بيانات صحفية

بعد مرور خمس سنوات على رأي محكمة العدل الدولية الذي أكد عدم قانونية جدار الفصل, قوات الاحتلال تواصل أعمال البناء وتكثف من تهجير الفلسطينيين قسرياً من القدس الشرقية وسط صمت المجتمع الدولي وعجز

    شارك :

9 يوليو 2009 |المرجع 62/2009

مضت خمس سنوات على القرار الذي أصدرته محكمة العدل الدولية يوم الجمعة الموافق 9/7/2004 رأيها الاستشاري حول قانونية إقامة دولة الاحتلال الإسرائيلي لجدار الفصل العنصري على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية.
  وكانت قوات الاحتلال شرعت، يوم الأحد 16حزيران (يونيو) 2002، في بناء جدار على أراضي الضفة الغربية، يبلغ طوله في مراحله النهائية حوالي 700 كم بعمق يتراوح بين 23 إلى 300 كم في أراضي الضفة الغربية.
  نجح الفلسطينيون في إقناع الجمعية العامة للأمم المتحدة بتبني موقف يرفض بناء الجدار، وبعد فشل مجلس الأمن في اتخاذ قرار بخصوص إدانة الجدار، اضطر الأمين العام للأمم المتحدة، بناء على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم A/ES-10/L.
16 بتاريخ 3 ديسمبر 2003، إلى إحالة قضية الجدار لمحكمة العدل الدولية لإبداء رأيها في مدى قانونية إقامة جدار الفصل العنصري على الأراضي الفلسطينية المحتلة في الضفة الغربية.
عقدت محكمة العدل الدولية جلسة الاستماع الأولى في لاهاي بتاريخ 23/4/2004، لتقديم رأيها الاستشاري فيما يتعلق بقانونية جدار الفصل العنصري الذي تقيمه دولة الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية.
  وجاء رأي محكمة العدل الدولية، ليؤكد على مبادئ القانون الدولي، لاسيما مبادئ القانون الدولي الإنساني، خاصة اتفاقية جنيف الرابعة، والقانون الدولي لحقوق الإنسان، التي يشكل بناء الجدار انتهاكاً جسيماً ومنظماً لها.
ويشكل رأي المحكمة تطوراً غير مسبوقاً في مسار القضية الفلسطينية، حيث صرحت المحكمة أن الالتزام باحترام حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره بالإضافة إلى الالتزامات المنبثقة عن القانون الدولي الإنساني، التي تضمنها الرأي الاستشاري تجاوزت التزامات إسرائيل وإنما التزامات كافة الدول.
والمركز ينظر إليه بأهمية بالغة للأسباب الآتية: 1.
   تعاملت المحكمة مع قضية الجدار كقضية قانونية بالدرجة الأساسية، وهي سابقة أن يتم مناقشة الموضوع من قبل أعلى هيئة قضائية، إذ أن المجتمع الدولي دأب على تسييس القضية الفلسطينية، ولم يعمل مبادئ القانون الدولي في التعامل مع انتهاكات قوات الاحتلال الإسرائيلي المنظمة لقواعد القانون الدولي الإنساني في تعاملها مع السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
2.
   شكل رأي المحكمة قوة قانونية تفرض على المجتمع الدولي، لاسيما أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن احترامه، خاصة وأن المحكمة تمثل أعلى هيئة قضائية دولياً، الأمر الذي يلزم المجتمع الدولي باتخاذ الإجراءات التي تضمن وقف أعمال البناء في الجدار وإزالة ماتم بناؤه، بل وإلزام إسرائيل كقوة احتلال بتعويض الفلسطينيين عن الخسائر التي لحقت بهم جراء بناء الجدار، الأمر الذي نص عليه رأي المحكمة في مطالبته للجمعية العامة ومجلس الأمن باتخاذ الإجراءات الضرورية لوقف بناء الجدار وإزالة ماتم بناؤه.
3.
   يشكل رأي المحكمة ناظماً لتوجهات الدول وممارساتها، لاسيما الدول الكبرى التي تدعي حمايتها للقانون الدولي، وعدم السماح بتجاوزه، الأمر الذي يحرج أي دولة أو هيئة دولية تقدم أي مساعدة لدولة الاحتلال.
4.
   رفضت المحكمة الآثار المترتبة على إقامة الجدار وطالبت دول العالم بعدم الاعتراف بالآثار المترتبة على بناء الجدار في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما في ذلك داخل وحول القدس الشرقية.
5.
   أكدت المحكمة على وضع الأراضي الفلسطينية كأراض محتلة، وأن إسرائيل هي قوة احتلال، وأن ليس من حقها استخدام حقها في الدفاع عن النفس لانتهاك قواعد القانون الدولي.
الأمر الذي رفضته دولة الاحتلال الإسرائيلية، وتحللت من التزامها بقواعد القانون الدولي، لاسيما اتفاقية جنيف الرابع، رغم تأكيد مؤتمر الأطراف السامية، الموقعة على اتفاقية جنيف، الدائم بانطباقها على الأراضي الفلسطينية المحتلة.
  وتشير المعلومات الصادرة عن مكتب تنسيق الشئون الإنسانية التابع للأمم المتحدة إلى أن الجدار: ·         سيمتد مسار الجدار لمسافة (723 كم)، وهو أكثر من ضعفي طول خط فصل القوات لعام 1949، يمتد87%  من طوله داخل الضفة الغربية )ومن ضمنها القدس الشرقية).
.
·         سيعزل الجدار ما يقارب % 9.
