بيانات صحفية

جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية تتصاعد في قطاع غزة، مطلوب وقف فوري للهجوم العسكري وضمان إخراج الجثامين من تحت الأنقاض والشوارع  

    شارك :

13 نوفمبر 2023

تدين مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، بأشد العبارات مواصلة قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتراف جريمة الإبادة جماعية، واستهدافها الممنهج للمستشفيات والتعطيل المتعمد لخدمات الطوارئ والإسعاف في قطاع غزة لليوم الـ 38 على التوالي، وسط دعم مباشر وغطاء أميركي وأوروبي وعجز المجتمع الدولي عن إيقاف الفظائع المروعة.

وتتابع مؤسساتنا - المركز الفلسطيني لحقوق الإنساني، ومركز الميزان، ومؤسسة الحق- بصدمة واستهجان شديدين ما يجري منذ  أسابيع وتكثف خلال الأيام الثلاثة الماضية، حيث تفوق الأوضاع وصفها بالكارثية في مدينة غزة تحديدًا، بعد تعمق الهجوم الإسرائيلي في الجزء الغربي من مدينة غزة مع تصاعد وتيرة القصف عبر الجو والبر والبحر، وما ترتب على ذلك من توقف خدمات الإسعاف والطوارئ والدفاع المدني، لعدم قدرتهم على التحرك أو الوصول للمنازل التي تقصفها طائرات الاحتلال على رؤوس قاطنيها.

يأتي ذلك بالتوازي مع خروج مجمع الشفاء الطبي عن الخدمة بعد انقطاع الكهرباء ونفاد الماء والطعام، وحصاره من دبابات الاحتلال وتكرار قصفه عبر الجو والمدفعية ما تسبب باستشهاد 20 من المرضى داخله، مع خطر موت يحدق بـ 36 طفلا من الأطفال الخدج وعشرات المرضى بمن فيهم من كانوا بغرف العناية المركزة بعد توقف أجهزة دعم الحياة، فيما لا يزال داخله عدة آلاف من النازحين/ات والمئات من الطواقم الطبية. ولا تزال هناك عشرات الجثث في ساحة المجمع الطبي وداخله ولا تسمح سلطات الاحتلال بإخراجها أو دفنها.

وتلقت طواقمنا، شهادات متواترة عن تعرض العديد من المنازل السكنية والأحياء المدنية للقصف المباشر في  غزة، خاصة محيط مجمع الشفاء الطبي وفي حي النصر، ما أدى لاستشهاد العشرات منهم وإصابة آخرين، دون أن يتمكنوا من الانتقال للمشافي، في حالة تكاد تكون غير مسبوقة في التاريخ الحديث.

وخلال إعداد هذا البيان، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني أن الآليات والدبابات الاسرائيلية تتمركز في محيط مستشفى القدس من جميع الجهات وسماع أصوات قصف متواصلة في ظل التحضيرات لإخلاء المستشفى بما يشمل مرضى وجرحى ومرافقيهم والكوادر الطبية.

 وتشير هذه المعطيات إلى أن كل مستشفيات مدينة غزة أخرجت عن الخدمة باستثناء عمل جزئي للمستشفى الأردني الميداني، والمستشفى المعمداني، حيث تصلهما بعض الحالات مشيًا على الأقدام أو على عربات تجرها حيوانات (كارو).

ووفق أحدث إحصائية حكومية، فقد أخرجت 22 مستشفى من أصل 35 و47 مركزا صحيا للرعاية الأولية عن الخدمة في قطاع غزة بفعل تعرض مقراتها أو محيطها إلى هجمات جوية ومدفعية إسرائيلية ونفاد الوقود اللازم لتشغيل مولداتها.

كما تابعت مؤسساتنا شهادات عن استخدام قوات الاحتلال العديد من السكان المدنيين/ات كدروع بشرية أمام الدبابات بعد إخراجهم من منازلهم والتنكيل بهم واعتقال الشبان وتعريضهم للضرب والتعذيب والمعاملة الحاطة بالكرامة.

وتشير مؤسساتنا إلى أن وزارة الصحة توقفت منذ ثلاثة أيام عن إصدار تحديثات لإحصائية الضحايا، نتيجة عدم قدرة إدارتها على متابعة باقي المستشفيات بسبب قطع الاتصالات والإنترنت بمجمع الشفاء الطبي، ولوجود أعداد كبيرة من الضحايا لم تتمكن طواقم الإنقاذ من انتشالهم من تحت الأنقاض أو الشوارع.

وحسب آخر إحصاءات صادرة عن الجهات الحكومية في غزة، ارتفعت حصيلة العدوان الإسرائيلي حتى مساء أمس الأحد، على قطاع غزة، إلى (11,180) شهيداً، بينهم (4,609) أطفال، و(3,100) سيدة، منذ 7 أكتوبر الماضي.

