17 يناير 2010
قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي مدرسة المشروع للبنين (مدرسة بيت لاهيا التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين) شمال غزة بقنابل الفسفور الأبيض وذلك عند حوالي الساعة السادسة من صباح يوم السبت الموافق 17 كانون الثاني (يناير) 2009.
وكانت وكالة الغوث الدولية قد حوَّلت المدرسة إلى ملجأ لإيواء من أجبروا على ترك منازلهم ومناطقهم السكنية تحت القصف الإسرائيلي.
وفي الخامس من كانون الثاني (يناير) 2009.
فقدت نجود الأشقر، البالغة من العمر (30 عاماً)، أبنائها بلال، البالغ من العمر (5 سنوات)، ومحمد، البالغ من العمر (3 سنوات)، وهي الآن تعاني من إعاقة دائمة.
أجرى مركز الميزان مقابلة مع نجود وذلك بعد مرور حوالي عام على الاعتداء.
البحث عن ملجأ هربنا من منزلنا يوم السبت الموافق 10 كانون الثاني (يناير) وذلك لأن الطائرات الإسرائيلية ألقت مناشير تحذيريه تطلب منا مغادرة المنطقة.
ذهبنا إلى ملجأ للأنروا في مدينة بيت لاهيا.
سمعنا صراخ وصياح وذلك يوم الجمعة الموافق 16 كانون الثاني (يناير) 2009 .
أصيبت فتاة كانت تنام في الغرفة المجاورة لغرفتنا.
كان حارس المدرسة يخبرنا باستمرار بألا نقلق ولكني كنت خائفة.
كنت خائفة إذا حدث قصف بان يتناثر زجاج النوافذ على أولادي وهم نائمون.
قمت من مكاني وقست المسافة بين أبنائي و النوافذ.
فعرفت أنهم في مكان آمن ولكني غطيتهم بمزيد من البطانيات محاولة أن أحميهم.
'.
كانت نجود وأبناءها بالقرب من باب الفصل عندما أطلق صاروخ باتجاههم مما تسبب في مقتل طفليها محمد وبلال أما نجود فقد أصيبت بجراح خطيرة وفقدت وعيها.
وعندما استردت وعيها وجدت أن جسدها ورأسها مغطيان بالدماء.
'كنت أنزف وأصرخ' ماذا حدث؟ ماذا حدث؟' سمعت الناس يصرخون 'إسعاف .
.
.
إسعاف' لم أستطع أن أرى أصابعي وأغمى عليَّ.
كنت كما لو أني شبه نائمة.
كنت أسمع الناس ولكني لا أعرف ماذا يحدث.
ولا أتذكر شيء بعد ذلك.
أفقت بعد يومين في المستشفى.
كانت زوجة أخي سحر معي في المستشفى، سألتها عن أبنائي بلال ومحمد وصبري فقالت لي 'لا تقلقي، إنهم في المنزل.
لا يريدون أن يروك وأنتِ في هذه الحال.
'.
العلاج في مصر بعد خضوعها لعملية جراحية في اليد والرأس تم تحويل نجود إلى مصر لاستكمال العلاج.
'كنت لا أعرف أن أبنائي قد قتلوا.
كنت باستمرار أطلب من عائلتي أن أرى أبنائي ولكنهم كانوا يخبروني بأني يجب أن أذهب إلى مصر.
ذهبت سحر معي إلى مصر، بقينا هناك لمدة شهر وثلاثة أيام.
مكثت في العناية المركزة لمدة 23 يوماً ثم انتقلت إلى قسم آخر.
كان هناك بعض الزوار المصريين، سألوني عن أبنائي وأحضروا لهم بعض الهدايا والألعاب والملابس.
كانت زيارتهم تفرحني كثيراً ولكني كنت أشتاق لأولادي كثيراً.
كنت مشتاقة لرؤيتهم، أخبرت سحر بأنني بحاجة لأن أكلم أبنائي وأني أريد أن أسمع صوت بلال.
أخبرتني سحر بأنه لا يوجد معها رصيد في هاتفها النقال.
لذلك طلبت من إحدى السيدات المصريات اللواتي جئن لزيارتي بأن استخدم هاتفها لكي أتحدث مع أبنائي.
في هذه اللحظة تغير وجه سحر وأصبح شاحباً, وأصيبت بالذعر.
طلبت من أخي أن أتحدث مع ابني بلال ولكنه أخبرني أن بلال في منزل خالته، فقلت له سأتصل على خالته وأتحدث معه.
عندها أخبرني أخي بأن بلال قد قتل.
أبنائي بلال ومحمد قد قتلا.
ثم تذكرت وفهمت، عندما كنت في المستشفى في غزة جاء إلي زوجي، وهو أبكم، وأشار إلي بأصبعيه رقم اثنين وإشارة نائم.
كان يحاول أن يخبرنني بأن أبنائي الاثنين قد قتلا.
زوجي يلومني على مقتل أبنائي عادت نجود إلى غزة وهي تحاول جاهدة أن تتغلب على محنتها.
بترت يدها اليمنى وفقدت الإحساس بيدها اليسرى.
وزوجها يلومها على مقتل أبنائهما.
'يلومني زوجي وبصورة مستمرة على مقتل أبنائي.
ويقول لي أنني قتلت أبنائي.
ويخبرني بأني أصبحت عاجزة الآن ولا فائدة مني.
أعتقد بأنه يلومني لأننا كنا العائلة الوحيدة التي أصيبت في ذلك الاعتداء.
يخبرني زوجي دائما بأنه يريد أن يتزوج مرة أخرى.
ويعاملني بشكل سيء كل يوم .
لكن كيف سأتغلب على محنتي إذا تركني زوجي.
اعتدت أن أطلب من زوجي أن يساعدني في بعض الأمور ولكنه يرفض أن يساعدني الآن.
ابنتي مادلين، البالغة من العمر (8 سنوات) تساعدني الآن في أمور المطبخ.
تحاول جاهدة أن تساعدني ولكنها تأخذ وقتا طويلاً في إنجاز أعمال المطبخ.
أشعر في بعض الأحيان بأنني أريد أن أصرخ عليها بسبب بطئها في إنجاز أعمال البيت ولكني أشعر بحزن شديد لأنها لازالت طفلة صغيرة.
لا أقوى على فعل أي شيء بنفسي حتى أنني لا أستطيع أن أمشّط شعر أبنائي.
في بعض الأحيان أطلب من جيراني أن يساعدوني ولكني في معظم الأحيان أشعر بالخجل.
كانت الحياة منعزلة في السابق لأني لا أتحدث مع زوجي ولكن حياتنا كانت سعيدة.
هذه الذكريات تؤلمني كثيراً.
'.
تأمل نجود بأن تستطيع الحصول على طرف صناعي.
' ذهبت إلى مركز الأطراف الصناعية في غزة ولكنهم أخبروني بأن لديهم أيدٍ لا تتحرك.
فقلت لهم لا أريد.
أريد يدا استطيع أن أحركها وأستخدمها.
عندما يضع لي زوجي غطاء راسي يقول لي ' لقد فقدت يدك.
ولا تستطيعين استخدام اليد الثانية.
راسك مليء بالندوب والجروح.
لم يتبق فيك شيء جميل.
' أشعر وكأنني ميتة.
جاء والدي البارحة وقام بتغيير ملابس ابني الصغير لأني لا استطيع القيام بذلك.
وبكيت كثيرا على ما آلت إليه حالي.
'.