8 من أراضي الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية والأراضي الحرام.
·         سيتواجد بين الجدار والخط الأخضر ما يقارب (385) ألف مستوطن موزعين على (80) مستوطنة.
·         سيبقى ما يقارب(35) ألف مواطن فلسطيني من سكان الضفة الغربية معزولين بين الجدار والخط الأخضر، إضافة إلى ما يقارب (250) ألف مواطن من القدس الشرقية.
·         سيحيط الجدار من ثلاث جهات بما يقارب 125 ألف فلسطيني يقطنون في 28 تجمعاً سكانياً.
·         سيحيط الجدار من الجهات الأربع بما يقارب (26) ألف مواطن فلسطيني يقطنون في ثمانية تجمعات سكانية، ويربطهم ببقية أنحاء الضفة الغربية إما نفق أو طريق وحيد.
  جدير بالذكر أن تشييد الجدار من قبل دولة الاحتلال لا يغير الوضع القائم في الأراضي الفلسطينية المحتلة فقط، بل يقضي على أي إمكانية واقعية لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، بالإضافة إلى الأضرار الجسيمة التي يلحقها بالسكان المدنيين وممتلكاتهم، حيث تستولي قوة الاحتلال بعد استكمالها بناء الجدار على حوالي 50% من أراضي الضفة الغربية، استولت فعلياً على 165 ألف دونم، وتقسم الضفة الغربية إلى معازل عنصرية تُفصَل بموجبها القرى عن أراضيها الزراعية، وعن المدن، حيث يلحق الجدار أضراراً بحوالي 875 ألف فلسطيني، إلى جانب استيلاءه على مصادر المياه، ومنعه عشرات آلاف السكان من الوصول إلى المراكز الطبية والمستشفيات والجامعات والمدارس.
  مركز الميزان لحقوق الإنسان يعرب عن استيائه الشديد من استمرار تجاهل المجتمع الدولي والدول الأطراف لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني ولا سيما اتفاقية جنيف الرابعة، وخاصة بعد أن شددت محكمة العدل الدولية على التزامات الدول الأطراف وواجباتها المنبثقة عن القانون الدولي والتي تفرض على الدول العمل على وقف البناء في الجدار وإزالة آثاره وعدم الاعتراف بما ينجم عنه من أمر واقع.
ويرى المركز في استمرار قوات الاحتلال في أعمال البناء في الجدار وتصعيد جرائم التهجير القسري لسكان القدس الشرقية، التي تطال نحو 60.
000 فلسطيني في حال تواصلت، يعتبر نتيجة مباشرة لتقاعس المجتمع الدولي عن الوفاء بالتزاماته القانونية تجاه السكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة التي تفرضها اتفاقية جنيف الرابعة المخصصة لحماية المدنيين في وقت الحرب.
  والمركز يشدد على أن واجب السلطة الوطنية يقتضي إعادة الاعتبار للجهود الموجهة نحو تفعيل قرار محكمة العدل الدولية والاستفادة من مقدرات الدول العربية وغيرها من الدول التي تناصر الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني.
كما يشدد المركز على أن تقاعس المجتمع الدولي واستمرار السماح بإفلات مجرمي الحرب الإسرائيليين من العقاب أسهم في تشجيعهم على ارتكاب مزيداً من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولا سيما في العدوان الأخير الذي شنته على قطاع غزة وأسمته (الرصاص المصبوب) والتي أوقعت خلاله (1409) قتيلاً من بينهم (355) طفلاً و(110) سيدات، ودمرت (11154) منزل سكني، وجرفت (6271) دونم من الأراضي الزراعية، (210) مصانع، و(724) محلا تجارياً، و(650) مركبة، و(39) سيارة إسعاف، و(130) داراً للعبادة، و(150)مدرسة ومؤسسات تعليمية، و(18) مؤسسات طبية.
كما استهدفت مقرات الأمم المتحدة وقتلت مهجرين داخل مراكز إيواء ترفع علم الأمم المتحدة.
عليه يطالب مركز الميزان المجتمع الدولي بالقيام بواجبه القانوني والتخلي عن صمته والشروع الفوري باتخاذ التدابير والإجراءات الضرورية لوقف العمل في الجدار وإزالة ماتم إنشاؤه بالفعل على الأراضي الفلسطينية المحتلة، انسجاماً مع رأي محكمة العدل الدولية.
كما يطالب المركز الدول الأطراف الموقعة على اتفاقية جنيف الرابعة، بالتحرك العاجل لتوفير الحماية الدولية لسكان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وضمان احترام قوات الاحتلال الإسرائيلي لاتفاقية جنيف الرابعة في كل الأحوال، كجزء من واجبها القانوني والأخلاقي تجاه السكان وممتلكاتهم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
كما يطالب المركز بوقف تسييس قضية الجدار وغيرها من انتهاكات القانون الدولي التي ترتكبها قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتوقف عن الكيل بمكيالين فالعدالة واحدة لا تُجزأ في أي مكان في العالم.
مركز الميزان يؤكد أن رأي المحكمة يجب أن يشكل نقطة تحول حقيقية في ممارسات ومواقف المجتمع الدولي، لاسيما الدول الأطراف الموقعة اتفاقية جنيف الرابعة، وهيئات وأجسام الأمم المتحدة المختلفة لاسيما الجمعية العامة ومجلس الأمن.
انتهى،