25 سيپٽمبر 2025
يصادف الجمعة الموافق 26/9/2025؛ اليوم العالمي للتضامن مع الصحافي الفلسطيني، ويأتي هذا اليوم وسط استمرار حرب الإبادة الجماعية التي تشنّها قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، ووسط جرائم منظمة ترتكب بحق الصحافيين/ات والعاملين/ات في حقل الإعلام، وتعمد استهدافهم بالقتل والإصابة، وتستهدف أسرهم وممتلكاتهم لترهيبهم ومنعهم من القيام بواجبهم المهني في نقل الحقيقة، وفضح جريمة الإبادة الجماعية، وتحظر دخول وكالات الصحافة الأجنبية أو مراسليها، بعد مضي ما يقارب من عامين على جريمة الإبادة الجماعية، وهو أمر غير مسبوق في تاريخ الحروب.
وتشير الوقائع على الأرض إلى أن قوات الاحتلال الإسرائيلي جعلت الصحافيين/ات والعاملين في حق الإعلام هدفاً مباشراً لهجماتها، واستهدفتهم وعائلاتهم وممتلكاتهم ومعداتهم، على الرغم من وضوح شارة الصحافة، وارتدائهم ما يظهر طابع عملهم الصحفي، وحملهم معدات صحفية ظاهرة كالكاميرات ونحو ذلك، واستخدامهم مركبات تحمل شارة الصحافة (PRESS) أو (TV). وتهاجم مقرات وسائل الإعلام والمنشآت الإعلامية باختلاف أنواعها، مرئية، أو مقروءة، أو مسموعة، أو إلكترونية؛ وتقرصن ترددات البث للفضائيات الفلسطينية، وتشوش على الإذاعات المحلية، وتخترق المواقع الإلكترونية لوسائل الإعلام الفلسطينية؛ في محاولة مستمرة لحجب التغطية الصحافية من أجل تغييب الحقائق، منع وصولها بأي ثمن للرأي العام العالمي.
ووفقاً لتوثيق مركز الميزان، فإنه وخلال الفترة الممتدة من 7/10/2023، وحتى 26/9/2025، قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي (303) من العاملين في حقل الإعلام، من بينهم (213) صحافياً، و(38) صحافية، كما أصيب (433) صحافي وصحافية، واعتقلت حوالي (48) صحافي[1].
وتعرضت عشرات المؤسسات والمقرات الإعلامية والمركبات الخاصّة بها، للضرر الكلي والجزئي، فيما تكبد قطاع الإعلام خسائر قدرت بنحو 400 مليون دولار، بشكل أولي، وتشمل تدمير مقرات عمل المؤسسات الإعلامية وفروعها المختلفة وأدواتها ومستلزماتها من فضائيات وإذاعات ووكالات إخبارية ومراكز إعلامية تدريبية، خلال الإبادة الجماعية، وذلك حتى تاريخ إصدار البيان2.
وتجدر الإشارة إلى التقييد الممنهج والمتصاعد للمحتوى الذي ينشره الصحافيون الفلسطينيون عبر منصات التواصل الاجتماعي والمتعلق بما يجري على أرض الواقع في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وحملات التحريض والاستهداف المباشر لهم بهدف حجب الحقيقة ومنع وصولها إلى الرأي العام، وانتهاك الحق في الوصول إلى المعلومات وتداولها.