كما أن عدد المفقودين ارتفع إلى (3,250)، منهم 1700 طفل ما زالوا تحت الأنقاض، فيما بلغ عدد الشهداء من الطواقم الطبية (198) ما بين طبيب وممرض ومسعف، كما استشهد (20) من رجال الدفاع المدني، واستشهد أيضا (49) صحفيا/ة.

وتلقت طواقمنا شهادات عن معاناة آلاف النازحين/ات بمراكز الإيواء في شمال غزة وتعرض بعضها للقصف مع عدم توفر أبسط مقومات الحياة من ماء وطعام، إلى جانب استمرار قصف المنازل على رؤوس قاطنيها، والتدمير الواسع الذي يرافق التوغل البري.

ولا يزال عشرات الآلاف من السكان المدنيين/ات عالقين في غزة ومحافظة شمال غزة ولم يتمكنوا من الحركة وتعرضوا للقصف أثناء محاولتهم الفرار، وهناك شهادات عن عشرات الجثث لأطفال ونساء ورجال على الطرق، حاولوا المغادرة في الاوقات ومن خلال الممرات التي حددتها قوات الاحتلال.

ورغم تحديد قوات الاحتلال  مناطق جنوب وادي غزة كمناطق آمنة، تستمر تلك القوات في قصف العديد من المنازل على رؤوس ساكنيها، وركزت في قصفها أمس الأحد 13 تشرين الثاني/نوفمبر2023 على قصف العديد من منازل السكان في خانيونس، ما أدى إلى استشهاد نحو 50 فلسطينيا/ة، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وعدد منهم من النازحين/ات من شمال غزة أو من المدينة، خلال 24 ساعة فضلا عن عشرات المصابين/ات وعدد من المفقودين/ات.

وما تزال أوضاع مراكز الإيواء في هذه المناطق مزرية ويعيش فيها مئات الآلاف في ظروف غير إنسانية، إذ أن كل مركز (مقام في مدرسة للأونروا أو الحكومة) يضم آلاف النازحين/ات، لا تتوفر لهم أبسط الاحتياجات، علما أن أكثر من 1.5 مليون فلسطيني باتوا نازحين/ات قسريا عن منازلهم.

وتحذر مؤسساتنا من تفاقم إضافي للأوضاع مع قدوم الشتاء، خاصة في مراكز الإيواء، وكذلك الخيام التي أقامها مواطنون/ات قرب منازلهم المهدمة، ما ينذر بإمكانية الغرق وانتشار أمراض وأوبئة.

كما أن هناك آلاف النازحين/ات والسكان المقيمين في منازل يعيشون ظروفًا بائسة مع نفاد المواد التموينية والبضائع من الأسواق، والمعاناة اليومية لتأمين المياه وحد أدنى من الطعام.

وتعاني المستشفيات القليلة المتبقية في الخدمة بما فيها وسط قطاع غزة وجنوبه من نقص الوقود وتكدس الجرحى علاوة على تكدس آلاف النازحين/ات داخلها وفي ساحاتها وأقسامها وممراتها، وكذلك نقص حاد في الدماء والأدوية والمستلزمات الطبية.

تعيد مؤسساتنا التأكيد أن جريمة الإبادة الجماعية الجارية وعمليات التطهير العرقي تتطلب تدخلاً عاجلاً، لجهة ذات قرار لوقف الهجوم العسكري وإطلاق النار، ووضع حد للجرائم الخطيرة التي تقترفها إسرائيل.

ونؤكد أن هذا التدخل يجب أن يكون مصحوباً بدخول الوقود والمساعدات الإنسانية، بما في ذلك المياه والغذاء والإمدادات الطبية، دون أي معوقات، ليتم توزيعها في جميع أنحاء قطاع غزة بأكمله للتخفيف من وطأة الكارثة الإنسانية المستمرة الناجمة عن سياسات العقاب الجماعي الإسرائيلية ضد السكان المدنيين/ات في غزة.

وتطالب اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالعمل على التحرك الجاد وتأمين وصول طواقم الإسعاف للمنازل المستهدفة والضحايا في مدينة غزة ونقلهم للمشافي، والعمل على إنقاذ الأطفال والمرضى والنازحين/ات في مجمع الشفاء الطبي.

كذلك يطالب المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، للسماح بالنقل الفوري وغير المشروط للمرضى من غزة لتلقي العلاج الطبي، بما في ذلك العلاج المنقذ للحياة، لا سميا أن سلطات الاحتلال تواصل منع نقل الجرحى من شمال غزة ومدينة غزة بعد فصلهما عن وسط القطاع.

ونؤكد موقفنا بأن هذه الجرائم والفظائع يجب أن تنتهي فوراً وأن لا تتكرر، وأن على المجتمع الدولي ضمان تفكيك نظام الفصل العنصري الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي، بشكل يمكّن  الشعب الفلسطينيي من ممارسة حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير بشكل كامل.