تقارير و إصدارات دولية
2 مايو 2011
أشكركم على منحي الفرصة لأنقل إليكم بعض الانطباعات الأولية بعد زيارتي الأسبوع الماضي للقاهرة وعمان في إطار توسيع مهمتي كمقرر عام للأمم المتحدة حول أوضاع حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام1967.
وكنت آمل أثناء هذه المهمة والمهمات السابقة أن أزور الأراضي المحتلة شخصياً لتقييم أوضاع حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني الذي يعيش تحت الاحتلال في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، وقطاع غزة.
كما تعرفون، فمنذ تعييني كمقرر خاص للأمم المتحدة في أيار 2008، قامت السلطات الإسرائيلية بمنعي من زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة منتهكة بذلك التزاماتها كدولة عضو في الأمم المتحدة، مما أعاق تنفيذ التفويض الذي منحني إياه مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
فعندما حاولت القيام بزيارتي الميدانية الأولى في 14 كانون أول 2008، وحال وصولي إلى إسرائيل، لم يسمح لي بالدخول وجرى طردي بعد ذلك.
ولم يكن هناك أي إشارة على رغبة الحكومة الإسرائيلية بالسماح لي بالدخول في المستقبل.
ولذلك، فإنني اشكر حكومتي مصر والأردن على الترحيب بزيارتي للمنطقة.
أثناء المهمة الحالية، كنت أنوي زيارة قطاع غزة المحتل، ولكنني اضطررت لإلغاء الزيارة بسبب تقدير الأمم المتحدة للأوضاع الأمنية في غزة.
وأنوي زيارة غزة لاحقا في عام 2011.
بالرغم من عدم تمكني من زيارة الأراضي الفلسطينية المحتلة في هذه الرحلة، فقد سعيت للحصول على تقييم لأوضاع حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة من خلال اللقاءات مع المسؤولين الحكوميين والأكاديميين ومنظمات المجتمع المدني والمدافعين عن حقوق الإنسان ومنظمات الأمم المتحدة.
وقد ركزت بشكل خاص على تأثير الاحتلال والحصار واستمرار أوضاع اللاجئين على ما هي عليه لمدة طويلة على الحقوق الأساسية للأطفال.
كما تداولت مع من التقيتهم تأثير الحصار على غزة على الصحة النفسية والجسدية ونمو الأطفال في غزة.
وقد وجدت أنّ التدهور السريع للأوضاع المتصلة بحقوق الإنسان نتيجة الاحتلال الإسرائيلي المستمر قد ترك آثاراً جسيمة على الأطفال.
وفي الجانب الإيجابي، فقد تمكنت من معرفة كثير من المعلومات عن التحولات غير العادية الجارية في الوطن العربي، وتحديدا في مصر.
فقد بعثت فيّ الأمل حول قدرة هذه العمليات الثورية على إنهاء حالة الشلل الطويلة وعدم قدرة المجتمع الدولي على إنهاء الاحتلال الاسرائيلي المستمر وغير القانوني وتأمين حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني.
وما تزال أوضاع حقوق الانسان في جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة متردّية.
فسياسة مصادرة الاراضي وتوسيع المستوطنات وهدم المنازل وإجبار العائلات على ترك منازلها بالإضافة إلى سحب تصاريح الإقامة والقيود المفروضة على حرية التنقل تلقي بظلالها على الأطفال.
فالاطفال بشكل خاص هم الأكثر عرضة لهجمات المستوطنين العنيفة وتحرشاتهم.
وفي غزة يؤثر الحصار الإسرائيلي المستمر بشكل كبير على حق الأطفال في الحصول على الغذاء والصحة والتعلم.
وما تزال الصدمة النفسية جراء الهجوم الاسرائيلي على غزة في كانون الأول 2008 وكانون الثاني 2009 تترك تأثيراَ كبيراً على الأطفال.
ومنذ عام 2000، قتل 1355 طفل فلسطيني نتيجة الاحتلال العسكري الإسرائيلي والوجود الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
فالقوات العسكرية الإسرائيلية تفتح نيرانها بشكل عشوائي على الأطفال الفلسطينين مثيرة الرعب بينهم.
ومنذ اذار 2010 قام الجنود الإسرائيليون على الحدود مع قطاع غزة باستهداف 17 طفلاَ بينما كانوا يجمعون حصى البناء لمساعدة عائلاتهم فيما يعرف ب'المنطقة العازلة'.
ويستمر الكبار والأطفال ا في القيام بهذا العمل الخطير نتيجة لمنع السلطات الإسرائيلية دخول مواد البناء إلى القطاع، وهناك فرص عمل قليلة متاحة.
وما تزال إسرائيل مستمرة في اعتقال الأطفال بشكل تعسفي واحتجازهم وإساءة معاملتهم متاجهلة التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني.
فما يزال هناك 226 طفلاً في مراكز الاحتجاز الإسرائيلية من بينهم 45 طفلاً تتراوح اعمارهم بين 12-15 عاماً.
وما يزال الأطفال عرضة للاعتقال ليلاً، وفي نقاط التفتيش والشوارع.
وعند الاعتقال نادراً ما يتم إبلاغ الأطفال وعائلاتهم بالتهم الموجهة ضدهم.
