إفادات
14 سبتمبر 2020
رابط مختصر:
يسري يبلغ من العمر (21 عاماً) أعزب، صاحب بسطة لبيع الملابس في حي الشيخ رضوان في محافظة غزة، وهو المعيل الوحيد لوالديه وثلاثة إخوة، وحول الظروف المعيشية بعد انتشار الجائحة في غزة يحدثنا:
أنا الابن الأكبر لوالدي
، وأنا الوحيد الذي يعمل في الأسرة المكونة من 6 أفراد، أربعة منهم من الأطفال، كان والدي يعمل سائق أجيراً في نقل المياه المفلترة لدى أحد أصحاب سيارات بيع المياه، ولكن وبسبب ظروفه الصحية توقف عن العمل منذ ثلاث سنوات، حيث خضع لعمليتي غضروف في الظهر، ولا يستطيع الآن القيادة، وقتها لم يكن أمامي خيار سوى البحث عن فرصة عمل لإعالة أسرتي، مع العلم أني نجحت في مرحلة التوجيهي، ولكن ظروف أسرتي أجبرتني للتخلي عن التعليم العالي والبحث عن فرصة عمل، لقد عملت في أكثر من حرفة، في محل لتصنيع نوافذ المنازل، وعملت سائق أجرة، وبائع خضار، وكلها كانت أعمال شاقة وكان مردودها ضعيف لا يتجاوز 20 شيقل يومياً ولا يغطي نفقات أسرتي، إلى أن توجهت لبيع الملابس الجاهزة قبل حوالي عامين، حيث فتحت بسطة في الشارع الأول في حي الشيخ رضوان، وكنت أبيع فيها الملابس الداخلية وملابس الأطفال وبعض الزينة للأطفال والنساء، في البداية كان المردود ضعيف، ومع الوقت ومع اكتساب سمعة جيدة، أصبح لي عدد لا بأس به من الزبائن وخاصة من النساء، وكان دخلي اليومي يتراوح ما بين 40 إلى 70 شيقل، وفي الأعياد والمناسبات كان يتجاوز دخلي اليومي حاجز الـ 150 شيقل، هذا المدخول كان يكفيني أنا وأسرتي إلى حد ما، على الأقل لم نكن نستدين من أحد، وبحسب الدخل اليومي كنا نوازن مصاريفنا، وبالنسبة لي لم تكن لي مصاريف شخصية تقريباً، فأنا لست مدخن، ولا توجد لي ميول للسهر والذهاب في رحلات، كنت فقط أوجه كل طاقتي للعمل، وكنت أطمح وأحلم في أن يكون لي محل اكسسوارات وملابس داخلية، ومنذ العام الحالي 2020، عقدت العزم على ادخار جزء من مدخولي اليومي من أجل تحقيق حلمي، وبالفعل بدأت في الادخار واستطعت جمع مبلغ 2800 شيقل، وكنت سعيداً جداً وأنا في طريقي لتحقيق حلمي، وكنت لا أنام الليل وأنا أفكر في شكل المحل وديكوره، وكيف سأصنع لنفسي دعاية جيدة تجلب الزبائن، وكيف سأساعد أسرتي وأنتشلها من ضنك العيش، إلى أن تفاجأت بخبر انتشار مرض كورونا في المجتمع في قطاع غزة، وفرض حظر التجول، وبالأخص على منطقتنا منطقة الشيخ رضوان التي سجلت إصابات عديدة، بقيت في المنزل ككل الناس، وفي ظل عدم وجود دخل، رحنا نصرف من المبلغ الذي ادخرته، وكنت أعتقد وقتها أن الحظر قد يستمر لعدة أيام فقط، ولكن بعد أن دخل الحظر أسبوعه الثالث، فإن المبلغ الذي كنت قد ادخرته قد شارف على النفاذ، لم يبقى معي سوى 400 شيقل، وإذا استمر الحال على ما هو عليه سأتجه للاستدانة، وهذا يعني أني لم أفقد حلمي فقط، بل من الممكن أن أفقد بسطتي التي نعتاش منها لكي أسدد ديوني، أهلي لا يملكون شيء سوى مواساتي، حتى أنهم أصبحوا يرفضون شراء إلا الضروري جداً حتى اللحوم والدواجن أصبحوا يرفضون شراءها، في محاولة منهم للتخفيف عني، لا أعرف إلى ماذا ستؤول إليه الأمور، ولكني أبقى وحيداً أغلب الأيام في المنزل وأنا أفكر وأبكي في بعض الأحيان وأدعو الله أن يلطف بنا.