بيانات صحفية
قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل تدمير التربة في سياق جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة
5 ديسمبر 2025
يصادف الخامس من كانون الأول/ ديسمبر من كل عام "اليوم العالمي للتربة" الذي أعلنته الأمم المتحدة، كوسيلة لتركيز الاهتمام على أهمية التربة الصحية والدعوة إلى الإدارة المستدامة لموارد التربة. وتحمل المناسبة هذا العام 2025، شعار "تربة سليمة لمدن صحية"، بهدف تسليط الضوء على أهمية إعادة التفكير في المساحات الحضرية من القاعدة إلى القمة، لبناء مدن أكثر خضرة ومرونة وصحة[1].
تأتي المناسبة هذا العام، في خضم جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، التي ألحقت خلالها تدميراً وضرراً بالغاً، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال الهجمات الحربية وعمليات التجريف وطمر مخلفات التدمير من كتل خرسانية، وتجريف الأراضي المزروعة وتدمير آبار المياه وشبكات الصرف الصحي التي تسهم في تلويث التربة والخزان الجوفي، وضررها على الهواء وصحة السكان. وبدوره يؤثر تدمير التربة على المياه والزراعة، حيث تستمر قوات الاحتلال بمهاجمة غزة بمختلف أنواع الأسلحة، والتفجيرات الضخمة التي تفتت التربة وتزيد من تسرب المياه الملوثة والمواد الكيميائية والسمية المصاحبة للقذائف والصواريخ، ما يسبب آثاراً متعددة تنعكس على السكان والواقع الزراعي وعلى مكونات البيئة كافة.
وتفيد المعلومات أن قوات الاحتلال استهدفت التربة سواء في المناطق العمرانية أو الزراعية، فكان حجم الضرر كبير جداً، ما ينعكس على نوعية التربة وجودتها مستقبلاً، وتضررت قطاعات الزراعة النباتية والحيوانية جراء إبادة التربة. وتعمدت تلك القوات استهداف الأشجار المعمرة والكبيرة مثل الأشجار المنتجة أو أشجار الكينيا والسرو وغيرها التي تحافظ على بقاء التربة وحيويتها. كما أثرت الحرب على التنوع البيولوجي في القطاع، إذ يتواجد ما بين 150 لـ 200 نوع من الطيور منها المتوطنة أو المهاجرة، بخاصة في منطقة وادي غزة، و20 نوعاً من الثدييات، و25 نوعاً من الزواحف، وتسببت آثار الإبادة سواء المباشرة أو غير المباشرة في القضاء عليها بشكل كامل، نتيجة للقصف والتدمير والتجريف والإزعاج البيئي[2].
وتدمر قوات الاحتلال التربة في قطاع غزة جراء القصف اليومي وإلقاء المتفجرات المختلفة والتجريف المستمر وتراكم أطنان الركام على التربة خاصة الزراعية، التي تسيطر على أغلبها حتى بعد إعلان وقف الحرب في أكتوبر 2025. وكشف تحليل جديد أصدرته منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (FAO) ومركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية (UNOSAT)، أن دماراً كبيراً للأراضي الزراعية والبنى التحتية الزراعية وقع في غزة، إذ دمرت حوالي 87% منها حتى أواخر أيلول/ سبتمبر 2025، مما يؤثر بشكل أكبر على قدرة غزة على إنتاج المحاصيل والثروة الحيوانية[3].
وتتضاعف معاناة المزارعين والعاملين في قطاع الزراعة بسبب الظروف التي فرضتها قوات الاحتلال، بسبب ما ألحقته بهم من أضرار مباشرة، نتيجة تدمير ممتلكاتهم ومحاصيلهم الزراعية، وعدم تمكنهم من الوصول إلى حقولهم ورعاية مزروعاتهم وجني المحاصيل، وعدم تمكنهم من سقايتها بالمياه ورعايتها بالأسمدة اللازمة، وعدم توفير الأعلاف اللازمة للحيوانات والطيور أو العقاقير البيطرية. كما طالت الهجمات الحربية الحقول والدفيئات الزراعية في مختلف المناطق، ما تسبب في تدمير المزروعات والتربة والمستلزمات الزراعية. وتضررت أوجه الزراعة الحيوانية ولحقت أضرار بالغة في مزارع الإنتاج الحيواني من مزارع الماشية كالأبقار والأغنام (اللاحمة والحلوب) أو مزارع الطيور كالدواجن (اللاحمة والبياضّة) والحبش، جراء القصف المباشر أو مزارع الأسماك.
ويشكل استهداف التربة مهدداً بيئياً خطيراً، نتيجة التدمير المتعمد والممنهج، وتتزايد احتمالات تسرب المواد السامة، التي قد تحملها الأسلحة المستخدمة إلى التربة بشكل بطيء، ما قد يؤدي إلى تكوّن خليط كيميائي من مواد عضوية قابلة للذوبان ومكونات غير عضوية ومعادن ثقيلة، ومركبات عضوية غريبة، ينتج عنها تلوث للأراضي الزراعية والطبقة الجوفية والمياه، ما قد يلحق الضرر بسلسلة الغذاء وتجد طريقها إلى البشر.
وعليه؛ فإن مركز الميزان لحقوق الإنسان، يطالب:
1. بضرورة تحرك المجتمع الدولي لإنهاء جريمة الإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة، والتوصل إلى وقف نهائي للحرب، وحماية المدنيين وممتلكاتهم، وضمان إنهاء حالة الحصانة والإفلات من العقاب لمرتكبي الجرائم من الإسرائيليين، وتطبيق قرارات الشرعية الدولية ومحكمة العدل الدولية.
2. الدول ولاسيما الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة بالضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي من أجل وقف إبادة التربة ومكونات البيئة الفلسطينية في قطاع غزة، وإسعاف ما تبقى منها من خلال استمرار الاستجابة وتوفير الاحتياجات اللازمة.
3. الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية ذات العلاقة، لتشكيل وإرسال لجنة دولية مختصة للتحقيق في جريمة الإبادة البيئية، وتفحّص آثار الأسلحة المستخدمة في استهداف المناطق الزراعية والمناطق المكتظة بالسكان، وتأثيرها على التربة والمزروعات والمياه، وانعكاس ذلك على حياة الإنسان والحيوان.
4. المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بفتح تحقيق في الإبادة البيئية الحاصلة في قطاع غزة باعتبارها تُشكل جريمة حرب بموجب الفقرتين (4/أ) و(2/ب) من المادة (8) الواردة في نظام روما المنشئ للمحكمة.
انتهى
[1] الأمم المتحدة، اليوم العالمي للتربة، الرابط: https://www.un.org/ar/observances/world-soil-day .
[2] لمزيد من المعلومات راجع تقرير أصدره مركز الميزان لحقوق الإنسان بعنوان: إبادة البيئة، بتاريخ 10/9/2024، الرابط: https://www.mezan.org/ar/post/46521 .
[3] الأمم المتحدة، تضرر نحو 87% من الأراضي الزراعية، 31/10/2025، الرابط: https://news.un.org/ar/story/2025/10/1143652 .