بيانات صحفية

هجمات عنيفة ومكثفة وحصار مشدد

قوات الاحتلال تدفع بالأوضاع الصحية إلى الانهيار وإحداث كارثة إنسانية، الميزان يحذر من انهيار الخدمات الصحية ويطالب بتدخل عاجل

    شارك :

19 مايو 2021 |المرجع 45/2021

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانها على قطاع غزة لليوم العاشر على التوالي، وتستهدف المدنيين وممتلكاتهم وتوقع مئات الضحايا في صفوفهم، وتتعمد استهداف محيط المنشآت الطبية والمرافق الحيوية التي لا غنى عنها لحياة السكان، لتدفع بمزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية.

 

وتتعمد قوات الاحتلال تدمير شبكات الطرق العامة لتعيق حركة عربات النقل والإسعاف، وتدمير شبكات توصيل المياه والكهرباء باستخدام قذائف صاروخية فائقة التدمير لتلحق ضرراً بالغاً في محيط المكان المستهدف. وتواصل إغلاق معبر بيت حانون (ايرز) وتحرم المرضى من السفر والوصول للعلاج، وإغلاق معبر كرم أبو سالم ومنع دخول إمدادات الأدوية والمستلزمات الطبية، والسولار اللازم لتشغيل محطة التوليد.

 

مركز الميزان يستنكر استمرار العدوان وارتكاب انتهاكات ترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، أمام استمرار عجز المجتمع الدولي عن وقف العدوان وضمان إلزام قوات الاحتلال باحترام الحماية التي يوفرها القانون الدولي للمدنيين لا سيما للمرضى والجرحى والطواقم الطبية، وفشله في ضمان تدفق الإمدادات الإنسانية الإغاثية للسكان المدنيين للحد من التدهور المتسارع للأوضاع الانسانية.

 

وحظرت سلطات الاحتلال منذ بداية العدوان الحركة من وإلى قطاع غزة، بعد إغلاقها معبر بيت حانون بشكل كامل أمام حركة المسافرين والحالات الإنسانية والطارئة، وأعلنت مصادر إعلامية أن سلطات الاحتلال رفضت إدخال قافلة أدوية ومعدات طبية أرسلتها الحكومة الفلسطينية إلى قطاع غزة، وباءت الجهود في محاولة إدخالها مساء يوم أمس الثلاثاء بالفشل، في ظل مساع من مؤسسات أممية ودولية لإدخالها اليوم. يتواصل حرمان المرضى الذين هم بأمسّ الحاجة إلى تلقى العلاج واستكماله بالضفة الغربية ومنعهم من السفر والوصول إلى المراكز الطبية التخصصية، رغم أنّ العديد منهم ينتظر السماح له بالسفر منذ فترة طويلة، وبعد رفض وتلكؤ في الرد على طلباتهم والسماح لهم بالمرور، وما يزال عدد كبير من المرضى يتواصل مع الدائرة القانونية في المركز لمتابعة أوضاعهم ومساعدتهم قانونياً، وهذه التطورات من شأنها أن تهدد حياة الكثير منهم خاصة مرضى الأورام والقلب الذين يتعذر علاجهم في قطاع غزة في ظل العجز المتواصل في الأدوية والمستلزمات الطبية.

 

ويترافق سقوط مئات الضحايا من المدنيين بين جرحى وقتلى مع استمرار سياسة الإغلاق والحصار المشدد المفروض على قطاع غزة منذ (14) عاماً، الذي أفضى إلى تدهور كبير في الإمكانيات الصحية، واستمرار العجز في الأدوية اللازمة لغرف الطوارئ والعمليات، والرعاية الصحية، والصحة النفسية، والأعصاب، والأشعة والأصناف التشخيصية. إذ تشير التقارير الصادرة عن الإدارة العامة للصيدلة بوزارة الصحة أنّ الأصناف الصفرية من قائمة أصناف الأدوية المتداولة سجلت نسبة العجز في الأدوية إلى (45%)، وبخصوص المهمات الطبية المتداولة فقد سجلت نسبة العجز في المهمات الطبية (33%) من أصنافها، وارتفع العجز إلى (56%) من لوازم المختبرات وبنوك الدم، وتوقف فحوصات كورونا بسبب الضرر الذي لحق بعيادة الرمال الصحية. هذا بالإضافة إلى أنّ الإغلاق يحرم القطاع الصحي من التطوير والمساندة والدعم المقدم من المؤسسات والشخصيات، حيث يحول الإغلاق دون وصول المتطوعين من الكوادر الطبية المتخصصة للقطاع، وإرسال الأدوية والعقاقير الطبية الضرورية واللازمة للجرحى والمرضى في قطاع غزة، في ظل النقص القائم في الكوادر والامكانيات الطبية المتاحة والتخصصية.

 

وتؤكد المعلومات الصادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية، على ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي انتهاكات واضحة ضد المرافق الطبية وألحقت أضراراً في محتوياتها خلال الهجمات، فقد تعرضت (22) مؤسسة صحية في أنحاء مختلفة من قطاع غزة لأضرار كبيرة، وأصيب عدد من العاملين في المجال الصحي، ودمرت مفترقات طرق رئيسة تمثل مسلكاً أسهل وأسرع لسيارات الإسعاف في الوصول إلى المستشفيات، الأمر الذي يعوّق حركة الطواقم الطبية وسيارات الإسعاف في عملية إخلاء الجرحى، كما اضطرت وزارة الصحة تحت وطأة القصف إلى وقف خدمات حيوية ومهمة.

