26 أغسطس 2012
يستنكر مركز الميزان لحقوق الإنسان التعديل الجديد الذي أقرته الكنيست الإسرائيلي على قانون الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) بتاريخ 23/07/2012، والذي يكرّس من حرمان الضحايا الفلسطينيين من تقديم دعاوى جنائية ضد إسرائيل جرّاء الأضرار التي تلحق بهم بسبب عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وكانت إسرائيل أجرت عدة تعديلات على هذا القانون منذ يوليو (تموز) عام 2005 بطريقة تستثني الفلسطينيين سكان الأرض المحتلة، من ضمن فئات أخرى، من حقهم في السعي للحصول على تعويضات، حتى في الحالات التي تكون فها الأضرار التي لحقت بهم ناجمة عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي ووقعت خارج نطاق مفهوم 'العمليات الحربية'، فإن التعديل الجديد يستثني مسئولية إسرائيل المدنية عن الأضرار.
ويتضمن التعديل الجديد على قانون الأضرار المدنية (مسؤولية الدولة) بتاريخ 23/07/2012 ما يلي: - تعديل تعريف العملية الحربية بحيث تم إلغاء الفقرة التي تتطلب وجود خطر داهم على حياة الجنود الإسرائيليين عند وقوع الاعتداء الذي يسبب الضرر، واستبدالها بفقرة تتطلب أن تكون العملية ذات طابع حربي من حيث طبيعتها وأهدافها والسياق الذي تقع فيه، والخطر الكامن جراء تنفيذها على القوة العسكرية التي تنفذها.
- تعديل الفقرة الخامسة (ب) بما يخول المحكمة قبول ادعاء الدولة بسريان الإعفاء من المسئولية بسبب وجود عملية حربية على أي دعوى مقدمة كادعاء أولي، أي دون الحاجة لسماع أي شهود.
- تم تعديل الفقرة الخامسة بحيث تقصر صلاحية النظر في الدعاوى على محاكم مدينتي بئر السبع والقدس بادعاء قربهما من مناطق وقوع الأحداث.
- كما تم إجراء تعديل جوهري على المادة الخامسة ب (أ)، بحيث يتم إعفاء الدولة من تعويض ضحايا يقطنون خارج إسرائيل أو سكان كيان أعلن عنه 'كيان معادي'، حيث كانت إسرائيل ـأعلنت قطاع غزة على أنه كيان معادي بشكل متكرر في الأعوام السابقة، ما قد يشكل أساساً لرد جميع الدعاوى المدنية المقدمة من قبل سكان قطاع غزة.
- وما يثير مزيد من القلق هو سريان مفعول هذا التعديل بأثر رجعي ليشمل كل الدعاوى المقدمة منذ تاريخ 12/09/2005، وهو تاريخ تنفيذ إسرائيل خطة الفصل أحادي الجانب من قطاع غزة، ما يمكن أن يترتب عليه رد جميع الدعاوى التي ينظر فيها القضاء الإسرائيلي منذ ذلك التاريخ.
وكانت السلطات الإسرائيلية فرضت تقييدات متعددة سابقة تجعل من قدرة الفلسطينيين على الوصول للعدالة شبه مستحيلة.
وعلى سبيل المثال، يمنح القانون الإسرائيلي صلاحية النظر في طلبات التعويض المقدمة من الفلسطينيين لمحاكم من درجات متدنية، ويوجب على الضحايا والشهود ومقدمي الأدلة دخول إسرائيل، بما في ذلك الحالات التي يتوجب فيها القيام بتحاليل طبية، للمثول أمام المحكمة شخصياً أو القيام بالفحوص الطبية.
وفي نفس الوقت، يرفض الجيش الإسرائيلي منح تصاريح لدخول الشهود والضحايا إلى إسرائيل من خلال رفض منحهم تصاريح خاصة للدخول، ولا تملك هذه المحاكم صلاحية مطالبة الجيش الإسرائيلي بمنحهم تصاريح، وبالتالي يقوم القضاة فيها برد الدعاوى لعدم مثول الضحايا أو عدم تقديم الأدلة والفحوص الطبية من مصادر إسرائيلية.
وقد صرح عصام يونس مدير عام مركز الميزان لحقوق الإنسان بأنه ' إضافةً إلى هذه العوائق المادية التي تفرضها إسرائيل على الفلسطينيين من خلال تقييد وصولهم إلى المحاكم، فإن هذا التعديل يلغي الفرص الضئيلة المتاحة أمام الفلسطينيين للوصول إلى العدالة، فالتعديل الجديد ومعه جميع العوائق البنيوية التي يفرضها القانون الإسرائيلي مصممة بشكل واعي لمنعهم من الوصول إلى العدالة، وهي تتناقض بشكل جوهري مع المتطلبات التي تنادي بها مبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي ذات الصلة' وأضاف السيد يونس بأنه 'على الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، والمجتمع الدولي ككل، استنكار هذا التعديل وهذه العوائق وأن يطالبوا بإلغائها فورا'.
مركز الميزان لحقوق الإنسان يستنكر بشدة هذا التعديل الجديد على القانون الإسرائيلي، والذي يشكل محاولة جديدة لخلق واقع يكرّس استثناء إسرائيل من أي مسئولية جنائية أو مدنية تنجم عن إلحاق الأذى في أرواح الفلسطينيين أو ممتلكاتهم نتيجةً للعمليات الحربية التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ويكرس واقع الحصانة والإفلات من العقاب، ما يشجع قوات الاحتلال على ارتكاب مزيد من الجرائم ضد الفلسطينيين من سكان الأرض الفلسطينية المحتلة دون قلق أو خوف من المحاسبة.
ويشير مركز الميزان إلى أن التعديل الأخير يأتي في ظل تصاعد شجب كثير من الأجسام الدولية، بل وحتى الإسرائيلية، ذات الصلة إزاء تعزيز ثقافة الحصانة والإفلات من العقاب في إسرائيل، والتي كان آخرها استنكار الإعلام الإسرائيلي للحكم على جندي قام بقتل سيدة فلسطينية وابنتها بالسجن لمدة 45 يوماً.
وعليه يطالب المركز المجتمع الدولي، بما في ذلك الإتحاد الأوروبي، الذي قرر مؤخراً تعزيز علاقات التعاون بينه وبين إسرائيل، بشجب هذا التعديل الجديد وبالضغط على دولة الاحتلال لاحترام قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان في تعاملها مع الفلسطينيين سكان الأرض الفلسطينية المحتلة، من خلال وقف الاعتداءات المخالفة للقانون الدولي ضدهم، وكذلك من خلال تأمين وصول المتضررين منهم للعدالة وجبر الضرر.
انتهى