بيانات صحفية

في اليوم العالمي لحقوق الإنسان

مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي الوفاء بالتزاماته تجاه المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة

    شارك :

10 ديسمبر 2016 |المرجع 80/2016

يصادف اليوم العاشر من كانون الأول/ ديسمبر من كل عام، اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وهو اليوم الذي اعتمدت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة في العام 1948، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي عام 1950، اعتمدت الجمعية العامة القرار 423 (د - 5) الذي دعت فيه جميع الدول والمنظمات المعنية للاحتفال بهذا اليوم بوصفه يوم حقوق الإنسان. كما يشكل مناسبة مهمة لاستعراض الجهود الدولية على صعيد احترام وتعزيز وحماية حقوق الإنسان وحرياته الأساسية على المستوى العالمي، باعتبارها جوهر مبادئ الشرعة الدولية لحقوق الإنسان.

 تأتي الذكرى 68 للإعلان في ظروف بالغة القسوة تنتهك فيها حقوق الإنسان الأساسية بالنسبة للفلسطينيين في الأراضي المحتلة، الذين تمارس بحقهم مختلف أنواع الانتهاكات، ويتعرضون لحملة تمييز متصاعدة وسط عجز وتحلل واضح من قبل المجتمع الدولي عن القيام بواجبه القانوني والأخلاقي تجاه حمايتهم ومجابهة الانتهاكات الإسرائيلية المنظمة والجسيمة لمبادئ حقوق الإنسان التي حملها وبشر بها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي.

ففي القدس المحتلة عمدت تلك القوات على إفراغ السكان الفلسطينيين، من خلال هدم منازلهم وفصل الأحياء السكنية الفلسطينية عن المدينة المحتلة، وتفرض إجراءات مشددة على دخول البلدة القديمة في مدينة القدس، وتقيم الحواجز العسكرية على مداخل المدينة وتنكل بسكانها، وتمعن في أعمال الاعتقال وما يرافقها من تعذيب ومعاملة مهينة، وتستهدف المتظاهرين سلمياً بالرصاص الحي وغيره من أدوات القمع، وتخلق حالة من الخوف والهلع في صفوف الفلسطينيين من خلال اتاحة وتشجيع استخدام الأسلحة من قبل الجنود وأفراد الشرطة وحتى المستوطنين ضد المدنيين الفلسطينيين العزل.

وفي الضفة الغربية، تستولي تلك القوات على الأراضي، وتصادر المياه، وتنشئ وتتوسع في المستوطنات، وتفصل المدن والقرى في الضفة الغربية عن بعضها البعض، وأقامت الجدار العازل الذي ابتلع 58% من أراضي وممتلكات الفلسطينيين، ما تسبب في نتائج اجتماعية واقتصادية مدمرة لعبت دوراً جوهرياً في توسيع ظاهرة الفقر وزيادة أعداد الفقراء في الضفة الغربية المحتلة.

وفي قطاع غزة، أين يقطن 2 مليون نسمة، وتصنف كأحد أكبر أنماط الكثافة السكانية عالمياً، تستمر سلطات الاحتلال في عزلها عن امتدادها الجغرافي مع الضفة الغربية، وتستمر تلك القوات في جرائمها ضد القطاع، سواء عبر اعتداءاتها العسكرية، أو من خلال الحصار الشامل غير القانوني على سكان القطاع، والذي امتد لعامه السادس عشر على التوالي، والذي يمثل عقاباً جماعياً وجريمة ضد الإنسانية بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني، والذي خلفت آثاره العديد من الأزمات المعيشية والإنسانية، وانعكست على مجمل أوجه الحياة.

 وقد عانى الفلسطينيون في القطاع انتهاكاً متواصلاً لحقوقهم وحرياتهم الأساسية جراء تلك الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، التي تسببت في سقوط آلاف القتلى والجرحى، فضلاً عن التدمير المنهجي والمنظم لممتلكاتهم وأعيانهم المدنية، بما فيها المباني السكنية والمرافق الحيوية والبنى التحتية لمدن وقرى ومخيمات القطاع. هذا وانتهجت سلطات الاحتلال سياسة التدمير المنظم للمنشآت الصناعية والتجارية وجرفت الأراضي الزراعية وأتلفت المزروعات، الأمر الذي قوض من أسس الاقتصاد الوطني وأفقد عشرات آلاف الأسر مصادر دخلها وحولها إلى أسر معوزة سواء جراء فقدان أربابها فرص عملهم داخل الخط الأخضر أو في القطاع الخاص الفلسطيني.

