17 يونيو 2008
أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان تقريراً حقوقياً حول جريمة استخدام المدنيين كدروع بشرية في قطاع غزة.
يعرض التقرير لأشكال استخدام المدنيين كدروع بشرية في القطاع على النحو الآتي: السيطرة على المنازل السكنية، واحتجاز سكانها في مكان واحد (غالباً في إحدى غرف المنزل) وتحويلها إلى ثكنات عسكرية، واتخاذ ساكنيها دروع بشرية لردع أية هجمات مضادة، أو إجبارهم على القيام بأعمال نيابةً عن الجنود، كفتح تغرات في الجدران، أو خلع بلاط أرضية المنزل لاستخدامها كسواتر للجنود قرب النوافذ.
فيما تفتح قوات الاحتلال نيران رشاشاتها وقناصيها من هذه المنازل لقنص كل ما يتحرك في المنطقة.
ويرصد التقرير قبض قوات الاحتلال على مدني أو أكثر، وإرغامه على السير أمام الجنود تحت تهديد السلاح بهدف حمايتهم .
كما يرصد قيام قوات الاحتلال القبض على مدني أو أكثر، وإرغامه على تأدية مهام في إطار العمليات العسكرية، مثل الطرق على أبواب مواطنين آخرين وإبلاغ مطلوبين بتسليم أنفسهم، أو إجراء عمليات تفتيش أو فحص أجسام مشبوهة.
وتظهر المعلومات التي يوردها التقرير مواصلة قوات الاحتلال لأحد أسوأ انتهاكات حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي وهو استخدام المدنيين كدروع بشرية، حيث يظهر مدى استخفاف تلك القوات بحياة المدنيين، وعدم الاكتراث بتعريضهم للخطر كوسيلة لتأمين الحماية لحياة قواتها العسكرية التي تكون في العادة في حالة هجوم.
وكانت حالة الطفلة رنا النباهين نموذجاً على الاستخفاف بحياة الأطفال، بحيث استخدمت الطفلة كدرع بشري من قبل مجموعة من الجنود، وتعرضت لإطلاق نار من قبل جنود آخرين في المكان، حيث لم يكلف الضابط الذي أجبرها على القيام بمهام نيابة عن جنوده، نفسه عناء إبلاغ القوات الأخرى أن الطفلة تتحرك بناء على أوامره.
كما يظهر التقرير انتهاك تلك القوات لحرمة المنزل السكنية وتحويلها إلى ثكنات عسكرية بطريقة عرضت سكانها دون تمييز إلى خطر شكل تهديداً جدياً على حياتهم.
وفيما يورد التقرير مواقف بعض من المؤسسات الدولية لحقوق الإنسان وتأكيدها على ارتكاب قوات الاحتلال لهذا الشكل من الانتهاكات بناء على معلومات ميدانية، فإنه يورد أيضاً مواقف لمؤسسات إسرائيلية أكدت تكرار هذه الممارسة.
ويشير التقرير إلى موقف القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان من جريمة استخدام المدنيين كدروع بشريه، وفي الوقت نفسه أبرز موقف المحكمة العليا الإسرائيلية التي تحظر على قوات الاحتلال هذه الممارسة.
وبالنظر إلى المعطيات الميدانية التي يوردها التقرير فإن من الواضح أن قوات الاحتلال ارتكبت انتهاكات منظمة لمبادئ حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني، وهي انتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم الحرب، التي تفرض على المجتمع الدولي، ولاسيما الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، العمل على ملاحقة المجرمين الإسرائيليين ممن ارتكبوا هذه الجرائم ومن أمروا بارتكابها.
تأتي هذه الممارسة في سياق متواصل من تصعيد قوات الاحتلال لعدوانها على السكان المدنيين وممتلكاتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة، واستهداف المدنيين وممتلكاتهم والأعيان المدنية من خلال عمليات القصف بالقذائف الصاروخية والمدفعية التي تستهدف مدنيين ومناطق سكنية، وتشديد الحصار المفروض على قطاع غزة، وهي ممارسات تمثل انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني.
ويستنكر مركز الميزان في خاتمة تقريره استمرار تجاهل قوات الاحتلال لقواعد القانون الدولي الإنساني في تعاملها مع السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وتحللها من الالتزامات التعاقدية والعرفية بموجب قانون حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.
ويطالب المجتمع الدولي، لاسيما الأطراف السامية الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة بشأن حماية المدنيين في زمن الحرب، بالوفاء بالتزاماتها القانونية والأخلاقية تجاه السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتحرك العاجل لوقف جرائم الحرب الإسرائيلية المتواصلة وتوفير الحماية الدولية للسكان المدنيين وممتلكاتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويؤكد المركز أن عجز المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته، وحالة الصمت التي تلف موقفه تجاه جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي، شكلت ولم تزل عاملاً مشجعاً لقوت الاحتلال كي تمضي قدماً في جرائمها.
انتهى