من يوميات الحرب
15 يناير 2010
رابط مختصر:
خلال عملية الرصاص المصبوب وفي انتهاك واضح للقانون الدولي الإنساني قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية وبصورة متعمدة بقصف البنية التحتية للحكومة، مثل مقرات الوزارات ومراكز الشرطة والسجن المركزي والمجلس التشريعي الفلسطيني.
وبذلك كانت تحوِّل في دقائق قليلة مبانٍ ضخمة ومجمعات حكومية إلى أكوام من الركام.
معظم هذه الوزارات تقع في وسط مناطق سكنية مكتظة بالسكان ومن بينها المنشآت الموجودة في حي تل الهوا في مدينة غزة بالقرب من مسكن عائلة الحداد.
وعندما اشتد القصف وإطلاق القنابل قررت عائلة الحداد أن تهرب من الحي وذلك يوم الخميس الموافق 15 كانون الثاني (يناير) 2009.
سلام الحداد، البالغ من العمر الآن (19 عاماً)، هرب من المنزل سيراً على الأقدام وذلك عند حوالي الساعة السابعة من صباح ذلك اليوم.
أما بقية الأسرة فقررت الانتظار إلى أن يحين وقت 'التهدئة الإنسانية'، التي بدأت في ذلك اليوم عند تمام الساعة 11 صباحاً.
ومع حلول فترة التهدئة قررت العائلة المغادرة واستقلوا سيارتهم وساروا مسافة 100 متر بعيداً عن المنزل، قصفت الطائرات الإسرائيلية سيارة العائلة بقذيفة يعتقد بأنها فسفور أبيض.
قتل والد سلام عدي، البالغ من العمر (55 عاماً)، ووالدته إحسان، البالغة من العمر (44 عاماً)، وشقيقه حاتم، البالغ من العمر (24 عاماً) وأخته ألاء، البالغة من العمر (14 عاماً).
أما محمد، البالغ من العمر (26 عاماً)، فقد أصيب بجراح بالغة ولكنه نجا من ذلك الاعتداء.
أجرى مركز الميزان لحقوق الإنسان مقابلة مع محمد وسأله عن كيفية تأقلمه بعد مرور عام على ذلك الاعتداء الذي أفقده أسرته.
العيش في جحيم 'تحول حيِّنا إلى جحيم' يوضح محمد مؤكداً أن هذا غير مبالغ فيه.
'كانوا يقصفون المساجد والبنايات السكنية والمنازل.
لم يتحمل سلام كل ذلك وترك المنزل عند حوالي الساعة السابعة صباحاً وذهب سيرا على الأقدام.
أما بقية أسرتي فقررت الانتظار حتى دخول فترة التهدئة حيز التنفيذ والتي بدأت في ذلك اليوم عند الساعة 11 صباحاً.
ركبنا السيارة وسرنا 100 متر فقط بعيداً عن المنزل عندما تعرضنا للقصف، ومن شدة الانفجار قذفت بعيداً خارج السيارة.
'.
بالرغم من إصابة محمود الخطيرة - فقد إحدى عينيه – لكنه عندما رأى السيارة تحترق وهو خارجها حاول أن يجري باتجاه السيارة لينقذ أهله.
أسرع أحد الجيران، ممن شاهدوا الحادث عبر نافذة منزله وسحب محمد بعيداً عن السيارة المشتعلة.
تمكن الجار من سحب محمد بعيداً وبعدها فقد محمد وعيه ونقل إلى المستشفى حيث استيقظ بعد عدة أيام.
'بقيت في مستشفى الشفاء حتى 13 كانون الثاني (فبراير) 2009 'يوضح محمد' فقدت عيني اليسرى وأصبت بحروق بالغة من الدرجة الثالثة في قدماي ويداي وجبهتي و كُسِرَ فكي.
قاموا بإجراء ثلاث عمليات لكي يزيلوا الجلد المحترق من جسدي وأزالوا ما تبقى من عيني اليسرى.
ثم ذهبت بعد ذلك إلى مستشفى أطباء بلا حدود لترقيع الجلد المحترق.
'.
محاولة الشفاء مكث محمد في منزل عمته لحوالي شهرين حتى تعلم كيف يمشي من جديد.
وتم إعداد عين زجاجية تتناسب مع وضع العين اليسرى لمحمد ولكنه بحاجة إلى المزيد من العمليات الجراحية المعقدة والتي لا تتوفر في مستشفيات قطاع غزة.
يأمل محمد بالسفر إلى الخارج لتلقي العلاج ولكن الأطباء أخبروه بأن جسمه ضعيف ولا يقدر على رحلة السفر في ضوء التأخيرات المطولة التي يواجهها الفلسطينيون على المعابر عند محاولتهم مغادرة القطاع.
لا يزال محمد لا يفهم لماذا قصفت أسرته.
'نحن لسنا مقاتلين' يقول محمد ' كان والدي مدير بنك وأخي طالب جامعة وأمي ربة منزل وأختي ألاء كانت مجرد طفلة.
إن الإسرائيليين أنفسهم هم من أعلنوا عن فترة وقف إطلاق النار وليس نحن.
لماذا قصفونا؟ دائما يتحدث الإسرائيليون عما حدث لهم في المحرقة النازية.
وأعرف أن الأوربيون يشعرون بالذنب تجاههم.
لكن الإسرائيليين أحرقوا عائلتي حتى الموت أمام عيني.
لماذا لا يهتم أحد بذلك؟'.
العودة إلى المنزل بالنسبة لمحمد كان من بين الأشياء الأكثر صعوبة عليه هو العودة إلى المنزل.
'بقيت في منزل عمتي حتى شهر أبريل.
كنت خائفا من العودة إلى المنزل.
في المرات الأولى حاولت ولكني لم أستطع الدخول إلى المنزل.
كنت ألف بالسيارة حول المنزل.
حتى الآن من الصعب علي البقاء هنا.
لا أزال أتوقع قدوم والديّ وأخي وأختي.
لقد تغيرت حياتي بشكل كبير.
كنت أعتمد على والدي في كل شيء.
كنت طالب جامعي وكنت لا أتحمل مسؤولية أي شيء.
أما الآن فأنا مسئول عن كل شيء، مسئول عن البيت وعن أخي الأصغر مني.
'.
كذلك فقدت عائلة الحداد مدخراتها نتيجة لذلك الهجوم.
'كان والدي قد باع قطعة أرض لنا وبسبب الاعتداء (عملية الرصاص المصبوب) لم نتمكن من إيداع الأموال في البنك.
واحترقت الأموال مع عائلتي في السيارة.
'