلتان الأمني وتدهور حالة سيادة القانون، ويحمل السلطة الوطنية الفلسطينية مسئولية عدم قيامها بواجبها لحفظ الأمن وفرض سيادة القانون وتعزيز هيبته في المجتمع الفلسطيني، بل ورضوخها لابتزاز العائلات والمجموعات المسلحة، وعدم إعمالها القانون بحق كل من تعدى على القانون أو أخذه بيده.
  ويؤكد المركز على أن ظاهرة الفلتان الأمني شكلت مدخلاً لانتهاكات حقوق الإنسان، وبعد أن كانت نتيجة لغياب سيادة القانون، أصبحت عاملاً مهماً من عوامل تكريسها.
كما أسهمت في تردي أوضاع حقوق الإنسان، المتدهورة أصلاً، وتعزيز أجواء عدم الاستقرار وغياب الأمن الإنساني في المجتمع الفلسطيني، وكأنها تكمل مهمة قوات الاحتلال الإسرائيلي، التي تشن عدواناً متواصلاً على السكان المدنيين وممتلكاتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بحيث أصبح المواطن الفلسطيني بين مطرقة الاحتلال وسندان الفلتان الأمني.
كما تمثل تهديداً جدياً لفرص إحداث تنمية اقتصادية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، التي يعاني اقتصادها من تدهور مستمر وتعاني مستويات معيشة السكان من تدني غير مسبوق، بحيث تضاعف أعداد الفقراء والعاطلين عن العمل.
  على ضوء الحقائق الواردة في هذا التقرير، وفي ظل السياق المتصاعد التي أخذته ظاهرة الفلتان الأمني، وبالنظر إلى النتائج الكارثية المترتبة عليها، فإن مركز الميزان لحقوق الإنسان:   1.
يطالب السلطة الوطنية بفرض سيادة القانون، على أن تبدأ بمؤسساتها، لتعيد بناءها على أساس من احترام القانون والمساواة أمام القانون داخل المؤسسة الرسمية نفسها، وتطبيق القانون على كل من ينتهكه خاصة من أفراد الأجهزة المكلفة بإنفاذ القانون.
2.
يدعو السلطة الوطنية الفلسطينية إلى تحمل مسئولياتها وإعادة فرض سيطرتها وهيبتها داخل المجتمع الفلسطيني كمقدمة لإعمال القانون وضمان احترامه.
3.
يؤكد على ضرورة أن تبادر السلطة إلى تأهيل وتدريب أفراد الشرطة ليتمكنوا من الاضطلاع بمهامهم على الوجه الأكمل، وأهمية أن تحول دون احتفاظ أفراد الأمن والشرطة بأسلحتهم خارج أوقات العمل الرسمي، وأن تحظر استخدام أسلحتها لغير الهدف المخصص لها وهو حفظ النظام وإنفاذ القانون.
4.
يطالب السلطة بضرورة أن تشرع في العمل الجاد لتعزيز مبدأ سيادة القانون، عبر تفعيل دور القضاء واستقلاليته، وإعمال مبدأ الفصل بين السلطات بما يعزز من دور القضاء ويعزز ثقة المواطنين فيه.
5.
ضرورة أن تبادر الأحزاب السياسية وفصائل وتشكيلات المقاومة المسلحة إلى الحدّ من انتشار الأسلحة بين صفوف أعضائها، والتأكد من استخدام هذه الأسلحة لغرض مقاومة الاحتلال فقط، وجمعه بقية الأوقات، والأهم من ذلك هو احترام الأحزاب نفسها للقانون والعمل على تطبيقه جنباً إلى جنب مع السلطة الوطنية.
6.
ضرورة أن تبادر السلطة الوطنية بالتعاون والتكاثف مع المؤسسات غير الحكومية والأحزاب السياسية إلى إطلاق حملات توعية وإرشاد بشكل واسع ومكثف، لتعريف المواطنين بخطر استمرار ظاهرة الفلتان الأمني على مستقبل الأراضي الفلسطينية.
انتهـــى