بيانات صحفية

الاحتلال يتجاهل محكمة العدل الدولية ويصدر أوامر تهجير جديدة تدفع باتجاه نكبة ثانية بحق الفلسطينيين

    شارك :

29 يناير 2024

29 يناير/ كانون الثاني 2024

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي هجومها العسكري الواسع على قطاع غزة، بما في ذلك جرائم القتل وإصدار المزيد من أوامر التهجير الساعية لتفريغ السكان الذين تبقوا في مدينة غزة، وذلك في إطار استمرارها ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، متجاهلة قرار محكمة العدل الدولية التي ألزمت دولة الاحتلال باتخاذ تدابير لمنع هذه الجريمة.

وتابعت مؤسسات حقوق الإنسان الفلسطينية، المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، مركز الميزان، ومؤسسة الحق التطورات الأخيرة التي جاءت بالتزامن مع دخول الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة يومه الـ 115 على التوالي، بما في ذلك مداهمة مدرسة تأوي نازحين ونازحات في حي تل الهوى غرب غزة فجر يوم الاثنين 29 يناير/كانون ثان الجاري، وقامت بقتل 13 من النازحين/ات والاعتداء على البقية وإجبارهم على الخروج.

ونشر جيش الاحتلال صباح اليوم الاثنين، على صفحة المتحدث باسمه على منصة اكس (تويتر)، خريطة وأوامر تهجير جديدة تسعى لتفريغ من تبقى من سكان ونازحين/ات في مدينة غزة، حيث طالب السكان المتواجدين غرب مدينة غزة في أحياء النصر والشيخ رضوان ومخيم الشاطئ والرمال الشمالي والجنوبي والصبرة والشيخ عجلين وتل الهوى بإخلاء مناطق تواجدهم بشكل فوري والانتقال من خلال شارع الرشيد (البحر) نحو مراكز الإيواء المعروفة في دير البلح.

وجاءت أوامر التهجير، بعد ليلة شهدت عودة مكثفة للغارات الجوية على العديد من المنازل في أحياء غزة، ما أدى إلى سقوط عدد كبير من الشهداء والجرحى بعضهم لا يزال تحت الأنقاض.

كما استمرت قوات الاحتلال في التهجير القسري للسكان والنازحين/ات من مخيم خانيونس بما في ذلك من هم داخل مراكز الإيواء في حي الأمل ومستشفى وجمعية الأمل ومجمع ناصر الطبي.

ووفق متابعة طواقمنا، فإن قوات الاحتلال أرسلت طائرة مسيّرة (كواد كابتر) تنادي عبر مكبرات بخروج من تبقى في المخيم ومستشفى ناصر إلى شارع البحر باتجاه الحاجز الذي أقامته تلك القوات خلال الأيام الماضية، ويفصل بين مخيم خانيونس والشارع المؤدي لمنطقة البحر، وبات هو المسار الوحيد للانتقال إلى المواصي أو رفح، بعد أن أحكمت قوات الاحتلال حصارها على مخيم خانيونس ووسط المدينة. 

وأعلنت جمعية الهلال الأحمر أن الطائرات المسيرة من نوع كواد كابتر التي تحمل مكبرات صوت قامت بالنداء على القاطنين في محيط مستشفى الأمل وحي الأمل بأن على من يسمع النداء الإخلاء فوراً إلى منطقة المواصي غربي خانيونس.

ومن شأن هذه الخطوة، الوقف التام لعمل مستشفى الأمل ومستشفى ناصر في خانيونس، والتي بها مئات المرضى والمصابين/ات وأفراد الطواقم الطبية، إضافة إلى الآلاف من النازحين/ات، وبذلك لا يتبقى غير 5 مستشفيات عاملة في جنوب قطاع غزة، وهي مستشفى غزة الأوروبي في خانيونس، ومستشفيات أبو يوسف النجار والاماراتي والكويتي في رفح وشهداء الأقصى في دير البلح، وجميعها تعمل بظروف صعبة؛ ومكتظة بالجرحى والنازحين/ات.

وخلال النزوح القسري عبر الحاجز، خلال الأيام الماضية، نكلت قوات الاحتلال بالمدنيين، واعتقلت العشرات من الشبان، وتسببت بانفصال أفراد عائلات عن بعضهم، ومنعت السكان أثناء نزوحهم من نقل أغراضهم وممتلكاتهم، الأمر الذي يفاقم من الصعوبات الحياتية التي يعيشونها، خاصة في الازدحام غير المسبوق في المواصي الشمالية غرب خانيونس، ورفح التي باتت تؤوي أكثر من 1.4 مليون نسمة في ظروف انسانية صعبة في ظل الاجواء الباردة والمطر الشديد وغياب مستلزمات الحياة وتوفر المأوى المناسب.                                                                  

وتعكس أوامر التهجير المتتالية، بما في ذلك سعي إسرائيل، الدولة القائمة بالاحتلال، إلى تفريغ مدينة غزة وخانيونس من سكانها الذين تبقوا فيها بعد 115 يومًا من الهجوم العسكري، تعرضوا خلالها للقصف والنزوح المتكرر. هذه الأوامر تؤكد أن دولة الاحتلال ماضية في تنفيذها لنكبة ثانية بحق الشعب الفلسطيني وتهجيره قسرًا في إطار جريمة الإبادة الجماعية ضده.

