من يوميات الحرب
4 يناير 2010
قتلت إسراء قصي الهباش، البالغة من العمر (13 عاماً)، وابنة عمها شذى عبد الهباش بينما كانتا تلعبان فوق سطح منزلهم عندما قصفت الطائرات الاسرائيلية منزلهم في حي التفاح وذلك عند حوالي الساعة 3:30 من مساء يوم الأحد الموافق 4 يناير 2009.
إما جميلة (أخت شذى)، التي تبلغ من العمر (14 عاماً)، فقد فقدت ساقيها إلى ما فوق الركبة وفقد ابن عمها محمد، الذي يبلغ من العمر (16 عاماً)، إحدى ساقيه.
أجرى مركز الميزان لحقوق الإنسان مقابلة مع جميلة، التي تبلغ الآن (15 عاماً) من عمرها وكذلك مع هالة (والدة كل من جميلة وشذى)، البالغة من العمر (36 عاماً).
وقد أجريت المقابلة بعد مرور عام على الحادثة.
كان لدي عشرة اطفال 'كان لدي عشرة أطفال, أما الآن فلدي تسعة أبناء فقط.
' تقول هالة التي فقدت ابنتها شذى، التي لم تتجاوز العاشرة من عمرها، بينما كانت تلعب على سطح منزلها عندما استهدفتها الطائرات الإسرائيلية.
لقد أصيبت جميلة الأخت الكبرى لشذى بجراح خطيرة وكانت حالتها حرجة.
'لقد قطعوا رجلي جميلة الاثنتين في غزة لكنهم لم يستطيعوا إزالة كافة الشظايا.
فقد كانت تعاني من التهابات شديدة وتشعر بألم شديد.
وتم تحويلها الى مستشفى الملك فهد في المملكة العربية السعودية لتلقي العلاج.
فهناك لديهم أجهزة خاصة لإزالة الشظايا من الجسم.
'.
اتبعت جميلة قائلة:' لقد عرفت أني فقدت ساقي الاثنتين في نفس يوم الهجوم الصاروخي .
لم يكن لدي الوقت لأفكر بما حدث .
أردت فقط أن أترك غزة.
قلت لأهلي 'أكره غزة .
أنا حقا أكرهها'.
لم أكن خائفة في فترة الحرب.
بقيت في المستشفى في غزة لمدة أسبوع قبل أن يتم تحويلي إلى المملكة العربية السعودية.
كنت أشعر بأن اليوم يمر وكأنه سنة.
كنت أشعر بألم شديد ويشتد عليَّ الألم في ساعات الليل عندما أكون وحيدة.
ففي ساعات النهار يكون أهلي بجواري مما ينسيني الألم بعض الشيء.
'.
تعلم كيفية المشي ذهبت جميلة وعمها الى السعودية .
' ذهب عمي معي وكان لنا أقارب في السعودية أيضاً.
وكانوا يأتون لزيارتي والاطمئنان عليَّ.
كان كل شيئ متوفر في السعودية.
كان هناك دروس للرسم و تلقيت الكثير من جلسات العلاج الطبيعي.
لقد أعطوني قدمين جديدتين وعلموني كيف أستخدمهم.
وبعد مضي شهر اشتقت لغزة.
اشتقت لأمي كثيراً.
'.
توضح لنا هالة بأن جميلة كانت تتواصل مع أهلها عبر الانترنت.
'كنا ننتظرها طول النهار لكي نتمكن من التحدث اليها في المساء.
هذا ما كنا ننتظره جميعا.
كنا كما لو أننا ننتظر.
.
.
لا أعرف كيف أصفه لكي.
عندما كانت جميلة في السعودية كانت تقول لي بألا أقلق عليها.
قالت لي :'أنا لازلت جميلة.
أنا بنتك جميلة.
الحياة لن تتوقف وستستمر.
'.
أشكر الله على أنها استطاعت ان تتعايش مع الوضع الجديد.
بعد ستة أشهر عادت جميلة إلى غزة وهي تكافح لكي تتعلم المشي باستخدام الأقدام الصناعية.
توضح هالة:' في النهاية على جميلة أن تمشي بشكل صحيح ولكنها الآن تذهب إلى المدرسة على كرسي متحرك.
فهي تقضي ساعات طويلة في المشي للذهاب الى المدرسة ولكنها في بعض الاوقات تعود الى المنزل على اقدامها دون الكرسي.
لاتزال تشعر جميلة بالالم .
أعتقد أن قدميها تؤلمانها عندما لا تحركهما بشكل صحيح.
'.
لا تزال تشعر هالة بالقلق على مستقبل جميلة.
' أحاول أن أساعدها لكي تتخطى الموقف وتتعايش مع ما حدث.
ولكني قلقة عليها بعد أن أموت.
من سيعتني بها بعد ذلك.
كانت تذهب معي الى السوق كل يوم.
أما الآن فهي تفضل البقاء في المنزل.
كانت مثل الفراشة قبل أن يحدث لها ما حدث.
'.
أمال بتحقيق العدل سمعت هالة عن التحقيقات الدولية حول الهجمات الإسرائيلية خلال عملية الرصاص المصبوب ولكنها غير متفائلة بالنتائج.
'لا أعتقد أن أي شي سينجم عن التحقيقات الدولية.
فالناس حول العالم يعرفون ما حدث هنا ولكنهم لم يقوموا بعمل أي شيء.
لقد فقدت إحدى بناتي والابنة الأخرى فقدت ساقيها.
الجميع حولي يقولون لي ' أنت مسلمة وتؤمنين بالقضاء والقدر.
عليك أن تتعايشي مع الوضع.
'.
حاولت أن أكون كذلك ولكن من داخلي أنا أشعر بألم شديد.
ما يبدو عليَّ من الخارج يختلف عن ما أنا عليه من الداخل.
بعد الهجوم على منزلنا ذهبت إلى منزل أخت زوجي لأني شعرت أن منزلها أكثر أمنا.
وهناك طلبت من ابنتي الصغرى أن تصنع لنا الشاي.
فقالت لي ابنتي 'ولكن جميلة هي التي اعتادت أن تصنع لنا الشاي.
'.
فبكيت كثيراً.