تقارير و دراسات

واقع المصارف في فلسطين ودورها في تنمية الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية

    شارك :

1 ديسمبر 2007

يعتبر القطاع المصرفي من أهم القطاعات الاقتصادية، حيث لا يتصور حدوث عملية تنمية اقتصادية حقيقية في غياب دور فاعل لهذه المصارف، فالمصارف تلعب دور الوسيط المالي بين المستثمرين والمدخرين، كما تقوم بتقديم العديد من الخدمات المالية والمصرفية الأخرى التي تساعد على تسهيل العمليات التجارية في البلاد وتسرع وسائل الدفع والشراء، وتسهل عملية تسوية الاستيراد والتصدير، وبشكل عام تعمل على تسهيل النشاط الاقتصادي وزيادة كفاءته وتسريع نموه.
ولعل أهم مدخل اقتصادي يقدمه القطاع المصرفي هو التمويل، فالتمويل مدخل اقتصادي يساهم في العملية الإنتاجية لكافة القطاعات الاقتصادية المختلفة، وهو الذي يساعد على إنشاء المشروعات الجديدة، و توسيع وتطوير المشروعات القائمة، ما ينعكس إيجابا على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
يعتبر الجهاز المصرفي في الأراضي الفلسطينية وليد تطور تاريخي اتسم في البداية بالضعف والتشوه في هيكله ونشاطه نتيجة الظروف السياسية التي مرت بها فلسطين، ما أصبح هناك ضرورة ملحة لوجود جهاز مصرفي قوي قادر على أداء دوره في تنشيط متطلبات العمل المالي والمصرفي بما ينعكس إيجابا على الاقتصاد الفلسطيني وعجلة التنمية والذي من المفترض أن تعود بالخير الوفير على المواطنين وترفع من مستوى معيشتهم و تحسن أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية، وقد قامت السلطة الوطنية الفلسطينية ممثلة بسلطة النقد الفلسطينية بإعادة بناء النظام المصرفي، ليصل عدد المصارف التي تعمل في العام 2007 إلى 21 مصرفا وعدد الفروع والمكاتب (153) فرع، بينما عند تشكيل سلطة النقد الفلسطينية في العام1994، لم يكن سوى مصرفين وطنيين لهما (14) فرعا فقط.
إلا أن القطاع المصرفي لم يكن بمنأى عن التأثير السلبي للإجراءات الإسرائيلية التي تفرضها على الأراضي المحتلة منذ اندلاع انتفاضة الأقصى والتي ألحقت أضرارا فادحة بمختلف القطاعات الاقتصادية بما فيها القطاع المصرفي الذي تراجعت موجوداته.
ومع فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية في يناير 2006 وتشكيلها الحكومة نهاية آذار من نفس العام، واجه الفلسطينيون حصار مالي واقتصادي لا سابق له، حيث قام المجتمع الدولي بتجميد المساعدات المقدمة للسلطة الوطنية الفلسطينية، كما وامتنعت اسرائيل عن تسديد أموال المقاصة المستحقة للفلسطينيين، مما حال دون قدرة السلطة على دفع رواتب الموظفين لديها.
ورغم تقديم عدد من الدول لاحقا مساعداتها للفلسطينيين إلا أن ذلك لم يمكن الحكومة من تسديد رواتب الموظفين سيما مع امتناع المصارف في بادئ الأمر وتحت الضغوط الأمريكية، من إدخال الأموال وصرفها لهم.
ولعل من أهم التطورات في هذا المضمار أيضا قرار بعض المصارف وقف تقديم كافة القروض والمنح التي تعطى للموظف أو الراغب في الاقتراض بسبب تفاقم الأزمة المالية في ظل تأخر صرف رواتب الموظفين، حتى بعد قيام المصارف في وقت لاحق بادخال الأموال وصرف الرواتب للموظفين فهي لاتزال متمسكة بقرارها بعدم تقديم القروض والمنح للموظفين العموميين حتى بعض انتظام الرواتب بعد سيطرة حركة حماس على قطاع غزة، وذلك لأسباب تتعلق بالأمان فيما يتعلق بصرف الرواتب.
هذه الإجراءات كان لها عظيم الأثر على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين والتي سنتناولها بوضوح من خلال هذا التقرير.