ويؤكد هذه النوايا، انعقاد مؤتمراً استيطانياً مساء أمس الأحد في مدينة القدس، حيث شارك فيه مجموعة من وزراء الاحتلال ونواب الكنيست للمطالبة بإعادة بناء المستوطنات في قطاع غزة ودفع سكان غزة إلى خارجها.

وعقد المؤتمر تحت عنوان" الاستيطان يجلب أمن وانتصار- نعود لقطاع غزة وشمال السامرة (الضفة الغربية)"، وقال خلاله وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير "إذا كنا لا نريد 7 أكتوبر آخر، علينا أن… نسيطر على المنطقة"، مضيفا أن على إسرائيل أن "تشجع الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من غزة".              

يأتي تنظيم المؤتمر بعد قرار محكمة العدل الدولية متجاهلا قراراتها التي طالبت الاحتلال باتخاذ كافة التدابير لوقف أعمال الابادة الجماعية، وتفاقم تدهور الوضع الانساني في قطاع غزة.

وتؤكد مؤسساتنا، أن ما تقترفه قوات الاحتلال من جرائم وتدمير شامل لكل مقومات الحياة في قطاع غزة، مما يجعله غير قابل للحياة، وذلك بالإضافة إلى دفع مئات آلاف السكان للتجمع في مساحة محدودة، مع استمرار الهجمات الجوية فيها، وهذا يأتي في إطار التهجير القسري والدفع نحو نكبة ثانية بحق الشعب الفلسطيني. 

وتعيد مؤسساتنا التحذير بأن التهديدات الإسرائيلية المتصاعدة بشن هجوم عسكري على رفح في المرحلة القادمة يضع مخاطر جدية على حياة مئات آلاف السكان، ويعيد المخاوف من إعادة طرح مخطط تهجير السكان خارج قطاع غزة، مع الرفض الإسرائيلي لعودة السكان إلى شمال غزة، بل والبدء بتفريغ السكان وإجبار المزيد ممن بقى هناك على النزوح للجنوب.

ويأتي كل ذلك، مع استمرار قوات الاحتلال منذ أسابيع في تدمير ممنهج لجميع المنازل والمباني في نطاق يتراوح بين 1 إلى 1.5 كم عن السياج الأمني شرق وشمال قطاع غزة، بدعوى إقامة منطقة عازلة، وهو ما أعلنته رسميا دولة الاحتلال، وهو ما يعني اقتطاع ما يقارب من 15 % من مساحة قطاع غزة، والتي تضم آلاف المنازل، وآلاف الدونمات الزراعية التي يعتمد عليها القطاع في توفير احتياجاته من خضروات وبعض أنواع الفواكه.هكذا مصادرة للأرض سيكون لها تداعيات كارثية على الحياة في قطاع غزة من ناحية التقليل للمناطق الزراعية التي يعتمد عليها السكان للانتاج الزراعي وتقليل مساحة القطاع المكتظة أساسا بالسكان. 

ووفق آخر تحديثات لوزارة الصحة بغزة، فإن معدل القتل اليومي الإسرائيلي للسكان الفلسطينيين/ات شهد ارتفاعًا بالأيام الماضية، حيث بات المعدل اليومي هو 170 شهيدًا/ة يقتلهم الاحتلال يومياً، في حين أن هذه النسبة انخفضت خلال فترة انعقاد المحكمة إلى نحو 135 شهيدًا/ة يومياً. 

وارتفعت حصيلة الضحايا منذ 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي حتى ظهر 28 يناير/كانون الثاني إلى 26422 شهيدًا/ة، و65087 إصابة، 70 % من هؤلاء هم من الأطفال والنساء. ولا تشمل إحصاءات الشهداء نحو 7 آلاف مفقود/ة يعتقد أن غالبيتهم تحت الأنقاض وفي الشوارع، لم تتمكن الطواقم الطبية من انتشالهم، ما يعني أن العدد الحقيقي للضحايا هو أعلى بكثير من المعلن عنه رسمياً.

تحث مؤسساتنا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته ووضع آليات تنفيذية فورية لقرار محكمة العدل الدولية، المتعلق باتخاذ تدابير تضمن عدم استمرار دولة الاحتلال في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية، وحماية المدنيين/ات والأعيان المدنية.

وتجدد مؤسساتنا مطالبتها للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بالتسريع في اتخاذ إجراءات عملية لإنجاز التحقيق في الجرائم المرتكبة، بما فيها جرائم القتل الجماعي ضد المدنيين ومن ضمنهم النساء والأطفال، وتهجيرهم القسري وإظهار الحقيقة والمضي بالخطوات اللاحقة، وخصوصًا، أن الضحايا في فلسطين طال انتظارهم للعدالة والانصاف .

ونطالب المجتمع الدولي بالتحرك الجاد والفوري لوقف الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وإلزام إسرائيل القوة القائمة بالاحتلال بالتوقف عن سياسة استهداف المدنيين/ات والأعيان المدنية كأداة انتقام وعقاب وضغط سياسي، واتخاذ إجراءات فعالة لضمان المساءلة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية المحتلة.

كما ونطالب المجتمع الدولي بإن يضمن إنهاء الاحتلال وتفكيك الاستعمار الاستيطاني ونظام الفصل العنصري الإسرائيلي، وإلغاء جميع القوانين والسياسات والممارسات التمييزية واللاإنسانية ضد الشعب الفلسطيني بأكمله، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير المصير والعودة دون قيد أو شرط.