بيانات صحفية

في تصعيد هو الأكثر دموية: قوات الاحتلال توقع أكثر من تسعمائة فلسطيني بين قتيل وجريح وسط استمرار الحصار وعجز المؤسسات الصحية والخدمية الأخرى عن تأمين الإمدادات الضرورية لحياة السكان

    شارك :

28 ديسمبر 2008 |المرجع 113/2008

  في تصعيد بالغ الخطورة للعدوان الإسرائيلي يوم أمس السبت، هاجمت الطائرات الإسرائيلية جميع مدن قطاع غزة في وقت متزامن، وتميزت الهجمات بشراستها وأظهرت تحلل دولة الاحتلال من أي التزام أخلاقي أو قانوني.
واستهدفت الهجمات الجوية عشرات مقرات للشرطة والأمن دون أي اكتراث بحياة السكان المدنيين في واحدة من أكثر بقع العالم اكتظاظاً، ما تسبب في سقوط أكثر من تسعمائة فلسطيني بين قتيل وجريح.
وتشير مصادر البحث الميداني لمركز الميزان لحقوق الإنسان أن القصف تزامن مع وقت تبديل فترات الدوام الدراسي بين الصباحي والمسائي في مدارس القطاع، ما تسبب في ترويع عشرات آلاف الأطفال ومقتل وإصابة العشرات منهم، كما قتل سبعة من طلبة مركز التدريب المهني التابع لوكالة الغوث الدولية وسط مدينة غزة من بينهم طالبتين.
وتشير مصادر الرصد والتوثيق في المركز أن طائرات حربية إسرائيلية شنت سلسلة غارات جوية متزامنة بدءاً من الساعة 11:30 من صباح السبت الموافق 27/12/2008، استهدفت مقرات الشرطة المدنية الفلسطينية في قطاع غزة ومقرات تابعة للأمن الداخلي، ووقعت أشد الغارات في مدينة غزة حيث استهدفت مدينة عرفات للشرطة، المحاذية لعدد من المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، وأوقعت عشرات المتدربين بين قتيل وجريح، كما تسببت في مقتل اللواء توفيق جبر مدير عام الشرطة في محافظات غزة وإسماعيل الجعبري رئيس جهاز الأمن والحماية في الشرطة الفلسطينية.
واتسمت الغارات الإسرائيلية بالدموية وعدم الاكتراث بحياة المدنيين، حيث استهدفت مقرات شرطية وأمنية رسمية تقع وسط مناطق سكنية مكتظة بالسكان ويحيط ببعضها مدارس، حيث تضررت عشرات المدارس التابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين.
كما أوقعت الهجمات عشرات القتلى والجرحى في صفوف المدنيين ولاسيما الأطفال وكبار السن، وبث الرعب في قلوب عشرات الألوف منهم.
هذا وتواصلت الهجمات الجوية على مدار الساعة طوال الليل واستهدفت الغارات منازل سكنية ومنشآت مدنية متنوعة كآبار المياه ومقاسم اتصالات وورشات صناعية ومقرات مؤسسات ومساجد، حيث قضى حارس بئر مياه وثلاثة من موظفي شركة الاتصالات الفلسطينية في الهجمات التي استهدفت مجمع 'الإدارة المدنية' ومحيطها في شمال غزة، فيما قتل فلسطينيين بسبب القصف الذي استهدف مسجد البورنو المقابل لمستشفى الشفاء ولحقت بالمستشفى أضرار مادية جسيمة بسبب قصف المسجد المقابل له، حيث تحطم زجاج النوافذ وبث الرعب في قلوب الجرحى والمرضى، كما قصفت السجون والمعتقلات ولاسيما سجن غزة المركزي (السرايا).
هذا وألحقت الهجمات المتلاحقة أضراراً كلية وجسيمة وجزئية في آلاف المنازل والشقق السكنية كما ألحق القصف أضرار جسيمة في عشرات المدارس الحكومية وتلك التابعة للأونروا والعيادات الصحية ومقرات البلديات والمحافظات والمركبات الخاصة.
