تقارير و دراسات

واقع المرضى في قطاع غزة في ظل المعايير الخاصة بالتحويلات الطبية

    Share :

2 أكتوبر 2018

تراجع مستوى الخدمات الصحية في قطاع غزة خلال العقد الأخير؛ نتيجة سلسلة من الممارسات والإجراءات التي انعكست سلباً على واقع المرضى. ومن أبرزها القيود الإسرائيلية المفروضة على حرية حركة وتنقل المرضى ممن هم بحاجة ماسة للعلاج خارج قطاع غزة الأبرز والأشد ألماً على هذا الصعيد. هذا بالإضافة إلى استمرار الإجراءات المفروضة على وصول الوفود والطواقم الطبية المتخصصة ممن لديهم كفاءات عالية وخبرات مميزة غير متوفرة وتحتاجها المرافق الصحية.

 

ولم تتوقف المعوقات عند هذا الحدّ، بل برزت تحديات إضافية لا تقل في خطورتها عن سابقاتها، بعد سياسة تخفيض أعداد التحويلات الطبية لمرضى قطاع غزة، وخفض كميات الأدوية والمستلزمات الطبية. وتزامن ذلك مع انخفاض مستوى المقومات الأساسية للصحة مثل الحصول على مياه الشرب المأمونة والإصحاح المناسب، والإمداد الكافي بالغذاء الآمن، وارتفاع معدلات تلوث الهواء والمياه الجوفية ومياه البحر، والانخفاض الكبير في الإمدادات الأساسية من التيار الكهربائي، واستمرار حالة الاستبعاد الاجتماعي والاقتصادي، وما نتج عنها من بطالة وفقر.

 

وأمام هذا الواقع ثمة سؤال يثار حول انعكاساته على المؤشرات الصحية، التي تُشكل أهميةً كبيرة لجهة تقييم الظروف السائدة في قطاع غزة، حيث أن الأمراض غير السارية تُعد السبب الرئيس للوفاة، وتشكل (76%) من مجمل الوفيات في قطاع غزة.

 

وحسب التقرير السنوي الصادر عن وزارة الصحة الفلسطينية، بلغ معدل الوفاة نتيجة أمراض القلب (52%)، تليها الأمراض السرطانية بما نسبته (9.8%)، ووفيات أمراض الضغط بنسبة بلغت (9.7%)، وأمراض الجهاز التنفسي (4.8%). كما أن المؤشرات الرسمية تدلل أن الفجوة واسعة بين الحاجة وبين ما هو متاح، حيث بلغ عدد الأسرّة (2,960) سريراً، تدير وزارة الصحة (2,211) سريراً من مجموع الأسرَّة.

 

ولا شك في أن هذه البيانات وأعداد الوفيات نتيجة أمراض القلب والأورام السرطانية من المفترض أن تكون دافعاً لكي تتبنى وزارة الصحة سياسة توسعية على صعيد تقديم الخدمات، وأن تتخذ إجراءات تتصدى لهذه الأمراض من خلال دعم ومساندة القطاع الصحي في قطاع غزة، إلا أن التجربة والممارسة العملية تشير

 

إلى أن الخدمات الصحية تحولت إلى أداة للضغط والابتزاز السياسي، وظهر ذلك جلياً في سياسة خفض التحويلات العلاجية إلى الخارج وتقليص كميات الأدوية والمستلزمات الطبية، الأمر الذي فاقم من معاناة السكان -والمرضى منهم على وجه الخصوص- بشكل غير مسبوق، وحدّ من قدرتهم في الحصول على رعاية صحية مناسبة؛ بسبب تكلفة الأدوية والرعاية الصحية الباهظة.

 

لقد باتت منظومة الرعاية الصحية في قطاع غزة ضعيفة جراء التدابير التراجعية من جانب السلطات الحكومية، كما أنها تُشكل مخالفة واضحة لالتزامات دولة فلسطين بموجب العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية الذي يحظر على الدول اتخاذ أي ممارسات تعرقل سبل التمتع بأعلى مستوى من الصحة يمكن بلوغه. وأضحت الفجوة واسعة بين ما ورد في العهد والحالة السائدة في قطاع غزة.

 

وبناءً عليه يستعرض التقرير التداعيات الخطيرة الناجمة عن سياسة خفض عدد التحويلات العلاجية إلى خارج قطاع غزة على حياة المرضى. ويتناول جملة المعايير والشروط التي تحكم عملية تحويل المريض للعلاج بالخارج وفق نظام التحويلات الطبية، وأبرز العقبات التي تعترض المرضى وذويهم في سياق استكمال المعاملات في دائرة العلاج التخصصي (دائرة العلاج خارج مستشفيات وزارة الصحة). كما يقدم التقرير جملة من التوصيات لجهة معالجة الآثار السلبية التي لحقت بخدمة التحويلات العلاجية، ومعالجة طول فترة الانتظار والتعقيدات التي تعترض مسار التحويلة العلاجية، من خلال اعتماد الأسس والمعايير الواضحة في تقديم الخدمة وضمان توفير خدمات صحية شاملة لجميع المواطنين.

Attachments