بيانات صحفية

في الذكرى الـ(44) ليوم الأرض والثانية لمسيرات العودة

الميزان يطالب المجتمع الدولي بإعادة الاعتبار للعدالة المغيبة في الأرض الفلسطينية المحتلة وإنهاء حصار غزة

    شارك :

30 مارس 2020 |المرجع 18/2020

يصادف الاثنين الموافق 30 من شهر آذار/ مارس 2020، الذكرى الـ(44) ليوم الأرض، التي يحييها الشعب الفلسطيني كل عام في جميع مناطق تواجده في الوطن والشتات، مؤكداً على تمسّكه بحقوقه الثابتة والمشروعة وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير.

كما يصادف اليوم نفسه، الذكرى الثانية لمسيرات العودة السلمية، التي انطلقت في قطاع غزة بتاريخ 30/3/2018، لإحياء ذكرى يوم الأرض، وتأكيد تمسك الفلسطينيين بحق العودة وفقاً لقرار الأمم المتحدة 194 الخاص بعودة اللاجئين الفلسطينيين وتعويضهم، والمطالبة بكسر الحصار الذي تفرضه قوات الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة للعام الثالث عشر على التوالي، وأفضى إلى تردي الأوضاع المعيشية والإنسانية. وتبدو آثار الحصار واضحة اليوم في ظل جائحة كورونا وعدم قدرة القطاع الصحي على التعامل مع الجائحة فيما لو تفشى الفيروس في ظل نقص الإمكانيات والتجهيزات والمعدات الطبية والأدوية.

لقد شكلت ممارسات الاحتلال الإسرائيلي فيما يتعلق بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، سلوكاً منظماً وسياسة عامة انتهجتها سلطات الاحتلال ولاسيما في تعاملها مع أراضي الضفة الغربية والقدس. ففي القدس عمدت تلك السلطات إلى إفراغ المدينة من سكانها الفلسطينيين الأصليين، فهي تهدم منازلهم، وتمنعهم من البناء، وتستولي على منازلهم وتمنحها لمواطنيها من اليهود، وتسعى لفصل الأحياء السكنية الفلسطينية عن المدينة المحتلة وحصرهم فيما يشبه المعازل، وتفرض إجراءات وقيود مشددة على تنقلهم وعملهم بهدف التضييق عليهم.

 وفي الضفة الغربية، صادرت سلطات الاحتلال ما يزيد عن 50% من إجمالي مساحة الضفة الغربية، بعد إقامتها لجدار الفصل العنصري، وفصلت المدن والقرى في الضفة الغربية عن بعضها البعض، وأقامت نقاط التفتيش المذلة، وحولت مدن وقرى الضفة إلى سجون كبيرة، واستولت على أراضي الفلسطينيين لصالح بناء المستوطنات الإسرائيلية وتوسعتها، بل وأقر الكنيست الإسرائيلي قانون (تسوية الأراضي)، الذي يسمح للمستوطنين اليهود بالبقاء في منازلهم التي تم بناؤها، على الرغم من أنها لا تمنحهم ملكية الأرض التي يعيشون عليها، ويلغي القانون إمكانية مطالبة أصحاب الحق الفلسطينيين بالأرض حتى يتم التوصل إلى حل دبلوماسي لوضع الأراضي.

وفي قطاع غزة، واصلت قوات الاحتلال حصارها المشدد المفروض على القطاع للعام الثالث عشر على التوالي، وواصلت هجماتها الحربية التي قتلت وأصابت خلالها الآلاف، واستهدفت البنى التحتية، ودمرت آلاف المنازل والممتلكات العامة والخاصة، وطالت الانتهاكات الإسرائيلية المنظمة مختلف مناحي الحياة، وظهرت آثارها الكارثية على جملة واسعة من الحقوق والخدمات الأساسية؛ وأفضت إلى تدهور الأوضاع الإنسانية، ما دفع بالمواطنين للاستمرار بالتظاهر بشكل سلمي، في إطار مسيرات العودة وكسر الحصار احتجاجاً على الظلم والانتهاك المتواصل لحقوقهم لأكثر من خمسين عام. وتعاملت قوات الاحتلال مع المشاركين في تلك المسيرات باستخدام القوة المفرطة والمميتة، وتعمدت إيقاع الأذى في صفوفهم، واستهدفت الأطفال والنساء وذوي الإعاقة، والطواقم الطبية والصحافيين.

وبحسب توثيق مركز الميزان لحقوق الإنسان، فقد بلغت حصيلة ضحايا الانتهاكات الإسرائيلية من المشاركين في مسيرات العودة منذ انطلاقها بتاريخ 30/03/2018، وحتى وقت إصدار البيان (217) شهيداً، من بينهم (48) طفلاً، وسيدتين، و(9) من ذوي الإعاقة، و(4) مسعفين، وصحافيين اثنين.

