بيانات صحفية

الأحوال الجوية القاسية تفاقم من الأزمة الإنسانية في قطاع غزة وسط الحصار والتدمير الشامل للبنية التحتية

مركز الميزان يطالب بتدخل دولي عاجل لإنقاذ حياة سكان قطاع غزة

    Share :

13 desember 2025

تفاقمت الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق في قطاع غزة جراء المنخفض الجوي القطبي (بيرون)، الذي ضرب القطاع مساء الأربعاء وبدأ يتطور بصورة أكثر حدة وسط غياب شبه كامل للبنية التحتية والخدمات الأساسية، التي دمرتها آلة الحرب الإسرائيلية في سياق حرب الإبادة الجماعية، وأدى إلى غمر مساحات واسعة بالمياه العادمة واختلاطها بمياه الأمطار، وتسبب في غرق عدد كبير من خيام النازحين، وسقوط عدد من المنازل المدمرة جزئياً على ساكنيها، وتعطلت عمليات الإغاثة بسبب صعوبة وصول طواقم الطوارئ إلى المناطق المتضررة، وزادت فيه أعداد الوفيات.

وفي الوقت نفسه، يفتقر سكان القطاع، لا سيما المهجرين قسرياً داخل الخيام، لوسائل التدفئة والمواد العازلة داخل خيامهم المتهالكة، وتواجه المستشفيات ضغطاً شديداً نتيجة ارتفاع أعداد المصابين بحوادث الانهيار والبرد، إضافة إلى النقص الحاد في الأدوية والمستلزمات الطبية جراء استمرار الحصار، ما يزيد من خطر تفاقم الوضع الصحي للسكان جراء البرد والتعرض للرياح، وانتشار الأمراض في المخيمات المكتظة.

أفاد المهندس أحمد سهيل أبو عبدو، استشاري دولي في التغير المناخي حول المنخفض " سجل هطول يتجاوز 100 ملم من الأمطار على قطاع غزة ومن المتوقع أن يصل إلى 120 ملم، وهو ما يشكل ربع المعدل السنوي للموسم خلال فترة قصيرة جدًا، إضافة إلى تسجيل هَبّات رياح تجاوزت 45 كم/ساعة وارتفاع كبير في الأمواج، مع موجات برد قارسة أثّرت بشكل مباشر على الأطفال والمرضى وكبار السن، وتأتي هذه الظروف الجوية قبل 10 أيام فقط من بدء فصل الشتاء رسميًا، ما يؤشر إلى موجات مناخية أكثر شدة مرتبطة بتغيّر المناخ العالمي، الذي تتضرر منه بشكل خاص الدول الهشّة والمتضررة من الحروب مثل قطاع غزة. كما أن هناك تحذيرات حول شدة المنخفضات الشتوية القادمة وتأثيرها على المدنيين في مناطق النازحين خاصة في ظل تضرر البنية التحتية بفعل الحرب، ويجب توفير ملاجئ آمنة مقاومة للبرد والمطر بديل عن الخيام، وفتح ممرات إنسانية عاجلة لإدخال الإغاثة الشتوية، وإجراء تقييم هندسي عاجل للمباني والتربة لتقليل خطر الانهيارات والانجرافات".

وبحسب وزارة الصحة الفلسطينية، فقد تسبب المنخفض الجوي حتى الآن في ازدياد عدد الوفيات في قطاع غزة جراء البرد القارص، حيث وصلت حصيلة الوفيات إلى (12) ضحية، وما زال العدد مرشح للازدياد، ويزداد تأثير البرد القارص بالدرجة الأولى على الأطفال، إذ توفيت طفلة الرضيعة رهف أبو جزر بسبب البرد القارس في مدينة خان يونس، ورضيع آخر في مخيم الشاطئ. في حين لا تزال تتخطى الأرصدة الصفرية من الأدوية والمستهلكات الطبية مستويات كارثية، 52% من قائمة الأدوية الأساسية، و71% من قوائم المستهلكات الطبية، و70% من المستهلكات المخبرية.

وتسبب المنخفض الجوي حسب الدفاع المدني الفلسطيني، في انهيار نحو (13) منزلاً، آخرها صباح يوم الجمعة، إذ سقط حائط كبير على خيام النازحين في محيط متجر "تاج مول" غرب مدينة غزة، ما أدى إلى وفاة مواطن وإصابة آخر بإصابات خطيرة، وأيضاً جرى نقل إصابات واخلاء سكان منزل يؤوي نازحين أثر انهيار جزئي في سقفه غرب منطقة " بير النعجة" بجباليا، وإجلاء سكان منزل بسبب انهيار مدخل بناية لعائلة درابيه بحي الشيخ رضوان، كما تلقى الدفاع المدني 4300 نداء استغاثة من المواطنين في قطاع غزة، وتضرر بشكل مباشر أكثر من ربع مليون نازح بفعل مياه الأمطار والسيول والانهيارات التي جاءت على خيامهم المهترئة.

