تقارير و دراسات

ورقة موقف: الإجازات البيتية للنزلاء في ضوء القانون الوطني

إن الإجازات البيتية تلامس جوهر حقوق الإنسان وتعبر عن فلسفة وفقه القانون فيما يتعلق بالعقاب على المخالفات التي تشكل مساساً بالقانون

    شارك :

28 سبتمبر 2017

أرسى القانون الوطني والدولي، جملة من القواعد القانونية التي تعنى بتنظيم أوضاع النزلاء داخل مراكز الإصلاح والتأهيل، والتي تسعى في مجملها إلى إعادة إصلاحهم وتأهيلهم وصولاً إلى دمجهم من جديد كأعضاء فاعلين في المجتمع، بعد انقضاء مدة محكومياتهم، ووفرت طيفاً من الحقوق والواجبات من بينها الإجازات البيتية والتي ينبغي إعمالها وفي الوقت ذاته مراعاة متطلبات السلامة الأمنية.

كما أشارت القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي أوصى بها مؤتمر الأمم المتحدة الأول لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين في العام 1955م، إلى أنه من المستحسن أن يعمد، قبل انتهاء مدة العقوبة، إلى اتخاذا التدابير الضرورية لكي تضمن للسجين عودة تدريجية إلى الحياة في المجتمع، وهذا هدف يمكن بلوغه، تبعـا للحالة، من خلال مرحلة تمهد لإطلاق سراح السجين تنظم في السجن نفسه أو في مؤسسة أخرى ملائمة، أو من خلال إطلاق سراح تحت التجربة مع إخضاعه لضرب من الإشراف والرقابة ولا يجوز أن يعهد به إلى الشرطة بل ينبغي أن يشتمل على مساعدة اجتماعية فعالة[1].

إن الإجازات البيتية تلامس جوهر حقوق الإنسان وتعبر عن فلسفة وفقه القانون فيما يتعلق بالعقاب على المخالفات التي تشكل مساساً بالقانون. فالدولة ليست طرفاً ثأرياً أو منتقماً من مواطنيها بقدر ما هي التنظيم البشري الأرقى لصوغ العلاقات بين أفراد مجتمعها وبين مؤسساتها وبين أفراد المجتمع. لذلك فإن الغاية من العقاب في الأنظمة السياسية الديمقراطية التي تحترم حقوق الإنسان تنطلق من حفظ أمن وسلامة الأفراد والممتلكات ومساعدة من يرتكبون مخالفات أو يمارسون سلوكاً منحرفاً على العودة إلى جادة الصواب وهي تسعى لتحويلهم من مشكلة وعبء على المجتمع إلى طاقة انتاج إيجابية من خلال تقويم سلوكهم وإعادة دمجهم في المجتمع. وهي تسعى لأن لا يتحول السجن إلى وصمة تعزل الأشخاص عن بيئاتهم ومحيطهم الاجتماعي، أو أن يتحول إلى مكان يعيد انتاج المجرمين ويجعلهم أكثر خطورة وحقد على المجتمع. وضمن هذه الرؤية والسياق يجب وضع إطار ناظم للزيارات البيتية ينسجم ومقاصد عملية الإصلاح والتأهيل الرامية إلى إعادة دمج النزلاء في المجتمع.  

 

[1] انظر فقرة (2) من البند (60) من الجزء الثاني في القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء لعام 1955م