تقارير و دراسات

أوقفوا القتل والتجويع

المجاعة وسوء التغذية تهدد حياة الأطفال والناجين من الموت في ظل استمرار استخدام التجويع كسلاح

    شارك :

20 نوفمبر 2024

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ بدء جريمة الإبادة الجماعية، استخدام التجويع كسلاح حرب[1] ضد السكان المدنيين في قطاع غزة. وتزامناً مع عمليات القصف والتدمير واسعة النطاق لكافة مقومات الحياة، والأعيان المدنية والبنية التحتية وكافة القطاعات الخدماتية الأخرى. وتفرض سلطات الاحتلال حصاراً مطبقاً وقيوداً مشددة على الحركة والتنقل، بما في ذلك منع وعرقلة عمليات الإغاثة وتزويد السكان بالمواد الغذائية والإمدادات الطبية والمقويات اللازمة للأطفال، خاصة الحليب المخصص للرضاعة. ولم يُخفِ قادة دولة الاحتلال ونخبها النية المسبقة لاستخدام التجويع سلاحاً وعن سابق إدراك عبر تصريحات كثيرة أهمها أمر وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت[2] بحصار قطاع غزة ومنع الغذاء والماء كجزء من العملية العسكرية.

وتسبب استخدام التجويع كوسيلة حرب إلى وفاة العديد من الأطفال، حيث سجلت وزارة الصحة 38 حالة وفاة بسبب سوء التغذية والجفاف، معظمهم من الرضع الذين لم يتمكنوا من الحصول على الغذاء اللازم بسبب تدهور صحة الأمهات وغياب المساعدات الغذائية الضرورية[3].

يظهر التقرير جانب من جوانب الإبادة الجماعية التي تنفذها قوات الاحتلال في قطاع غزة، وهو التجويع بشكليه، التجويع المباشر بمنع وصول امدادات الغذاء والدواء إلى قطاع غزة، ونوعية وأنماط المواد الغذائية التي يسمح بدخولها، وكونها مصممة للنيل من صحة وحياة الإنسان على المدى البعيد، فصحيح أن هناك من فقد حياته بسبب الجوع، ولكن الأخطر هو أن هذا النمط الغذائي الذي يستمر للعام الثاني على التوالي يفضي إلى تدمير صحة الإنسان، ولاسيما السيدات الحوامل والمرضعات والأطفال حديثي الولادة وكبار السن والمرضى عموماً، إذ يفتقر الغذاء الذي تسمح قوات الاحتلال بمروره إلى السعرات الحرارية وعدم احتوائه على قدر كاف ومتنوع من الفيتامينات والبروتينات التي يحتاجها جسم الإنسان، ما يفضي على المدى الطويل إلى إضعاف المناعة والإصابة بأمراض قد تنهي حياتهم.

وبعد مرور أكثر من عام على الإبادة الجماعية، وبالرغم من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المتواصلة، التي تنتهك قواعد القانون الدولي على نحو لا يحتاج كثيراً من التمحيص، إذ يكفي الاطلاع على ما تنشره وسائل الإعلام، وما ينشر على وسائل التواصل الاجتماعي من تصريحات للقادة في دولة الاحتلال، وما ينشره أفراد قوات الاحتلال من فيديوهات توثق ما يرتكبونه من جرائم، لتشكل دليلاً قاطعاً على ارتكاب هذه الجرائم.

وهذا وبالرغم من واجبات الأطراف الثالثة بموجب اتفاقية جنيف الرابعة واتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، وقرارا مجلس الأمن الدولي، التي تفرض على كل الدول الأطراف التحرك لوقف الجرائم إلا أن الولايات المتحدة ومعظم دول أوروبا الغربية تمارسان العكس، ويشاركون في الجرائم بشكل مباشر أو عبر مواصلة دعم قوات الاحتلال بالسلاح.

إن النظام الدولي اليوم مهدد بالانهيار في ظل تحلل الدول من التزاماتها، وعدم اتخاذها أي تدابير للوفاء بالتزاماتها القانونية، بما في ذلك تجاه رأي محكمة العدل الدولية القاضي بعدم شرعية الاحتلال، ما يفرض على كل دولة تدعي احترام سيادة القانون أن تبادر إلى إجراءات وتدابير فعالة لإنهاء احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة.



[1] المادة 54 من البروتوكول الإضافي الأول (1977) لاتفاقيات جنيف تنص على حظر استخدام التجويع كسلاح ضد السكان المدنيين خلال النزاعات المسلحة، وتعتبره جريمة حرب.

[3] مقابلة المهندس زاهر الوحيدي مدير دائرة نظم المعلومات في وزارة الصحة

تصفح المزيد

ذات صلة