بيانات صحفية

في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام

الميزان يطالب بوقف العمل بعقوبة الإعدام وإلغاءها من التشريعات الفلسطينية

    شارك :

10 أكتوبر 2022 |المرجع 58/2022

يأتي اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، الذي يُصادف الإثنين الموافق 10 تشرين الأول/ أكتوبر 2022م، مع استمرار إخفاق دولة فلسطين في الوفاء بالتزاماتها الناشئة عن البروتوكول الاختياري الثاني الملحق بالعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام لعام 1989م، والتي انضمت إليه بتاريخ 18/3/2019م، حيث لم توائم فلسطين تشريعاتها الوطنية مع قواعد البروتوكول، القاضي بإلغاء العقوبة من التشريعات العقابية، انسجاماً مع المادة (1/2) من البروتوكول التي تُوجب على الدول الأطراف اتخاذ جميع التدابير اللازمة لإلغاء عقوبة الإعدام داخل نطاق ولايتها القضائية، وهو الأمر الذي لم تنجزه دولة فلسطين بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على انضمامها.

 

وفي السياق نفسه واصلت المحاكم الفلسطينية في قطاع غزة إصدار أحكام الإعدام، حيث أصدرت (52) حكماً بعد انضمام فلسطين للبروتوكول، من بينها (18) حكماً منذ بداية العام الجاري 2022، بينما أصدرت المحاكم الفلسطينية منذ إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية (281) حكماً، من بينها (251) في قطاع غزة و(30) في الضفة الغربية، كما نُفذ (90) حكماً في القطاع، و(5) أحكام في الضفة الغربية [[1]].

 

والجدير ذكره أن الجهود الدولية المناهضة لعقوبة الإعدام تضاعفت، حيث صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة سلسلة من القرارات[2] التي حثت من خلالها الدول على الحد من العمل بعقوبة الإعدام، ومن عدد الجرائم التي يجوز المعاقبة عليها بالإعدام، ودعت الدول إلى الإعلان عن وقف تنفيذ أحكام الإعدام تمهيداً لإلغاء العقوبة، وأوصت الدول التي ألغتها إلى عدم إعمالها من جديد. إضافة إلى تدشين البروتوكول الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام، وتضمين عدم جواز التأخر في إلغائها في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية بموجب المادة (6/6)، الأمر الذي وقعت عليه فلسطين بدون تحفظات.

 

وفي الوقت الذي أكدت فيه القاعدة المستقرة في القانون الدولي من وجوب نفاذ الاتفاقيات الدولية على كامل إقليم الدولة التي انضمت إليها، بحسب المادة (29) من اتفاقية فينا لقانون المعاهدات لعام 1969م، التي نصت على أنه: " ما لم يظهر من المعاهدة قصد مغاير أو يثبت خلاف ذلك بطريقة أخرى، تُلزم نصوص المعاهدة كل طرف فيها بالنسبة لكامل إقليمه."؛ تواصلت الازدواجية في نفاذ مقتضيات معاهدة البروتوكول الاختياري الثاني الخاص بإلغاء عقوبة الإعدام على كامل الإقليم الفلسطيني، حيث امتنع الرئيس الفلسطيني منذ انتخابه في عام 2005م عن التصديق على أحكام الإعدام وعدم تنفيذها في الضفة الغربية، بينما واصلت المحاكم الفلسطينية في قطاع غزة إصدار وتنفيذ أحكام الإعدام بدون مصادقة الرئيس.

 

وتتحصل الأسباب الداعية إلى إلغاء عقوبة الإعدام في فلسطين على أقل تقدير في أربع نواحي، فمن الناحية الأولى لا تستطيع عقوبة الإعدام تحقيق أهداف الفلسفة الجنائية الحديثة، والتي تروم إلى إصلاح وتأهيل الجاني عبر برامج يتم إعدادها مُسبقاً من قبل المؤسسة العقابية، بالنظر إلى أن إعدام الشخص يستبعده من حيز الوجود، مما يعني عدم تصور تطبيق البرامج الإصلاحية والتأهيلية عليه، ومن الناحية الثانية فإن عقوبة الإعدام أثبتت عدم جدواها باعتبار الجرائم الخطيرة التي يُعاقب عليها بالإعدام لم تتوقف، بالرغم من إيقاع العقوبة وتنفيذها، ومن الناحية الثالثة في كونها عقوبة غير رجعية، لا يُمكن تداركها في حال انكشف حدوث أخطاء قضائية بعد تنفيذها، أما الناحية الرابعة فإن فلسطين مُلزمة بموجب التزاماتها الدولية التي ارتضتها طواعيةً بأن تُلغي عقوبة الإعدام من الممارسة التشريعية والقضائية.

 

وفي ضوء ما سبق، وأمام الحالة القانونية التي تشهدها دولة فلسطين المحتلة من انقسام على مستوى السلطات العامة، وصعوبة انعقاد المجلس التشريعي الفلسطيني لأسباب متعددة، وإرجاء المحكمة الدستورية العليا إنفاذ الاتفاقيات الدولية إلى ما بعد مرورها بالمراحل الشكلية وتحويلها على هيئة تشريعات داخلية، بموجب حكمها التفسيري رقم (5/2017م) الصادر بتاريخ 12/3/2018، -بصرف النظر عن ملاحظات المركز على تشكيل المحكمة-، وبالنظر إلى اكتمال حلقات حالة الضرورة، خاصة وأن عقوبة الإعدام تنصب على الحق في الحياة، وأن التصدي لهذه المسألة يُعد من بين الأمور التي لا تحتمل التأخير، فإن المركز يوصي بوقف العمل بعقوبة الإعدام فوراً وإلغاءها من التشريعات الوطنية.

 

مركز الميزان يؤكد في اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، على أن انضمام فلسطين للاتفاقيات الأساسية لحقوق الإنسان، يجب ألا يكون الهدف منه تعزيز المكانة السياسية والقانونية لدولة فلسطين المحتلة على المستوى الدولي فحسب، وإنما على المستوى الداخلي من خلال تمكين المواطن الفلسطيني من الانتفاع بتلك الاتفاقيات وتجسيدها في الواقع الملموس، الأمر الذي يتطلب الشروع فوراً في إعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني على أسس ديمقراطية، وإجراء الانتخابات العامة، تمهيداً لإدماج اتفاقيات حقوق الإنسان والقانون الدولي عموماً في النظام القانوني الفلسطيني، وتعزيز مبدأ استقلال السلطة القضائية، باعتبارها من بين ضمانات حقوق الإنسان وحرياته الأساسية.

 

انتهى.


[1] أعمال الرصد والتوثيق، قاعدة بيانات مركز الميزان لحقوق الإنسان، غزة، فلسطين.

[2] على سبيل المثال انظر القرار الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 16/12/2020م: https://undocs.org/ar/A/RES/75/183