تقارير و دراسات
تقرير حول هدم وتدمير المنازل السكنية خلال الهجوم العسكري واسع النطاق الذي شنته قوات الاحتلال الاسرائيلي خلال الفترة من 8 تموز/يوليو وحتى 26 اب/أغسطس 2014
19 أغسطس 2015
Short Link:
تعزز الحقائق والمعلومات الواردة في التقرير ما سبق وأن ذهب إليه مركز الميزان لحقوق الإنسان من أن تحقيقاته، وكذلك التحقيقات التي أجرتها مؤسسات دولية ووطنية، تؤكد وجود أدلة دامغة على وقوع كم هائل من الانتهاكات الجسيمة والمنظمة للقانون الدولي الإنساني.
وتدحض المعطيات الواردة في التقرير ادعاءات دولة الاحتلال من أن قواتها اتخذت كل الوسائل الممكنة لتجنب استهداف المدنيين من خلال تحذيرهم عبر الهاتف أو المنشورات التي تلقيها من الجو، وشدد التقرير على أن آليات التحذير والطريقة التي مورست فيها أسهمت في مزيد من ترويع المدنيين وفقدت قيمتها كونها ألقيت على كل مكان بما فيها الأماكن التي كانت تأمر فيها السكان بالتوجه إليها كأواسط المدن.
إن الحقائق التي يوردها التقرير حول جانب من جوانب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي أطلقت عليه قوات الاحتلال اسم (الجرف الصامد)، أصبحت معروفة على نطاق واسع بعد صدور تقارير عدة عن مؤسسات حقوقية فلسطينية ودولية والجهات الحكومية والدولية التي عملت على حصر الأضرار التي لحقت بالمنازل والمنشآت والممتلكات المدنية الأخرى.
وهي تقارير توافقت في خلاصتها مع ما توصلت إليه بعثة جولدستون التي حققت في العمليات العسكرية خلال هجوم (الرصاص المصبوب) وأكدت عليه في تقريرها حول ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي لانتهاكات خطيرة لمبادئ القانون الدولي لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني[1]، والتي شملت ارتكاب قوات الاحتلال الإسرائيلي لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية خلال عدوانها[2]. وأشار التقرير في أكثر من موضع إلى إحصاءات وأرقام لأعداد الضحايا والخسائر التي لحقت بالسكان المدنيين وممتلكاتهم.
وهي أرقام تعزز هذه الخلاصات وتفضح النطاق الواسع للجرائم التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال (50) يوماً قتلت ودمرت خلالها قوات الاحتلال مدنيين وممتلكات وأعيان مدنية في تحلل واضح من التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان. وتشير الأدلة المتوفرة على ارتكاب قوات الاحتلال جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، لم يزل بعضها مستمراً حتى هذا اليوم، ما يؤدي إلى إيقاع أذىً بالغ بالمدنيين وانتهاك حقوقهم الأساسية بما يتناقض مع قواعد القانون الدولي.
إن التدمير الذي لحق بقطاع غزة خلال عملية الهجوم العسكري الذي أطلقت عليه اسم (الجرف الصامد) جاء بعد عقود من الجرائم المستمرة، والتي كانت ترتكب تحت غطاء من الحصانة التي تحمي مرتكبيها وتشجعهم على المضي قدماً في جرائمهم. ففي السنوات التي تلت الانتفاضة الفلسطينية الثانية عام 2000 قتلت قوات الاحتلال الإسرائيلي آلاف المدنيين الفلسطينيين، ودمرت عشرات آلاف المنازل السكنية في قطاع غزة. كما تواصل إسرائيل توسيع مستوطناتها غير القانونية في الضفة الغربية (بما في ذلك القدس الشرقية)، مخالفةً بذلك قواعد آمرة للقانون الدولي وتضرب بعرض الحائط إرادة المجتمع الدولي. إن هذه الانتهاكات الخطيرة والمتواصلة لحقوق الإنسان والقانون الدولي لا يمكن لها أن تشكل قاعدة للسلام والعدالة التي ينشدها الشعب الفلسطيني والمجتمع الدولي برمته.
وفي ظل استمرار دائرة الانتهاك والحصانة، وعدم تقديم مرتكبي مثل هذه الانتهاكات للعدالة، وفرض سيادة القانون الغائبة منذ زمن طويل، فلن يجد الفلسطينيين أمامهم سوى انتظار العدوان الإسرائيلي القادم. إن انتهاكات القانون الدولي تبدد كل الشروط الضرورية للتوصل إلى السلام والعدل، وتضعف أي أمل لتحقيق تسوية عادلة لهذا الصراع الأزلي في المستقبل. وفي الأثناء، يبقى المدنيون الفلسطينيون يعانون من غياب أي إجراءات ذات قيمة لضمان حمايتهم.
مركز الميزان يدعو المدافعين عن حقوق الإنسان في العالم إلى مواصلة نشاطات التضامن مع الشعب الفلسطيني وحملات الضغط على رؤساء دولهم وحكوماتها لاتخاذ مواقف من شأنها أن تعزز احترام حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة وملاحقة ومحاكمة المتهمين بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية ومن أمروا بارتكابها.
ومركز الميزان يعتقد أن هذا التقرير يقدم المزيد من الحقائق بعد أشهر على وقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بغرض نشر حقائق الانتهاكات الموجهة ضد المدنيين عبر الاستهداف المنظم لمنازلهم السكنية، كما يظهر معاناة المدنيين وضحايا انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة وكونه يشكل مادة تساعد في الجهود التي يبذلها مركز الميزان ومؤسسات حقوق الإنسان الزميلة في الملاحقة القضائية لمجرمي الحرب وهي جهود تتسق مع التوجهات العالمية لجعل القرن الواحد والعشرين قرن المحاسبة والمسائلة.
[1] لمزيد من المعلومات حول تقرير غولدستون، راجع التقرير: حالة حقوق الإنسان في فلسطين وفي الأراضي العربية المحتلة الأخرى, تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة. الموجز التنفيذي، على الرابط:
http://www.mezan.org/ar/details.php?id=9108&ddname=Crimes&id_dept=12&id2=9&p=center_more
[2] لمزيد من المعلومات حول تقرير غولدستون، راجع التقرير: حالة حقوق الإنسان في فلسطين وفي الأراضي العربية المحتلة الأخرى تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق بشأن النزاع في غزة, الاستنتاجات والتوصيات، على الرابط:
http://www.mezan.org/ar/details.php?id=9109&ddname=Crimes&id_dept=12&id2=9&p=center_more