بيانات صحفية

بيان مشترك: ائتلاف من مؤسسات المجتمع المدني الفلسطينية والهولندية يستأنف حكم المحكمة الهولندية لعدم وفاء الدولة بالتزاماتها بموجب القانون الدولي

    شارك :

25 مارس 2025

لاهاي، 25 آذار/ مارس 2025 – قدم ائتلاف يضم عشر مؤسسات مجتمع مدني فلسطينية وهولندية استئنافًا قانونيًا ضد حكم المحكمة الابتدائية في لاهاي الصادر بتاريخ 13 كانون الأول/ ديسمبر 2024، والتي رفضت دعوى الائتلاف ضد دولة هولندا. تهدف القضية إلى مساءلة هولندا عن دورها في تسهيل انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي، بما في ذلك الاحتلال غير القانوني للأرض الفلسطينية وارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة. ويؤكد الاستئناف أن امتناع المحكمة عن تطبيق المعايير القانونية الدولية الملزمة يقوض التزامات هولندا بموجب اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، واتفاقيات جنيف، والرأي الاستشاري الصادر حديثاً عن محكمة العدل الدولية.

صادرات الأسلحة الهولندية والعلاقات الاقتصادية مع المستوطنات الإسرائيلية

يركز الاستئناف على استمرار دولة هولندا في تسهيل صادرات الأسلحة إلى إسرائيل ونهجها المتساهل إزاء الأنشطة الاقتصادية في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة. ورغم اعتراف المحكمة بالالتزامات القانونية المفروضة على هولندا، إلا أنها رفضت طلب الائتلاف بفرض حظر على الصادرات العسكرية وذات الاستخدام المزدوج إلى إسرائيل، مستندةً إلى ادعاء الدولة بأنها تقوم بتقييم كل طلب تصدير على حدة. غير أن إقرار محكمة العدل الدولية بوجود خطر معقول لارتكاب إبادة الجماعية في غزة يجعل استمرار هذه الصادرات أمراً غير مسؤول وغير قانوني.

قدم الائتلاف أدلة على أن هولندا تصدّر أجزاءً من طائرات F-16 إلى إسرائيل، والتي تُستخدم في قصف غزة، مما يشكل خطرًا حقيقيًا يتمثل في مساهمة هذه الأجزاء بشكل مباشر في الهجمات الإسرائيلية. والجدير بالذكر أن الحكومة الهولندية أعلنت تصدير رخصة جديدة لأجزاء من طائرات F-16  في نفس اليوم الذي عُقدت فيه جلسة المحكمة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، مما يتناقض مع تأكيداتها السابقة بأن مثل هذه الموافقات غير مرجحة في ظل الظروف الحالية.

علاوة على ذلك، أيّدت المحكمة ما يُسمى بسياسة "التثبيط" التي تنتهجها الدولة بشأن الشركات الهولندية التي تعمل في المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية دون تقييم فعاليتها أو امتثالها للقانون الدولي. وتسمح هذه السياسة بشكل واضح بإقامة علاقات اقتصادية مع المستوطنات، رغم أن الرأي الاستشاري لمحكمة العدل الدولية الصادر في تموز/ يوليو 2024 ينص بوضوح على ضرورة منع الدول لأي تجارة أو استثمار يعزز الأنشطة غير القانونية لإسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة.

إن قبول المحكمة بهذا النهج المتساهل يُضعف الجهود المبذولة لمساءلة الشركات عن تحقيق أرباح من أنشطة غير قانونية، كما أنه يساهم بشكل مباشر في دعم الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي للأرض الفلسطينية. ونتيجة لذلك، تواصل شركات هولندية، مثل Booking.com، وKardan N.V.، وTahal Group International B.V.، جني الأرباح من عملها في المستوطنات، مما يعزز الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي للأرض الفلسطينية.

تصاعد العنف والحصار

منذ صدور الحكم في المرحلة الابتدائية، تفاقمت الأوضاع على الأرض بشكل خطير. وعلى الرغم من الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لاتفاق وقف إطلاق النار منذ إبرامه في منتصف كانون الثاني/ يناير، شنت إسرائيل تصعيداً مفاجئً لهجماتها العسكرية على قطاع غزة في 18 آذار/ مارس 2025، وقتلت أكثر من 400 فلسطيني/ة في ليلة واحدة، إثر غارات جوية استهدفت الأحياء السكنية وخيام النازحين في مختلف أنحاء قطاع غزة.

يواصل الفلسطينيون في غزة مواجهة عمليات التهجير الجماعي والتدمير الممنهج للبنية التحتية الحيوية، بينما تفرض إسرائيل حصارًا خانقاً، تمنع من خلاله دخول المساعدات الإنسانية الأساسية، بما في ذلك الغذاء والدواء والوقود والكهرباء.

أما في الضفة الغربية، فقد بلغت اعتداءات المستوطنين والجيش الإسرائيلي ضد الفلسطينيين مستويات غير مسبوقة، مع مصادرة مساحات شاسعة من الأراضي الفلسطينية وإجبار تجمعات سكانية بأكملها على النزوح القسري.

الدعوة إلى الإنفاذ القضائي للقانون الدولي

ومن خلال هذا الاستئناف، يدعو الائتلاف القضاء الهولندي إلى إنفاذ القانون الدولي وإلزام دولة هولندا بالامتثال لالتزاماتها القانونية، ويشمل ذلك وقف تراخيص تصدير الأسلحة السارية إلى إسرائيل، وإلزام دولة هولندا باتخاذ تدابير فعالة لمنع العلاقات التجارية بين الشركات الهولندية والمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية.

من المتوقع أن تعقد جلسة الاستئناف خلال الأشهر المقبلة. وفي غضون ذلك، سيواصل الائتلاف الضغط من أجل اتخاذ إجراءات قانونية وسياسية ملموسة لمنع المزيد من الجرائم وضمان احترام القانون الدولي.

وفي هذا الصدد، صرّح عصام يونس، مدير عام مركز الميزان لحقوق الإنسان، قائلًا: "لم تنتهِ الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة بعد. ففي الأسبوع الماضي وحده، انتهكت إسرائيل بشكل صارخ اتفاق وقف إطلاق النار وقتلت مئات الفلسطينيين/ات، بمن فيهم الأطفال، بينما كثّفت حملتها المستمرة للعقاب الجماعي والموت البطيء عبر التجويع والحرمان المتعمد من الخدمات الأساسية لأكثر من مليوني فلسطيني. إنه من غير المقبول أخلاقيًا أو مبرر قانونيًا أن تواصل هولندا تعاملها مع إسرائيل وكأن شيئًا لم يكن، رغم هذه الانتهاكات الجسيمة والمستمرة للقانون الدولي."

كما علّق كريستيان ألبردينك تيم، محامي الائتلاف، قائلًا: "يجب على هولندا أن تتحمل مسؤوليتها في وضع حد لانتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان. إن الموقف المتراخي لحكومتنا مخزٍ، فمن خلال منح التراخيص لتصدير المعدات العسكرية والمواد ذات الاستخدام المزدوج، تساهم هولندا بشكل مباشر في الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة. يجب أن يتوقف هذا فورًا."

انتهى