تقارير و دراسات
يغطي الفترة من 28/9/2000 حتى 30/6/2002
30 يونيو 2002
رابط مختصر:
عمدت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ السنوات الأولى لإعادة احتلالها للأراضي الفلسطينية في حزيران من العام 1967، إلى اتباع سياسات من شأنها محاصرة الاقتصاد الفلسطيني والحيلولة دون تطوره، بالنظر للأهمية التي يشكلها قطاع الصناعة، كونه أحد الركائز الأساسية لوجود اقتصاد قوي.
وانطلقت قوات الاحتلال في ممارساتها تلك من حقيقتين لا جدال فيهما، الحقيقة الأولى, ترتبط بالجدوى الاقتصادية من وراء الاحتلال نفسه، الأمر الذي لا يمكن تحقيقه في حال نهوض اقتصاد وطني فلسطيني قوي في الأراضي المحتلة.
حيث يشكل وجود مثل هذا الاقتصاد منافساً حقيقياً للإقتصاد الإسرائيلي، ويحرمه من سوق استهلاكية وعمالة رخيصة توفرها الأراضي الفلسطينية المحتلة.
الحقيقة الثانية هي إطالة عمر الاحتلال نفسه، إذ أن أي محاولة للاستقلال السياسي التام، لا يمكن أن يكتب لها النجاح، دون وجود بنية اقتصادية توفر لهذه الدولة فرص الاستمرار.
من هنا انطلقت الممارسات الإسرائيلية، خانقة أي محاولة لوجود اقتصاد فلسطيني قوي، وكان قطاع الصناعة أحد القطاعات المستهدفة.
نجحت قوات الاحتلال الحربي إلى حد بعيد في ضرب محاولات نهوض الاقتصاد الفلسطيني، وألحقته قسراً بالاقتصاد الإسرائيلي، ليصبح خادماً له، وتصبح السوق الفلسطينية مستهلكاً للمنتجات الإسرائيلية.
ولعل دفع العمالة الفلسطينية إلى سوق العمل الإسرائيلي، بأجر متدنٍ قياساً بالأجور داخل إسرائيل، وإغراق السوق المحلية في الأراضي الفلسطينية بالمنتجات الإسرائيلية، ذات المستوى العالي من الجودة، وفرض السيطرة المطلقة على المعابر والحدود، بشكل مكن قوات الاحتلال من التحكم في سياسات التصدير والاستيراد، تشكل أبرز سياسات قوات الاحتلال في إبقاء الاقتصاد الفلسطيني تابعاً للاقتصاد الإسرائيلي.
وبقدوم السلطة الوطنية الفلسطينية، وبالرغم من القيود التي فرضتها إسرائيل عبر الاتفاقات الثنائية، لاسيما اتفاق باريس الاقتصادي، بدأ يتوفر مناخاً إيجابياً مشجعاً للتنمية الاقتصادية، وبدأ الاقتصاد الفلسطيني يشق طريقه بخطوات متسارعة، وكان قطاع الصناعة من أهم القطاعات التي شهدت تطوراً، حيث ارتفعت مساهمة هذا القطاع في إجمالي الناتج القومي، وأسهم في استيعاب أعداد كبيرة من العمالة الفلسطينية.
راقبت إسرائيل هذه التطورات ولم يرق لها أن يتمكن الفلسطينيون من التجاوز التدريجي، للعقبات التي وضعتها إسرائيل، ولسياسة الإلحاق، بهذه الخطوات المتسارعة، وباندلاع انتفاضة الأقصى في 28/9/2000، وجدت إسرائيل الفرصة سانحة لتدمر كل هذه الانجازات والنجاحات الاقتصادية الفلسطينية.
منذ ذلك التاريخ تعرض قطاع الصناعة الفلسطيني إلى الاستهداف المباشر من قبل قوات الاحتلال، بهدف تدميره.
وتنوعت خسائر هذا القطاع بين الخسائر المباشرة وغير المباشرة.
وتتمثل الخسائر المباشرة بعمليات التدمير المنظم الذي قامت به تلك القوات ضد المنشآت الصناعية، وقصفتها بصواريخ الطائرات وصواريخ من نوع أرض- أرض، ونسفت بعضها بواسطة عبوات متفجرة، وهدمت البعض الآخر بالجرافات.
ألحق هذا النوع من التدمير أضراراً بالغة في المباني والبنية التحتية والآلات والمعدات والمواد الخام والمصنعة الموجودة في المنشآت الصناعية التي تم استهدافها.
أما الأضرار غير المباشرة فتمثلت في الحصار الداخلي والخارجي الذي تفرضه قوات الاحتلال على الأراضي الفلسطينية كافةً، وتحكمها المطلق بالمعابر الدولية، الأمر الذي منع وصول المواد الخام، ومنع الحركة التجارية لتصريف المنتجات المصنعة، ما تسبب في توقف تلك المنشآت عن العمل بنسبة وصلت إلى 90% في بعض الصناعات .
الاستيراد جانب تدهور القدرة الشرائية لدى الفلسطينيين، جراء الأحوال الاقتصادية الصعبة التي تعيشها الأراضي الفلسطينية عامةً في ظل الحصار، نتيجة عدم تمكن العمال من الوصول منذ بداية الانتفاضة.
وزاد الحصار والإغلاق من حدة الفوارق الاجتماعية وعمّق من ظاهرة الفقر، وخلال استبيان أجري حول كيفية مواجهة الأسرة الفلسطينية لانخفاض دخلها خلال الفترة من 10/3/2001 إلى 5/4/2001، وجد أن الأسر الفلسطينية 81% من الأسر لجأت إلى تخفيض مصروفاتها، و55% أجلت دفع الفواتير المستحقة، و41% استخدمت مدخراتها، و36% استدانت، 18% باعت مصاغ الزوجة، 12% اضطرت إلى زراعة الأرض أو تربية الحيوانات .
تقدر وزارة الصناعة الفلسطينية قيمة الخسائر التي لحقت بالقطاع الصناعي الفلسطيني منذ بداية الانتفاضة حتى الآن نحو 1135.
68 مليون دولار أمريكي .