أفاد المواطن أمجد داود، أب لطفلين، نعيش أنا وأسرتي على سطح منزل عائلتي المهدد بالسقوط في أي لحظة بعد عودتنا من جنوب قطاع غزة، ومع اشتداد الأمطار والرياح الذي أدى إلى سقوط حائط على الخيمة التي ننام فيها أعلى المنزل، وطارت الشوادر التي تغطي الخيمة من شدة الرياح، وسقطت بعض الحجارة على الخيمة وربنا نجانا من الموت، لا يوجد مكان آخر نذهب إليه.

وتقدر بعض المصادر عدد الخيام النازحين التي غمرتها المياه أو جرفتها السيول واقتلعتها الرياح الشديدة، وأمواج البحر المرتفعة خاصة في منطقة مواصي خان يونس جنوب قطاع غزة بحوالي 27000 خيمة، وحسب مجموعة المأوى يحتاج ما لا يقل عن 259 ألف عائلة فلسطينية، أي أكثر من 1.45 مليون شخص، إلى مساعدة طارئة في مجال الإيواء.[1]

أفاد المواطن (ج.م) من سكان مواصي خان يونس، وصلت المياه إلى داخل الخيمة رغم اتخاذنا كافة التدابير عند سماعنا أن هناك منخفض جوي شديد قادم، ولكن المنخفض كان شديد جداً ولم تتوقف الأمطار، استيقظنا صباح الخميس فجراً والمياه كانت قد دخلت الخيمة بكميات كبيرة، حملت الأطفال إلى خيمة أخي المجاورة، ونمنا فيها وكنا حوالي أربع عائلات، حتى نحمي الأطفال من البرد القارص، الأغطية والفرشات جميعها غرقت في المياه، المخيم الذي أسكن فيه تقريباً بكامله غرق من الأمطار.

وبسبب قلة الإمكانيات ومنع دخول المعدات والآليات الثقيلة إلى طواقم بلديات قطاع غزة، وفي ظل عدم وجود بنية تحتية بسبب التدمير الكامل لها في سياق حرب الإبادة الجماعية على قطاع غزة، تجد البلديات نفسها عاجزة عن فتح الطرق أو تصريف مياه الأمطار أو إزالة الأنقاض التي تعيق عمليات الإغاثة. كما تواجه طواقم الدفاع المدني صعوبات كبيرة في الوصول إلى المناطق المنكوبة بسبب تراكم الركام وارتفاع منسوب المياه، ما أدى إلى تأخر عمليات الإنقاذ وإجلاء العائلات.

صرحت أنجليتا كاريدا، المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المجلس النرويجي للاجئين " لدينا فرصة ضئيلة للغاية لحماية العائلات من أمطار الشتاء وبرده القارس" فبعد مرور أكثر من ثلاثة أسابيع على وقف إطلاق النار، كان من المفترض أن تتلقى غزة كمية كبيرة من مواد الإيواء، لكن لم يصل منها سوى جزء ضئيل مما هو مطلوب، يجب على المجتمع الدولي التحرك الآن لضمان وصول هذه المواد بسرعة ودون عوائق".[2]

مركز الميزان لحقوق الإنسان، إذ استمرار الإبادة الجماعية ومنع دخول الأدوية والمستلزمات الطبية والآليات الثقيلة ومعدات البنية التحتية والمساكن المؤقتة وغيرها من مستلزمات السكن للنازحين في قطاع غزة، خاصة في ظل فصل الشتاء واشتداد المنخفضات الجوية، فإنه يحذر من كارثة إنسانية متصاعدة مع استمرار الأحوال الجوية القاسية، ويؤكد الحاجة الملحة لفتح المعابر بشكل فوري لإدخال المعدات والمواد اللازمة لمعالجة آثار المنخفض الجوي وتوفير بيئة أكثر أماناً للنازحين، خاصة الأطفال والنساء وكبار السن، الذين يواجهون ظروفاً غير إنسانية تهدد حياتهم يومياً.

وعليه، يطالب مركز الميزان المجتمعَ الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه سكان قطاع غزة، والتحرك العاجل لضمان حماية المدنيين في ظل استمرار حرب الإبادة الجماعية، وسوء الأحوال الجوية، وضمان فتح المعابر بشكل فوري ودائم لإدخال مواد الإيواء والآليات الثقيلة والمستلزمات الطبية دون أي عوائق، وتسريع إعادة تأهيل البنية التحتية الأساسية، لإنقاذ الأرواح والتخفيف من حجم الكارثة الإنسانية المتصاعدة.