بيانات صحفية

في ظل غياب أي رقابة قضائية أو حماية قانونية: قوات الاحتلال تواصل توحشها وترتكب أبشع جرائم التعذيب بحق من تعتقلهم من قطاع غزة

    Share :

15 أبريل 2024

15 أبريل/نيسان 2024

تحتجز قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء هجومها العسكري المستمر على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ما يقارب 3,000 معتقل/ة فلسطيني/ة من قطاع غزة، من بينهم نساء وأطفال وكبار سن وأطباء وممرضين ومدرسين وصحفيين وفئات أخرى، في حملة شرسة غير مسبوقة يواجه فيها المعتقلون كافة أشكال التوحش والتعذيب والمعاملة اللاإنسانية والمهينة والحاطة بالكرامة الإنسانية منذ لحظة الاعتقال وصولا إلى مراكز التحقيق. كما تتكتم سلطات الاحتلال عن مصير عشرات المعتلقين من القطاع أو حتى الإفصاح عن أعدادهم، ويمنع المحامين والصليب الأحمر من زيارة المعتقلين، وهو ما يعتبر ضمن جريمة الاخفاء القسري، في ظل غياب أي رقابة قضائية أو حماية قانونية في تحدي سافر لأحكام القانون الدولي الانساني والقانون الدولي لحقوق الانسان.

وفقا للمعلومات المتوفرة لدى مركز الميزان وما يقوم به من رصد وتوثيق، فإن هناك (1,650) معتقل من قطاع غزة استطاع المركز حصرهم داخل السجون الإسرائيلية، بموجب قانون المقاتل غير الشرعي، وهو قانون صدر في عام 2002 وجرى تعديله مؤخرا في ديسمبر 2023، يحرم المعتقلين من أي مراجعة قضائية ومن ضمانات المحاكمة العادلة. يسمح لوزير الأمن الإسرائيلي أو من يخوله أن يصدر قرار اعتقال بحق أي شخص من قطاع غزة دون تهمة. تم استخدامه على نطاق واسع ضد سكان قطاع غزة كبديل للاعتقال الإداري، الذي يستخدم عادة ضد سكان الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية، بالإضافة إلى الفلسطينيين من الجنسية الإسرائيلية.

يتوزع هؤلاء المعتقلين على سجن نفحة وسجن النقب في عزلة كاملة عن العالم، حيث صدر قرار قضائي بمنع نشر معلومات تتعلق بهم، ويحرمون من توكيل محامين أو أي تمثيل قانوني. كما حولت سلطات الاحتلال حوالي (300) معتقل آخر من قطاع غزة، من بينهم (10 أطفال) إلى التحقيق في قضايا أخرى، وهم موزعين على سجني عسقلان وعوفر. جدير بالذكر أن صحيفة هآرتس نشرت في تقرير بتاريخ 7 مارس/آذار بأن 27 معتقلا من غزة قد توفوا داخل السجون الإسرائيلية منذ بداية العدوان على قطاع غزة.   

وقد تابع المركز منذ اللحظات الأولى عمليات الاعتقال من خلال عمليات الرصد والتوثيق التي يقوم بها محامو المركز وباحثوه الميدانيين، حيث تمكن محامي المركز مؤخراً وبعد استنفاذ كافة مدد منع التقاء المحامي بالمعتقلين[1]، من زيارة ما يقارب 40 معتقلا موزعين على سجني عسقلان وعوفر، حيث تظهر شهادات المعتقلين وما أفادوا به لمحامي المركز بتعرضهم للتعذيب والمعاملة المهينة والحاطة بالكرامة منذ اللحظات الأولى لاعتقالهم، حيث يتم إجبارهم على خلع ملابسهم ويتم تعصيب أعينهم وتقييد أيديهم لأيام واخضاعهم للضرب المبرح والشبح وحرمانهم من النوم لعدة أيام ومن الطعام وتعمد سياسة التجويع كشكل من أشكال التعذيب والعقاب الجماعي.