وبعد مرور عامين على حرب الإبادة الجماعية، لا زالت تمنع قوات الاحتلال الإسرائيلي الوكالات الصحفية العالمية، والصحافيين الأجانب من دخول قطاع غزة، وتدعي أنها بذلك تحافظ على حياتهم بحجة أن قطاع غزة منطقة خطرة، في حين يصر الاتحاد الدولي للصحافيين على دخول قطاع غزة لنقل الحقيقة بعيداً عن الدعاية الإسرائيلية، وهو ما أكده أمين عام الاتحاد أنتوني بيلانجر، خلال مقابلة صحفية، حيث أكد أنهم يطالبون منذ بداية الحرب دخول قطاع غزة ولكن دون جدوى، وأن قوات الاحتلال تقتل الصحافيين الذين لا يملكون سوى كاميرا أو هاتف، ويقدمون تبريرات غير مقنعة، ولا يتعرضون لأي مساءلة، مؤكداً أن هذا السلوك يمثل جريمة حرب، وأن ما يحدث فعلاً هو أن جيشاً يواجه مجموعة من الصحافيين، ولا بد أن يتحرك الصحافيون في أنحاء العالم لإنقاذ زملائهم بغزة.
في حين فرضت الولايات المتحدة الأمريكية عقوبات على منظمات حقوق الإنسان الفلسطينية الثلاث، (مركز الميزان لحقوق الإنسان، مؤسسة الحق، والمركز الفلسطيني لحقوق الإنسان)، وهي المؤسسات الحقوقية الفلسطينية الرائدة التي تعمل على ملاحقة مرتكبي الجرائم في فلسطين أمام القضاء الجنائي الدولي، وسبقتها عقوبات طالت مدعي عام المحكمة وبعض القضاة، والمقررة الخاصة لحقوق الإنسان للأمم المتحدة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وجميعها عقوبات فرضت من أجل إخفاء الحقيقة ومنع وصولها للعلن، وتعطيل مبدأ المحاسبة والمساءلة والإفلات من العقاب، وقبولاً لما يحدث من إبادة جماعية.
مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يجدد تضامنه مع الصحافيين/ات الفلسطينيين/ات والعاملين/ات في حقل الإعلام، ويثمن دورهم اللافت في الدفاع عن ضحايا انتهاكات حقوق الإنسان وفضحها، وتضحياتهم وتحملهم للمسئولية ومواصلة العمل تحت التهديد والاستهداف الذي يطال حياتهم؛ فإنه يجدد استنكاره الشديد لاستمرار جرائم قوات الاحتلال الإسرائيلي المنظمة بحق الصحافيين/ات والعاملين/ات في حقل الإعلام، ويؤكد المركز أن هذه الجرائم تشكل دليلاً دامغاً على سعيها منع نقل الحقيقة للعالم، وقتل الشهود لإخفاء جرائمها. كما يستهجن المركز استمرار صمت المجتمع الدولي على ما يحصل من جريمة إبادة جماعية، بما في ذلك قتل واستهداف الصحافيين/ات، وبالتالي توفير الحصانة لمرتكبي الإبادة.
وعليه؛ يطالب المركز المجتمع الدولي بضرورة التحرك الفوري لوقف الإبادة الجماعية، وتوفير الحماية للصحافيين/ات وغيرهم/ن من المدنيين الفلسطينيين، والعمل على ملاحقة ومساءلة كل من يشتبه في ارتكابهم انتهاكات جسيمة وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في سياق جريمة الإبادة الجماعية، كواجب قانوني أصيل وأخلاقي يقع على عاتق كل الدول.
كما يطالب المؤسسات الدولية المختصّة، والمؤسسات الدولية الفاعلة في مجال الإعلام والصحافة والحريات الصحافية، ونقابات الصحافيين، وصحافيي/ات العالم أجمع؛ بتسليط الضوء على انتهاكات وجرائم قوات الاحتلال بحق الصحافيين/ات الفلسطينيين/ات والعاملين/ات في حقل الإعلام، والاهتمام بقضاياهم، وتوسيع حملات التضامن معهم، والعمل على إنهاء الحصانة التي يتمتع بها مقترفو الجرائم وعدم إفلاتهم من العقاب.
انتهى
[1] لمزيد من التفاصيل راجع تقرير الميزان بعنوان: أقتل الشاهد وأخف الجريمة، صدر بتاريخ 1/9/2025. الرابط: https://www.mezan.org/ar/post/46761 .