تقارير و دراسات

الحواجز العسكرية وامتهان الكرامة الإنسانية<br>قوات الاحتلال تواصل فرض حصارها الداخلي على محافظات غزة، للفترة من 1ينايرإلى 25 يوليو2002

    شارك :

25 يوليو 2002

  شكل اندلاع انتفاضة الأقصى بتاريخ 28/9/2000، منعطفاً تصاعدياً حاداً في الجرائم الإسرائيلية، سواء من حيث الكم أو النوع، حيث ارتفع عدد الجرائم التي ترتكبها تلك القوات وأصبحت شبه يومية، إلى جانب انتهاكها المنظم، للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان.
تواصل قوات الاحتلال فرض الحصار ولإغلاق الشامل منذ 9/10/2000، أي بعد اندلاع الانتفاضة بنحو عشرة أيام، وتعزل بموجبه الأراضي الفلسطينية عن العالم، والضفة الغربية وقطاع غزة عن بعضها بعضاً.
وتدرجت قوات الاحتلال في حصارها الداخلي، إلى أن قطعت أوصال المدن والقرى الفلسطينية وجعلتها كالجزر المتناثرة والمعزولة.
كما لجأت إلى عزل مناطق بالكامل عن محيطها.
قطعت قوات الاحتلال طريق صلاح الدين الرابط بين محافظات غزة، من نقطتي المطاحن – مفترق دير البلح، بتاريخ 20/11/2000، وعزلت بذلك شمال محافظات غزة عن جنوبها، كما قطعت الجزء الرابط بين محافظتي رفح وخانيونس بتاريخ 15/12/2000، ومنعت التنقل على طريق صلاح الدين، من نقطة مفترق الشهداء، حيث تم إغلاق هذا الجزء بتاريخ 29/3/2002،ومنعت بذلك الفلسطينيين من المرور عليه، يذكر أن قطع الطريق يتواصل من هذه الأجزاء حتى صدور هذا التقرير.
وتلجأ قوات الاحتلال – في أحيان كثيرة - إلى إغلاق الطريق من أربع محاور، بحيث تقسم قطاع غزة إلى ثلاث مناطق معزولة بالكامل، وكان آخرها مساء يوم 29/3/2002، واستمر الحصار الشامل والإغلاق المشدد لمدة ثلاثة أيام.
حيث أغلقت الطريق الغربي عند النقطة القريبة من استراحة البيدر جنوب مدينة غزة، بوضع سواتر رملية مرتفعة تمنع مرور السيارات، وتعيق حركة الراجلين، وأغلقت طريق صلاح الدين (الشرقي) من نقطة البوليس الحربي (مفترق الشهداء).
أما طريق الحكر – أبو هولي فتسمح قوات الاحتلال للسكان المدنيين بالمرور عبره، لمدة لا تتجاوز الساعة الواحدة من الناحية الفعلية.
حيث تعلن عن فتح الطريق وقد يستمر ذلك لساعتين في الصباح، إلا أن حركة المرور في أحسن الحالات لم تتجاوز ساعة فعلية، إذ أن قوات الاحتلال توقف سيارات الفلسطينيين بمجرد أن تلوح من بعيد سيارة مستوطن أو جيب عسكري، وكذلك الحال في المساء.
يذكر أن آلاف الفلسطينيين يتنقلون يومياً بين محافظة غزة والمحافظات الجنوبية، بينهم مرضى وموظفين وطلبة جامعات، ومسافرين، سواء مغادرين إلى خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة أو قادمين من خارج الأراضي الفلسطينية المحتلة، عبر معبر العودة (رفح البري)، إلى جانب حركة تنقل البضائع بين غزة والمحافظات الجنوبية.
كما شهدت الفترة الممتدة من مساء 29 /3 إلى 2/4/2002 إغلاقاً شاملاً لطريق صلاح الدين، من محاور الحكر – أبو هولي – مفترق الشهداء – طريق البحر.
يغطي التقرير الفترة الممتدة من 1/1/2002 إلى 25/6/2002، من حيث توثيقه لأوقات فتح وإغلاق الطرق والحواجز المقامة على الطرق الرئيسة الرابطة بين محافظات غزة، في حين يستعرض التقرير أوجه المعاناة التي يتعرض لها السكان في محافظات غزة، ويبرز الآثار السلبية التي تطال جملة حقوق الإنسان، وتنعكس سلبياً على مستوى الخدمات.
يستعرض التقرير الحصار الشامل والإغلاق، ويضع هذه الممارسة في سياقها الصحيح كعقاب جماعي للسكان المدنيين، ولإطلاع العالم على معنى الحاجز، حيث لا يستطيع من لم يمر بتجربة الحاجز أن يتخيل الأمر كما هو عليه، بل يتبادر إلى الذهن الحاجز الذي تقيمه الشرطة في بلد ما للبحث عن مطلوب، حيث يتم فحص بطاقات تحقيق الشخصية، وإذا اقتضى الأمر تفتيش السيارة، أي دقائق وينتهي الأمر، دون المس بكرامة الأشخاص.
أن الحاجز في قاموس قوات الاحتلال امتهان لكرامة الإنسان، وتعزيز لثقافة الكراهية، هو سياسة تمييز عنصري تفوق في بشاعتها تلك التي كانت قائمة في جنوب أفريقيا في أواخر القرن الماضي.
عليه وجد مركز الميزان لحقوق الإنسان، أن فضح الوجه البشع للعقوبات الجماعية التي يمثلها الحصار، يأتي في صميم عمله في رصد وتوثيق انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية.
ابتعد المركز في هذا التقرير عن التحليل، وحاول دائماً ترك الضحايا يتحدثون عن معاناتهم، وعن تجاربهم القاسية، من خلال شهادات الضحايا المشفوعة بالقسم، التي تعبر عن الواقع كما هو عليه.
وآثر المركز الاحتفاظ بسرية أسماء وبيانات من أدلوا بتصريحات تحت القسم، حرصاً على عدم تعرضهم لانتقام قوات الاحتلال، بالنظر إلى كونهم جميعاً ممن يترددون على الحاجز باستمرار.
إلا أن المركز على استعداد للتعاون مع الجهات والمؤسسات الدولية كافة، التي تستطيع أن تسهم في رفع هذا الحصار، بتقديم الشهادات الأصلية مسموعة ومكتوبة، على أن توفر الحماية للضحايا.