وتشير حصيلة أعمال الرصد والتوثيق الأولية التي قام بها مركز الميزان لحقوق الإنسان إلى أن عدد الضحايا بلغ حوالي (257) من بينهم حوالي (20) طفلاً و(9) سيدات وأكثر من (60) مدنياً وأغلبية الضحايا الباقين من بين عناصر الشرطة الفلسطينية، فيما تجاوز عدد الجرحى (597) جريحاً من بينهم (35) طفلاً وصفت حالتهم ببالغة الخطورة.
هذا وتشير تقديرات المركز الميدانية إلى أن عدد الشهداء والجرحى مرشح للارتفاع بسبب عدم تسجيل عدد من الشهداء في المستشفيات حيث قام ذووهم بنقلهم من مواقع الإصابة إلى منازلهم ومن ثم ووروا الثرى دون أن تسجل أسمائهم في القيود الرسمية للمستشفيات، بالإضافة إلى الجرحى الذين توصف حالاتهم بالخطيرة.
وفيما يتعلق بالجرحى فإن العشرات جرى إسعافهم أولياً ولم يسجلوا في قيود المشافي، هذا بالإضافة إلى مقتل عدد من السجناء والشرطيين في قصف السرايا لم يحدد عددهم بعد.
وتوزع القتلى على محافظات قطاع غزة حسب مكان الإصابة على النحو الآتي: شمال غزة (25) غزة (118) الوسطى (84) خانيونس (17) ورفح (13) شهيداً وفقاً لعمليات الرصد الأولية.
ويأتي تصعيد العدوان الإسرائيلي وسط حالة غير مسبوقة من تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة جراء استمرار الحصار المشدد الذي يحرم سكان القطاع من إمدادات الغذاء والدواء والوقود والمحروقات، ووسط تفاقم أزمة مياه الشرب، حيث يعاني السكان من نقص شديد في إمدادات المياه للاستخدام المنزلي، ونفاذ غاز الطهي بشكل تام، ونقص في المواد الغذائية الأساسية.
كما يحرم الحصار المستشفيات من إمدادات الأدوية والمستلزمات الطبية، وكذلك إمدادات الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، في ظل نقص الأسرة والمعدات الطبية، الأمر الذي قلص من قدرة مستشفيات القطاع على استيعاب مئات القتلى والجرحى الذي سقط معظمهم في النصف ساعة الأولى من الحملة.
مركز الميزان لحقوق الإنسان يعبر عن استنكاره الشديد لأعمال القتل المتصاعدة التي ترتكبها قوات الاحتلال في قطاع غزة، والتي تشكل انتهاكات جسيمة لقواعد القانون الدولي الإنساني وترقى لمستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، لا سيما الهجمات التي اتسمت بالقسوة والعشوائية وعدم الاكتراث بحياة المدنيين، حيث وقع عدد كبير من المدنيين و الأطفال ضحايا الهجمات الإسرائيلية.
ويشير المركز إلى أن هذه معظم هذه الهجمات استهدفت مقرات للشرطة المدنية وأودت بحياة عشرات من عناصر الشرطيين وهم داخل مقرات عملهم، وفي وقت لم يشارك فيه أي منهم في أية أعمال قتالية، الأمر الذي يحظره القانون الدولي الإنساني.
ويحذر المركز من مغبة استمرار المجتمع الدولي في صمته تجاه هذه الجرائم، ولاسيما في ظل التصاعد المتواصل للاعتداءات الإسرائيلية، ما يشير إلى أن ما جرى أمس ما هو إلا بداية لعملية أكثر اتساعاً، الأمر الذي سيشجع قوات الاحتلال على تصعيد جرائمها.
ويطالب مركز الميزان المجتمع الدولي بالتحرك العاجل لوقف جرائم الحرب الإسرائيلية وتوفير الحماية الدولية للمدنيين، سيما الأطفال والنساء، كجزء من واجبها القانوني والأخلاقي تجاه السكان المدنيين في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وإلى العمل الفوري على وقف تصعيد قوات الاحتلال لجرائمها والتي تترافق مع استمرارها في محاصرة المدنيين في قطاع غزة ومساسها بحاجاتهم الإنسانية الملحة.
انتهى