منذ نكبته عام 1948، وشتات أبنائه داخل أرضهم وخارجها، لم ينعم الشعب الفلسطيني بالاستقرار والأمان إلا لفترات متقطعة ومحدودة طوال أكثر من 60 عاما متواصلة، فقد مر أبناء الشعب الفلسطيني طوال هذه الفترة بعدد من المحطات التاريخية التي تعرضوا خلالها لوقائع فرضت على معظمهم تغيير نمط حياتهم والانتقال من مكان إلى آخر وفقدان مصادر رزقهم.
حتى مع توقيع اتفاقية أسلو وإنشاء السلطة الفلسطينية في الأراضي الفلسطينية عام 1994 تسارعت وتيرة الاستيطان ومصادرة الأراضي الفلسطينية خصوصا في الضفة الغربية بما فيها القدس، واستمرت هذه الممارسات وزادت حدة بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 وما صاحبها من اجتياحات إسرائيلية متكررة طالت كافة المدن والقرى الفلسطينية وألحقت دمارا كبيرة في المساكن والبنى التحتية علاوة على تجريف آلاف الدونومات من الأراضي الزراعية، مرورا بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة (كانون أول/ديسمبر 2008 – كانون ثاني/يناير 2009)، والذي خلف دمارا هائلا طال كل شيء، المنازل والبنى التحتية والورش الصناعية والمحال التجارية والأراضي الزراعية، واستمرارا إلى غاية تاريخ إعداد هذا التقرير حيث تواصلت الاعتداءات الإسرائيلية ولم تنقطع.
إن الشعب الفلسطيني ربما هو من أكثر الشعوب التي عانت من التهجير والنزوح القسري في العالم، فلم يسبق أن تعرض شعب بكامله تقريبا لعملية إجلاء وانتزاع من أرضه التاريخية التي لم ينقطع تواجده عليها منذ البدايات الأولى للحضارة البشرية.
ورغم انتشار الفلسطينيين بعد النكبة في أربعة جهات الأرض فيما بات يعرف بالشتات، إلا أن حالة فقدان الشعور بالأمان والاستقرار رافقتهم في معظم مناطق شتاتهم، وكأن عام 1948 كان نقطة انطلاق لنكبة لم تنته فصولها بعد.
 سيحاول هذا التقرير أن يقدم استعراضا شاملا للتهجير أو النزوح القسري الذي واجهه الفلسطينيون خلال ما يقرب من عقد من الزمن، منذ عام 2000 ولغاية نهاية عام 2011 في قطاع غزة، وسيركز على العدوان الإسرائيلي على القطاع (الرصاص المصبوب)، الذي شهد تكثيفا غير مسبوق لاستهداف المدنيين والمناطق المدنية في القطاع.