26 مايو 2017
يعبر مركز الميزان عن قلقه الشديد واستنكاره لمواصلة السلطات في غزة تنفيذ أحكام الإعدام دون استيفاء الإجراءات القانونية، الأمر الذي يمس بقانونية التنفيذ. كما يطالب المركز وقف العمل بعقوبة الإعدام وكمقدمة لذلك وقف إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام. حيث نفذت وزارة الداخلية والأمن الوطني، مساء الخميس الموافق 25/05/2017، أحكام الإعدام شنقاً ورمياً بالرصاص بحق ثلاثة من المدانين بالقتل والتخابر مع قوات الاحتلال، دون استنفاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة، الأمر الذي يمس بقانونية التنفيذ ومدى مشروعيته.
هذا وكانت محكمة الميدان التي شكلتها هيئة القضاء العسكري في محافظة غزة، قد أصدرت في وقت سابق من صباح يوم الأحد الموافق 21/5/2017 ثلاثة أحكم بالإعدام شنقاً بحق المدانين: (أ. ل) (38عاماً) سكان مدينة النصيرات، والمدان (ه. ع) (44عاماً) سكان مدينة غزة، والإعدام رمياً بالرصاص على المدان (ع. ن) (38عاماً) من سكان مدينة غزة، بعد إدانتهم بتهمة التخابر مع جهات معادية والمشاركة في القتل.
وتشكل هذه المحاكمة سابقة خطيرة تحدث لأول مرة في قطاع غزة من حيث محاكمة مواطنين أمام محكمة " الميدان العسكرية" التي لا تقبل أي وجه من أوجه الطعن، وبالتالي تصبح أحكامها نهائية إعمالاً لما هو منصوص علية في قانون أصول المحاكمات الجزائية الثوري لسنة 1979، وقانون القضاء العسكري رقم (4) لسنة 2008، وقانون العقوبات الثوري 1979. كما جرت المحاكمة وصدر الحكم في أسبوع واحد فقط، وأقل ما يمكن أن توصف به هذه المحاكمة أنها تفتقر لأبسط معايير المحاكمة العادلة.
أولاً: هي ليست من التشريعات والقوانين والأنظمة التي كانت سارية قبل تاريخ 5/6/1967م، في الأراضي الفلسطينية. طبقاً لمرسوم الرئيس الراحل ياسر عرفات، وهو القرار رقم (1) لسنة 1994م، والذي نص على أن يستمر العمل بالقوانين والأنظمة والأوامر التي كانت سارية قبل ذلك التاريخ حتى يتم توحيدها.
ثانيا: هي غير صادرة عن المجلس التشريعي، حتى إنها لم تُعرض عليه لإقرارها، وعليه فإن هذه القوانين ليست من منظومة التشريعات التي سنها المجلس التشريعي وفقاً لآليات سن القوانين، والتي حددها كل من القانون الأساسي الفلسطيني وكذلك النظام الداخلي للمجلس التشريعي.
ثالثا: هناك ثمة تعارضات واضحة بين الاستمرار في إعمال هذه القوانين وبين العديد من الأسس الدستورية والقانونية التي أوجدها القانون الأساسي الفلسطيني.
رابعاً: ومع التأكيد على أنه سواءٌ على الصعيد الداخلي أو الدولي، فثمة استقرار لمبادئ وقواعد قانونية تقضي بضرورة تمتع المتهم بضمانات المحاكمة العادلة، وبالتالي فإن محاكمة المتهمين أمام محكمة الميدان العسكرية والاجراءات التي أعطت شكل الصورية للمحاكمة بدون المضمون تعتبر تعد على ضمانات الحماية التي وفرتها منظومة التشريعات الفلسطينية للمتهم، وهو تعد على منظومة العدالة ككل وتقويض لمبدأ استقلال القضاء.
خامساً: كان واضح بأن المحكمة تفتـقر للاستقلال والحياد وتجاوزت الضمانات والمعايير الدولية، خاصة ما جاء في المادة رقم (9) والمادة رقم (14) من العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية 1976م،
مركز الميزان إذ يعبر عن قلقه واستنكاره لاستمرار تنفيذ أحكام الإعدام من قبل السلطات في غزة على نحو يخالف الأصول القانونية، حيث ينص قانون الإجراءات الجزائية رقم (3) لسنة 2001 في المادة رقم (409) على أنه 'لا يجوز تنفيذ حكم الإعدام إلا بعد مصادقة رئيس الدولة عليه' وهو ما لم يحدث في حالات الإعدام المذكورة، فإنه يشدد على ضرورة اتخاذ العقوبات الرادعة وفق القانون بحق المجرمين وعدم التهاون في مواجهتهم.
ويعيد المركز التأكيد على موقفه المبدئي المناهض لعقوبة الإعدام حيث أثبتت التجربة في فلسطين أنها عقوبة لم تحقق الردع ولم تمنع الجريمة. كما أن القيود التي فرضها المشرع والتي تطيل الأمد بين صدور الحكم بالعقوبة وتنفيذها إنما لفلسفة تسعى إلى ضمان ألا تنفّذ العقوبة في بريء خاصة وأن عقوبة الإعدام هي عقوبة غير رجعية، وتنتهك حق الإنسان في الحياة. كما يشدد المركز على ضرورة الالتزام بأحكام الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها دولة فلسطين ولاسيما المادة (٦) من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
وعليه فإن مركز الميزان يطالب السلطات المختصة في غزة بالتوقف عن تنفيذ عقوبة الإعدام، كما يدعو إلى وقف العمل بالعقوبة، ويطالب القضاء العسكري باحترام القانون الـأساسي وإعطاء كافة المتهمين حق الدفاع عن أنفسهم والتوقف عن النظر في قضايا المدنيين ومصادرة صلاحيات القضاء المدني، والبحث في المعالجات الشاملة التي تعالج جذور المشكلات الاجتماعية بما فيها مشاكل العمالة والمخدرات وجرائم القتل على الخلفيات المختلفة.
انتهى