 

وفي تعمد لتعظيم تدهور الأوضاع الإنسانية هاجمت قوات الاحتلال بناية سكنية تقابل مبنى وزارة الصحة وعيادة الرمال وسط مدينة غزة، عند حوالي الساعة 17:45 من مساء الاثنين الموافق 17/5/2021م، باستخدام صواريخ ذات قدرة تدميرية هائلة، تسببت في إلحاق خسائر كبيرة في مقر الوزارة، ما اضطرها إلى وقف العمل في المختبر المركزي المخصص لإجراء فحوصات (P.C.R) للعينات المأخوذة من المشتبه بإصابتهم بفايروس كورونا، وإصابة الطبيب: ماجد صالحة، بينما كان يقوم بواجبه الإنساني. وتسببت في تعطيل قدرة الطواقم على تقديم خدمات الاستشارات الطبية للمواطنين خلال جائحة كورونا وتوقف المختبر المركزي الذي يجري فحوصات كورونا. وينذر توقف المختبر المركزي وتوقف فحوصات فايروس كورونا بكارثة حقيقية على الأوضاع الصحية، ويحول دون قدرة الجهات الصحية على كشف حصيلة الإصابات الجديدة بفايروس كورونا وتوزيعها الجغرافي لاسيما في أوساط المهجرين قسرياً، الذين لجأوا لمدارس وكالة الغوث الدولية ليحتموا من ويلات القصف المدمر الذي طال منازلهم ومناطقهم السكنية، وعليه يستحيل تنفيذ البرتوكول الخاص بالتباعد الاجتماعي والالتزام بالإجراءات الاحترازية في ظل هذه الأوضاع.

 

وفي سياق متصل تسبب العدوان في حرمان الكثير من المواطنين من التوجه للمراكز الطبية والحصول على التطعيمات المضادة لفايروس كورونا، فيما تعطلت قدرة طواقم الاستجابة السريعة على أخذ العينات من داخل المجتمع بسبب الهجمات العشوائية وعدم توفر حماية لهذه الطواقم.

 

وبلغت حصيلة العدوان، حسب وزارة الصحة الفلسطينية، حتى ظهر الثلاثاء 18/5/2021، استشهاد (217) فلسطينياً، من بينهم (63) طفلاً و(36) سيدة و(16) مسناً. واصابة (1500) فلسطينياً بجراح مختلفة، منها (50) إصابة وصفتها المصادر الطبية بالشديدة الخطورة. (370) إصابة جاءت في الأجزاء العلوية من الجسد، منها (130) إصابة في الرأس، من بين الجرحى (450) طفلاً و(295) سيدة.

 

وتواجه المرافق الصحية في قطاع غزة صعوبة بالغة في تقديم خدماتها الأساسية في ظل العدوان، بعد تفاقم أزمة التيار الكهربائي وزيادة نسبة العجز في الطاقة الكهربائية، والذي ارتفع إلى (76%)، ما انعكس سلبياً على حياة المرضى في المساكن، وضاعف من الضغط على وزارة الصحة التي تضر لتشغيل المولدات الكهربائية لساعات طويلة والتي تستنزف كميات كبيرة من الوقود غير المتوفر والمحظور دخوله إلى قطاع غزة، وهو ما يعرض الأجهزة الطبية للتلف والتوقف التام. وتأتي الخشية من تنفيذ قوات الاحتلال تهديدها بفصل الكهرباء عن القطاع بشكل كامل، بعد تهديد أعضاء في الحكومة الإسرائيلية بذلك، وتصريحاتهم بأن الخطوة المقبلة لعقاب سكان القطاع ستتضمن قطع التيار الكهربائي.

 

مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يجدد تحذيره من انهيار الخدمات الصحية في قطاع غزة، في ظل الحصار المشدد واستمرار استهداف المؤسسات الطبية ومحيطها ما يمس بسلامة طواقمها، فإنه يستنكر بأشد العبارات استمرار العدوان واستمرار عجز المجتمع الدولي عن حماية المرضى والمؤسسات والمرافق والطواقم الطبية، وإلزام دولة الاحتلال بوقف العدوان واحترام الحماية التي يوفرها القانون الدولي للمرضى والجرحى والطواقم الطبية، وضمان استمرار تدفق الإمدادات الإنسانية والإغاثية للسكان المدنيين.

 

عليه فإن مركز الميزان لحقوق الإنسان يطالب المجتمع الدولي باتخاذ خطوات ملموسة وعاجلة من شأنها وقف العدوان المتواصل على قطاع غزة، والضغط على سلطات الاحتلال لاحترام وتنفيذ الالتزامات الناشئة عن القانون الدولي الإنساني، وإنهاء الحصار الذي يشكل جريمة حرب واضحة ومستمرة، وتفعيل أدوات المحاسبة وملاحقة كل من يشتبه في ارتكابه جرائم حرب في الأراضي الفلسطينية.

 

انتهى