بيانات صحفية

في يوم العمال العالمي

مركز الميزان يطالب المجتمع الدولي بوقف جريمة الإبادة الجماعية وضمان غوث المدنيين الفلسطينيين

    شارك :

1 مايو 2025

إسرائيل تدمر 90% من القطاع الصناعي والزراعي في غزة وتقضي بالكامل على مقومات الإنتاج الحيواني وتعمق معاناة العمال الفلسطينيين

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب الإبادة الجماعية للشهر التاسع عشر على التوالي، وتستهدف القطاعات الاقتصادية الرئيسية على نطاق واسع، وتحظر دخول الوقود والمواد الخام اللازمة لدوران عجلة الإنتاج، وتتعمد استهداف سبل العيش وتجريف الأراضي الزراعية وتدمير الشركات، والمصانع والمزارع، وتحرم الفلسطينيين من العمل اللائق، وتدفعهم وأسرهم نحو الفقر المدقع والحرمان والعوز الشديد، وتضاعف من معاناتهم نتيجة حظر دخول المساعدات الإنسانية وتدخلهم وأسرهم في دائرة الجوع.

ويصادف الأول من أيار/ مايو اليوم العالمي للعمال، وتأتي المناسبة هذا العام في وقت يواجه فيه العمال في قطاع غزة أسوأ الظروف نتيجة استمرار وتصاعد جريمة الإبادة الجماعية، والتي وضعت فيها قوات الاحتلال القطاعات والبنية الاقتصادية في دائرة الاستهداف المباشر، وتقوم بعملية تجريف وتدمير ممنهج للمنشآت الإنتاجية والحقول الزراعية والسيطرة على مساحات واسعة منها، وتستهدف قطاع الصيد بشكل مباشر وتحرم الصيادين من مزاولة عملهم بأمان وتدمر مركباتهم ومعدات صيدهم.

 ويترافق ذلك مع استهداف القطاع المصرفي وحظر دخول النقد الأمر الذي تسبب بأزمة غير مسبوقة في السيولة النقدية طالت بتأثيراتها الكارثية جميع مناحي الحياة في ظل تهشيم البنية التحتية للاقتصاد، ما أحدث شللاً في الدورة الاقتصادية ألقى بتداعيات كارثية على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للفلسطينيين في قطاع غزة، وأسفرت هذه الإجراءات الممنهجة في تشويه الهيكل الاقتصادي الفلسطيني، وطرأ تراجع حاد في القاعدة الإنتاجية، وتكبد قطاع غزة خسائر غير مسبوقة، حيث قدرت المؤسسات الدولية الاحتياجات التمويلية لتنفيذ خطة الإعمار بنحو (53) مليار دولار.

وانعكست هذه التطورات على القوى العاملة، حيث يعاني أغلب عمال قطاع غزة، لا سيما في القطاع الصناعي والزراعي، من تأثير الاستهداف الممنهج لكل وسائل الإنتاج، وفي هذا السياق أفاد الاتحاد العام للصناعات الفلسطينية: أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تسببت بتدمير (90%) من القطاع الصناعي في قطاع غزة، ونتيجة لذلك جرى تسريح حوالي (33.000) عامل من أماكن عملهم من بينهم نساء، حيث أصبحوا غير قادرين على تلبية احتياجاتهم اليومية، وتزامن ذلك مع مشكلة النقص في السيولة النقدية والتي انعكست سلباً على الدورة الاقتصادية.

وفي السياق ذاته، تشير التقديرات إلى أن إسرائيل دمرت ما يزيد عن (90%) أيضاً من المساحات المخصصة للزراعة داخل قطاع غزة، ونسبة (100%) من مقومات الإنتاج الحيواني، مما يجعل من الصعب العودة لدوران عجلتها مرة أخرى، وفقدان عشرات الآلاف من العمال لمصدر زرقهم.

ويترافق ارتفاع معدلات البطالة وتسريح العمال في قطاع غزة مع تشديد قوات الاحتلال الإسرائيلي الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية والغذائية إلى سكان القطاع لليوم (60) على التوالي، بالرغم من نفاد المواد الغذائية من مخازن المؤسسات الدولية، وتوقف المخابز عن العمل، الأمر الذي تسبب في شيوع الجوع وارتفاع معدلات سوء التغذية في صفوف الفقراء والعاطلين عن العمل وأسرهم.

أفاد الصياد: محمود مراد رجب الهسي (38) عاماً، ولديه أسرة مكون من (7) أفراد: بأن مصدر رزقه الوحيد هو الصيد في البحر حيث كان يغطي تكاليف المعيشة وتلبية احتياجاته اليومية بكرامة، ويملك هو وإخوته الأربعة لنش صيد كبير الحجم طوله 20 متراً منذ عام 1998، ويعمل معهم (20) عاملاً آخرين ... في بداية حرب الإبادة الجماعية أطلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي القذائف المدفعية تجاه المركب بينما كان يرسو في ميناء غزة ودمرته بشكل كلي ... لم أتلق مساعدة أو دعم من أي جهة رسمية، وبعد أن فقدت مصدر دخلي أصبحت اعتمد في معيشتي على المساعدات المقدمة من المؤسسات الدولية.