كما أوقعت قوات الاحتلال (19237) إصابة، من بينهم (4974) طفل، و(867) سيدة، ومن بين المصابين (9517) أصيبوا بالرصاص الحي، من بينهم (2127) طفلاً، و(191) سيدة. فيما بلغ عدد مرات استهداف الطواقم الطبية (283) مرة، أسفرت عن إصابة (225) مسعف، تكرر إصابة (44) منهم أكثر من مرة، فيما بلغ عدد مرات استهداف الطواقم الصحفية (249) مرة، أسفرت عن إصابة (173) صحافي، تكرر إصابة (43) منهم أكثر من مرة.

وبعد مرور عامين على انطلاقة مسيرات العودة، وعام كامل على تقرير لجنة التحقيق الدولية المستقلة، التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة للتحقيق في انتهاكات قوات الاحتلال خلال مسيرات العودة، الذي أدان فيه سلوك قوات الاحتلال تجاه المشاركين في هذه المسيرات، بقي المجتمع الدولي عاجزاً عن محاسبة قوات الاحتلال على الانتهاكات التي اقترفها والتي قد ترتقي لمستوى جرائم الحرب، بل إن انتهاكات القانون الدولي بقيت مستمرة.

ورغم حجم التضحيات الكبير، وموقف القانون الدولي الواضح، وخلاصات تقارير لجان التحقيق، إلا أن سلطات الاحتلال واصلت التحلل من التزاماتها بموجب القانون الدولي وعجز المجتمع الدولي عن القيام بواجبه في ملاحقة ومحاسبة من يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب. كما فشلت في إنهاء الحصار المشدد المفروض على قطاع غزة للعام الثالث عشر على التوالي، الأمر الذي سيدفع ثمنه المدنيون في قطاع غزة، ولاسيما مع تفشي فيروس كورونا (كوفيد 19)، في ظل تدهور مستوى الخدمات الأساسية ولاسيما قطاع الصحة، الذي كان عاجزاً عن التعامل مع كثير من الأمراض والكسور ويضطر إلى تحويلها للخارج، فكيف سيكون عليه الأمر مع جائحة كورونا التي تبدو أمامه الدول القادرة عاجزة عن التعامل مع المرضى.

مركز الميزان لحقوق الإنسان، يعبر عن قلقه الشديد جراء السياسات والممارسات التي تقرها وتنفذها سلطات الاحتلال على الأرض، ولاسيما تلك المتعلقة بالاستيلاء على الأراضي وتهويد القدس، واستمرار إقامة وتوسيع المستوطنات، وتغيير الطابع الديمغرافي والجغرافي للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 بما يحول دون تمتع الفلسطينيين بحقوقهم المشروعة وعلى رأسها إقامة دولتهم الفلسطينية مستقلة.

ويجدد المركز استنكاره الشديد لاستمرار وتصاعد الانتهاكات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة ولاسيما استخدام القوة المفرطة والمميتة واستمرار الحصار، فإنه يشدد على أن حصار قطاع غزة يرتقي إلى جريمة العقاب الجماعي، والتي لا زالت مستمرة كل هذه السنوات وآن أوان إنهاءها دون إبطاء، والعمل على ضمان احترام حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي في الأراضي الفلسطينية.

وإذ يستنكر المركز الانتهاكات الإسرائيلية، فإنه يستهجن استمرار صمت المجتمع الدولي، الذي يظهر مدى تحلله من أبسط التزاماته القانونية بموجب القانون الدولي، الذي يفشل في إنهاء حصار غزة كونه ينتهك قواعد القانون الدولي، الأمر الذي يستمر بالرغم وجود سبب إضافي لإنهائه وهو شيوع فيروس كورونا (كوفيد 19)، الأمر الذي سيدفع السكان المدنيون ثمنه كتهديد جديد لحقهم في الحياة في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة. إن استمرار الاحتلال ومواصلة انتهاكاته يسهم في استمرار وتفاقم معاناة الشعب الفلسطيني ويهدد حياتهم ولاسيما في قطاع غزة.

وعليه فإن مركز الميزان إذ يطالب المجتمع الدولي بحماية المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، كخطوة على طريق إنهاء الاحتلال، وإعادة الاعتبار للعدالة المغيبة في الأرض الفلسطينية المحتلة، فإنه يهيب بالشعوب والمؤسسات وغيرها من مكونات المجتمع المدني حول العالم بتعزيز تضامنها مع الشعب الفلسطيني، وإنهاء حصار غزة لحماية أرواح سكانه، وتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقوقه المشروعة وفقاً للقانون الدولي ولأهداف الإنسانية المتمثلة في ميثاق الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان وغيرهما من المواثيق والاتفاقيات الدولية ذات العلاقة. 

 

انتهى