كما شنت قوات الاحتلال ثلاثة حروب ضد القطاع بالإضافة إلى الاعتداءات المتكررة والمتواصلة خلال الأعوام السابقة والتي نتج عنها وبحسب توثيق المركز سقوط (7349) قتيل، واصابة ما يزيد عن (20000)، وتدمير (52979) منزل بشكل كلي وجزئي، وتدمير (3911)، منشأة صناعية وتجارية، و(2040) منشأة عامة، و(2499) مركبة، ولا تزال آلاف الأسر في انتظار إعادة إعمار منازلها نتيجة القيود التي تفرضها قوات الاحتلال.

هذا وأفضت سياسات المجتمع الدولي إلى مضاعفة معاناة المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة وفي قطاع غزة على وجه الخصوص، حيث يستمر التسامح مع الحصار الإسرائيلي المتواصل، ودون اتخاذ أي خطوات من شأنها أن تسمح على الأقل للمهجرين قسرياً ممن هدمت منازلهم وعاشوا الخوف والترويع وفقدوا أبنائهم أو أقاربهم خلال العدوان الإسرائيلي الأخير باستعادة مساكنهم، ووقف معاناتهم المستمرة واستعادة كرامتهم التي أهدرها التشرد. وفي هذا السياق تشير الوقائع بعد مرور أكثر من عامين ونصف على توقف عدوان عام 2014، أنه لاتزال عملية استعادة حياة السكان وبناء المساكن وإعادة ما دمره الاحتلال يتحرك ببطيء شديد جراء مواصلة سلطات الاحتلال تقليص المواد الضرورية في أعمال البناء والاعمار

يتعاظم شعور الفلسطينيين بالظلم في اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وتسيطر مشاعر الإحباط، في ظل تجاهل المجتمع الدولي لمعاناتهم وما يتعرضون له من جرائم حرب متواصلة، دون أن يحرك ساكناً على العكس من ذلك فهم يشاهدون استمرار تسامح المجتمع الدولي مع الجرائم الإسرائيلية وعدم اتخاذ خطوات جدية لوقفها، وإنصاف الضحايا وملاحقة المجرمين. وذلك ما يدفع إلى التشكيك في نشاطات الأمم المتحدة عموماً، بما في ذلك منظومة حقوق الإنسان والقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الدولية التي تؤكد على حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، وحق اللاجئين في العودة والتعويض وغيرها من القرارات التي تدين الانتهاكات الإسرائيلية المنظمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

مركز الميزان لحقوق الإنسان يعيد التأكيد في ذكرى اليوم العالمي لحقوق الإنسان، على الأهمية الكبرى للإعلان وجميع الحقوق والحريات الواردة فيه وفي غيره من الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وعلى إيمانه العميق ونضاله الدؤوب والمتصل لتحويلها واقعاً في هذه المنطقة من العالم. كما يؤكد مركز الميزان على أن استمرار احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية وانتهاكاتها المنظمة بحق المدنيين الفلسطينيين يشكلان تناقضاً واضحاً بين ما يعلنه المجتمع الدولي من انتصار لقيم الحرية والعدالة وحقوق الإنسان، وبين تحلله من أي التزامات بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني، بل واستمرار تجاهله لأساس المشكلة والذي يكمن في استمرار الاحتلال.

إن المركز وإذ يرحب بتصاعد الحراك الشعبي المتضامن مع قضية العدالة وحقوق الإنسان في فلسطين، فإنه يدعو أحرار العالم إلى مزيد من الجهود لمناهضة أبشع أنواع التمييز العنصري وجرائم الحرب الإسرائيلية المتواصلة بحق المدنيين في أراضي دولة فلسطين المحتلة، ويؤكد على أن ما يجري في الأراضي الفلسطينية المحتلة يشكل محكاً جدياً لسلوك المجتمع الدولي وجدية سعيه لحماية حقوق الإنسان وتحقيق العدالة حول العالم.

ويطالب المركز بهذه المناسبة المجتمع الدولي بالوفاء بواجباته القانونية والأخلاقية تجاه السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتفعيل مبدأ المحاسبة والمسائلة، وضمان عدم إفلات قادة دولة الاحتلال من العقاب عما ارتكبوه أو أمروا بارتكابه من جرائم.

 

انتهى

إعلان