هذا وأفاد أحد المعتقلين والذي يبلغ من العمر 19 عاما لمحامي المركز في وصف ما تعرض له من تعذيب بأنه تعرض للضرب منذ لحظة اعتقاله وتم خلع ثلاثة أظافر من يده باستخدام "زرادية" أثناء التحقيق معه، وأطلق المحققون عليه كلبا وأفاد بأنه تعرض للشبح على الكرسي على مدار ثلاث جولات ولمدة ثلاث ايام أثناء التحقيق معه ليتم نقله بعد ذلك إلى زنزانة لمدة 70 يوماً وأفاد بأنه يعاني من جوع وإعياء شديدين.

وفي وصف الظروف داخل غرف الاعتقال أفاد المعتقل نفسه بأنه لا يوجد شي داخل الغرفة ويسمح بإدخال الفرشات فقط الساعة العاشرة ليلا ولمدة أربع ساعات فقط، حيث يتم سحبها بعد ذلك، كما أنهم يستحموا بمياه باردة ويتم السماح بإدخال بعض الأكل في الصباح للمتواجدين في الغرفة البالغ عددهم 12 معتقل، وهو عبارة عن عشر شرحات من الخبز وعلبة لبنة صغيرة واحدة، والوجبة الثانية ثلاث حبات بندورة وصحن أرز، والوجبة الثالثة بيضة واحدة أو علبة تونة واحدة لكل الغرفة.

وقد أفاد محامي المركز بأن جميع المعتقلين يعانون من هزال شديد وتعب وتقوس في الظهر بسبب إجبارهم على ثني ظهورهم ورأسهم أثناء المشي، ويوجد آثار للأصفاد على يديهم، كما ويعاني المعتقلون من مجاعة حقيقية، ومن وضع نفسي صعب. كما ولا يتمكن غالبيتهم تذكر أسماء من معهم داخل الغرفة. وأوضح المحامي أن ما شاهده في زيارة معتقلي سجن عوفر لم يسبق أن شاهده على امتداد فترة عمله التي تزيد عن 20 عاما مع المعتقلين من أوضاع مزرية، حيث أفاد بأنه شاهد أحد المعتقلين عبارة عن هيكل عظمي بالإضافة لآثار كدمات في وجهه وذلك بعد ستة أشهر من اعتقاله مؤكدا أن ما يمارس بحق المعتقلين غير مسبوق ومخالف لكافة القوانين والاعراف الدولية.

ويؤكد الأستاذ عصام يونس مدير مركز الميزان لحقوق الانسان: "يتعرض المعتقلين للانتقام ولتعذيب غير مسبوق وتوحش مجرد من كل إنسانية وهو استمرار لجريمة الابادة الجماعية بالمستمرة بحق الفلسطينيين التي يجب وقفها وتقديم من أمروا وارتكبوا هذه الفظائع للعدالة. كما على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إصدار أوامر اعتقال فورا لهؤلاء المتورطين في هذه الجرائم المخالفة لميثاق روما ولقوانين وعادات الحرب وللقانون الدولي الإنساني".

وبحسب المادة 2 (ب) من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 فإن التسبب بالضرر الجسدي أو النفسي الجسيم لأفراد الجماعة يمكن أن يشكل فعلاً إبادياً، مما يضعه بقوة ضمن الإطار القانوني لجريمة الإبادة الجماعية. إن التعذيب الممنهج وواسع النطاق المفروض على الفلسطينيين المعتقلين في السجون الإسرائيلية يشكل أيضا جرائم ضد الإنسانية من التعذيب والاضطهاد.

وعليه يدعو مركز الميزان لحقوق الانسان المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته القانونية والاخلاقية اتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة وانفاذ أحكام القانون الدولي وحماية الأشخاص المدنيين، ولا سيما المعتقلين، ووقف التوحش والاجراءات التعسفية وجرائم التعذيب التي يتعرضون لها في معسكرات قوات الاحتلال وسجونها. كما يدعو المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية إلى إصدار وعلى وجه السرعة أوامر اعتقال ضد كل من أمر أو ارتكب مثل هذه الجرائم المروعة، ويشمل ذلك رئيس هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي وكبار المسؤولين في إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية.



[1] اقرأ تقرير مركز الميزان لحقوق الإنسان حول الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة ضد المعتقلين الفلسطينيين، الذي صدر بتاريخ 7 أبريل/نيسان 2024، على الرابط التالي: https://mezan.org/uploads/files/2024/4/1712323548Torture%20report-AlMezan.pdf