فأعداد الأطفال الذين يعتقلون بسبب رشقهم الحجارة وبخاصة في االقدس الشرقية المحتلة في ازدياد.
ويذكر الأطفال أنه يتم عصب أعينهم ويتعرضون للضرب والركل لحظة الاعتقال، ثم يتم وضعهم في مؤخرة المركبة العسكرية حيث يتعرضون لمزيد من التعذيب والاساءة البدنية والنفسية في طريقهم إلى مراكز الاستجواب والحجز.
فالتقارير التي ترد باستمرار عن المعاملة المهينة وغير الإنسانية التي يتعرض لها الأطفال الفلسطينيون المحتجزين والتي تصل إلى حد الاعتداء الجنسي تبعث على الصدمة والاستياء.
وتؤدي مثل هذه المعاملة المهينة واللاإنسانية إلى صدمة نفسية شديدة واكتئاب وقلق وتدني التحصيل الاكاديمي.
ونشير هنا إلى أنّ مرتكبي هذه المخالفات ضد الأطفال الفلسطينيين لا يتعرضون للمسائلة عن أفعالهم.
وعلى عكس الأحداث المجرمين الإسرائيليين ، يخضع الأطفال الفلسطينيون للمحاكمة في محاكم الأحداث العسكرية، وتتم ادانتهم بناءاً على اعترافات انتزعت منهم باستخدام القوة والمعاملة السيئة.
وعلى العكس من نظرائهم الإسرائيليين، يتم احتجاز الأطفال الفلسطينيين تحت سن السادسة عشرة في السجون الإسرائيلية ويحرمون من الفرص المناسبة للحصول على التعليم أثناء الاحتجاز.
إنّ هذا التمييز في الأنظمة القانونية في التعامل مع الأحداث مؤشر على التمييز المؤسسي المنتشر والمنظم ضد الفلسطينيين، ويذكر بنظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.
وما يزال الأطفال الفلسطينون يحرمون من حقهم في التعليم.
والمدراس الموجودة حالياً لا تتناسب أبداً مع الحاجات النمائية للطلبة.
فالقيود المفروضة على التخطيط العمراني في الضفة الغربية والصعوبات الكبيرة الموجودة والتي تحول دون الحصول على تصاريح لبناء مدارس جديدة تضطر السكان لبناء غرف صفية بشكل غير قانوني مما يجعلها عرضة للهدم.
وبحسب وكالة الغوث الدولية فإن 95% من مدارس الوكالة في القطاع تعمل بنظام الفترتين.
وهناك 126 بناية مدرسية تستخدمها 236 'مدرسة' بشكل منفصل.
وعلى أقل تقدير، هناك حاجة لتوفير 100 بناء مدرسي لهذا العام فقط، ولكن الحصار الإسرائيلي لغزة يحول دون ذلك من خلال حظر دخول مواد البناء.
فمعدل مايدخل غزة يوميا من البضائع هو حمولة 230 شاحنة لسكان يبلغ مجموعهم 1.
5 مليون نسمة، وهذا أقل بكثير مما يحتاجونه علماً بأنّ بناء مدرسة جديدة واحدة فقط يتطلب حمولة 220 شاحنة من مواد البناء.
وأشارت تقارير الأنروا إلى عجز وصل إلى غرفة صفية ل40000 طلاب نتيجة لذلك في بداية العام الدراسي 2010-2011.
وما تزال فرص الأطفال في التعليم تجابه بالقيود المفروضة على حركة التنقل في الأراضي المحتلة بما في ذلك الجدار وبوابته ونظام التصاريح ونقاط التفتيش.
وبالإضافة إلى ذلك، يستمر المستوطنون في مهاجمة الأطفال والتحرش بهم وتخويفهم في طريقهم من وإلى المدرسة.
وتعتبر العائلات البدوية وأطفالها والتي تقيم في المنطقة سي من الضفة الغربية الأكثر عرضة للاعتداءات.
فمعظم هذه العائلات التي تعيش على الماشية تعاني من فقر مدقع، وقد حرمت من الوصول إلى مناطق الرعي والكلأ والخدمات الصحية، وهي غير قادرة على توفير فرص التعليم لأطفالها.
فهذه العائلات لا تستطيع دفع تكاليف ارسال جميع أطفالها إلى المدارس.
ولهذه المشكلة تأثير أكبر على الفتيات.
فقد حرمتهم السياسات الإسرائيلية من سبل العيش المستدامة، وتسعى لإجبارهم على تغيير مكان إقامتهم.
وتدعم الاعتداءات الجسدية والنفسية التي يقوم بها المستوطنون مثل هذه السياسات.
إنني أغادر الأردن وأنا أشعر بقوة أنّ على المجتمع الدولي أن لا يدخر جهداً لإجبار إسرائيل على الإيفاء بالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني وقانون حقوق الانسان وإنهاء هذا الاحتلال المستمر وغير القانوني والاحترام الكامل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره.
لقد ركزت هذه الزيارة على الاوضاع السيئة للأطفال الفلسطينيين الذين يتحملون عبء الاحتلال المقيت، ولكن يجب أن أذكّر أنّ التفويض الممنوح لي يشمل كامل حقوق الإنسان، وهي حقوق.
غير القابلة للتصرف لسكان الأراضي الفلسطينية المحتلة