وأوضح نقيب الصيادين في قطاع غزة السيد نزار عياش " أن قوات الاحتلال الإسرائيلي استهدفت قطاع الصيد ودمرت غالبية المراكب والمرافق الخاصة بالصيادين، وتواصل حظر دخول الصيادين للبحر، ونتيجة لذلك أصبح حوالي (5000) صياد وهم عدد الصيادين في قطاع غزة عاطلين عن العمل.."

لقد دمرت قوات الاحتلال البنية التحتية للاقتصاد الفلسطيني في قطاع غزة، وتواصل تصعيد استهداف الأعيان المدنية الخاصة والعامة ما تسبب في تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل خطير، وتسبب في شيوع البطالة والجوع بين العمال الفلسطينيين في قطاع غزة وارتفاع معدلات البطالة، كما أن بعض العمال خرجوا من القوى العاملة بالكامل نتيجة سياسة القتل الجماعي التي أودت بحياة (52.400) فلسطيني/ة، وأوقعت (114.014) جريحا/ة، وتسببت الإصابات لآلاف الجرحى بإعاقات دائمة.

وانعكست هذه التطورات على القوى العاملة، حيث أظهرت نتائج مسح الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني خلال الربع الرابع من عام 2024، أن معدل البطالة في صفوف القوى العاملة ارتفع إلى حوالي (68%) مقابل حوالي (45%) في الربع الثالث من العام 2023، وأظهرت النتائج تضرر فئة الشباب (15-29) سنة بشكل كبير، فحوالي ثلاثة أرباع الشباب (74%) أصبحوا خارج إطار التعليم والتدريب وسوق العمل. (وفي غياب إحصاءات محدثة، يعتقد بأن هذه الأرقام وبعد مرور عام عليها قد تصاعدت).

في حين صرح المحامي وهبة بدارنة، مستشار نقابة العمال العرب، بأن 700 عامل فلسطيني فقط حصل على حقوقهم المالية من مشغليهم الإسرائيليين من مجموع 18000 عامل، من قطاع غزة كانوا يعملون في إسرائيل حتى شهر أكتوبر 2023. وبعدم حصولهم على مستحقاتهم المالية يدفع باتجاه تدهور أوضاعهم المعيشية. وفي السياق ذاته، شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي حملة أمنية واسعة تجاه عمال قطاع غزة داخل إسرائيل إبان شنها الحرب على قطاع غزة، واعتقلت المئات منهم، وأخضعتهم للتحقيق والتعذيب، ومن ثم اقتادتهم إلى قطاع غزة، لتستمر في حصارهم وإيقاع الأذى الجسدي والنفسي بهم وبأسرهم.

وفي ظل هذه الظروف بات العمال يواجهون ظروف كارثية، لاسيما في ظل تدمير النظام الصحي ومرافق البنية التحية والقطاعات الأساسية المختلفة، مثل، قطاع الإسكان، والتعليم، وقطاع الصناعة والزراعة، وتقليص المساعدات ونقص مياه الشرب، وانتشار الأوبئة والأمراض، وتدمير الآلاف من الوحدات السكنية واستمرار أوامر النزوح القسري عن مناطق سكناهم وسط حالة غير مسبوقة من الفقر وارتفاع غير مسبوق في مستويات الأسعار، وزيادة انعدام الأمن الغذائي وشيوع الجوع بين العمال الذين فقدوا أي مصدر للدخل.

وبناءً عليه، يطالب مركز الميزان لحقوق الإنسان المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية، وإنهاء الحصار وضمان وصول إرساليات الأغذية والإمدادات الطبية باستمرار ودون قيود، وتفعيل مبدأ المحاسبة وإنهاء الحصانة، وملاحقة كل من يشتبه في ارتكابهم جرائم حرب، بما في ذلك متخذي قرارات منع دخول الغذاء والدواء والوقود وقطع المياه والكهرباء عن الفلسطينيين في قطاع غزة.

وفي اليوم العالمي للعمال، إذ يهنئ مركز الميزان عمال العالم بعيدهم، فإنه يهيب بهم أن يكثفوا نشاطاتهم التضامنية مع العمال الفلسطينيين في قطاع غزة، والضغط على نقاباتهم والحكومات في بلادهم للقيام بواجبها القانوني والأخلاقي لوقف جريمة الإبادة الجماعية، وتكثيف المبادرات الرامية لمساندة عمال القطاع وأسرهم الذين ينهشهم الجوع.

انتهى