بيانات صحفية

المدنيون يدفعون الثمن في قطاع غزة

الميزان يحذر من استمرار تدهور الأوضاع الإنسانية ويطالب المجتمع الدولي بتدخل فعّال يجنب المدنيون المزيد من الكوارث

    شارك :

23 مايو 2017 |المرجع 35/2017

تشهد الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة تدهوراً غير مسبوق بفعل الإجراءات غير الإنسانية التي يخضع لها قطاع غزة، وتسهم في مزيد من تدهور حالة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأوضاع الإنسانية في قطاع غزة. مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يحذر من كارثة محدقة بسبب تدهور الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة، فإنه يطالب المجتمع الدولي بالتدخل، كما السلطات الفلسطينية بتحمل مسؤولياتها ومعالجة الأزمات التي تعصف بالقطاع بشكل ٍعاجل، ولاسيما تلك التي تستهدف الخدمات الأساسية، خاصة ونحن على مشارف الامتحانات النهائية للثانوية العامة وغيرها من المراحل التعليمية وشهر رمضان المبارك.

وفي هذا السياق يشير مركز الميزان إلى توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة كليّاً عن توليد الطاقة منذ منتصف إبريل/نيسان الماضي، ومع الأعطال شبه اليومية في خطوط التغذية المصرية والإسرائيلية، فقد تقلصت ساعات التزويد إلى ما دون الساعات الأربع يومياً. وظلت أزمة التيار الكهربائي تراوح مكانها دون بوادر للحل، ودون الاكتراث من جانب السلطات الحكومية بالآثار الكارثية التي تسببها للسكان والتي تحول دون تهيئة ظروف من شأنها تأمين الخدمات والعناية الطبية للمرضى وتسهيل حياتهم اليومية، ولاسيما سكان الأبنية متعددة الطبقات، التي تحوّلَت حياتهم إلى جحيم في ظل انقطاع التيار الكهربائي المتواصل الذي يرتبط بوصوله وصول المياه، وتشغيل المصاعد.

ومن جهة أخرى تواصل حكومة الوفاق الوطني إجراءاتها الإدارية والمالية التي اتخذتها، والقائمة على التمييز الجغرافي ودفع ثمنها الموظفين المدنيين والعسكريين التابعين لها في قطاع غزة. وذلك عبر تقليص قيمة الرواتب بنسب متفاوتة تصل إلى 60٪ في بعض الأحيان. هذا بالإضافة إلى قطع رواتب عشرات الموظفين والمتقاعدين، وسط تداول أخبار تشير إلى إمكانية إحالة النسبة الأكبر من الموظفين إلى التقاعد المبكر، الأمر الذي يفضي إلى تداعيات بالغة الخطورة على المستويات المعيشية لسكان قطاع غزة المتردية أصلاً. وفي هذا الصدد يشير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد بلغت نسبة البطالة في قطاع غزة للعام 2016، (41.7%) في حين بلغت نسبة الفقر بين الأفراد وفقاً لأنماط الاستهلاك الشهري للعام 2011 بـ (38.8%)، في حين بلغت نسبة الفقر المدقع للعام نفسه )21.1(% ، وتشير الوقائع إلى أن نسب البطالة والفقر ستتضاعف في ظل الواقع الراهن.

كما تسببت الحسومات على الرواتب في مشكلات خاصة لآلاف الموظفين ممن كان عليهم استحقاقات مالية لقروض مصرفية، واقتطعتها المصارف ولم يتبقى لهم من رواتبهم شيء يذكر، الأمر الذي قوّض من قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم تجاه أسرهم، بالإضافة للأثر العام الذي سبقت الإشارة إليه. ومن جهة أخرى تتواصل التصريحات بمزيد من الإجراءات التي ستمس بالأوضاع الإنسانية في قطاع غزة.

وتتزامن هذه الأزمات مع اشتداد الحصار الإسرائيلي الخانق المفروض على القطاع، الذي طال السكان عامةً ولم يستثن أضعف الفئات من المدنيين وهم المرضى، التي تشهد أوضاعهم تدهوراً خطيراً جراء القيود المفروضة على حريتهم في الوصول إلى المستشفيات خارج قطاع غزة. ووفقاً لدائرة التنسيق والارتباط بوزارة الصحة الفلسطينية بلغ عدد طلبات المرضى المقدمة للسلطات الإسرائيلية منذ مطلع عام 2017م حتى 6 مايو 2017م)، (10.162) طلباً سجلت فيها نسبة الرفض والمماطلة (46%)، مما أدى إلى فقدان العديد من المرضى حياتهم وتدهور أوضاعهم الصحية وهم ينتظرون الحصول على موافقة السلطات الإسرائيلية، والسماح لهم باجتياز معبر بيت حانون (إيرز) للوصول إلى المستشفيات، هذا في ظل تدهور أوضاع الخدمات الصحية والتهديد الجدي بنفاذ مخزونات وزارة الصحة في قطاع غزة من الأدوية.

إن الأزمات القصدية والمركبة أدت إلى تردي الأوضاع المعيشية وانخفاض إنتاجية القطاعات الاقتصادية عامةً والقطاع الصناعي خاصةً، بعدما توقفت خطوط الإنتاج في العديد منها مما دفع أرباب العمل إلى تسريح العمال. وعلى صعيد قطاع الخدمات انحسرت خدمات مياه الشرب فانخفضت حصة الفرد اليومية من المياه، كما تأثر عمل محطات معالجة مياه الصرف الصحي، وقدرتها على تجميع وضخ المياه.

هذه التطورات الدراماتيكية تأتي مع حلول موعد الاختبارات النهائية للتلاميذ والطلاب في المدراس والجامعات لاسيما امتحانات الثانوية العامة بعدما شارف العام الدراسي على الانتهاء، ومن المنتظر حلول شهر رمضان المبارك الذي يحين موعده في فصل الصيف وفي ظل ارتفاع درجات الحرارة، ولاسيما في ظل عدم قدرة عموم المواطنين على توفير بدائل لمصادر التيار الكهربائي. لتشهد هذه المناسبات الدينية وغيرها ظروفاً لم يشهدها القطاع من قبل.

 

وحسب وزارة التربية والتعليم العالي، فقد بلغ عدد الطلبة المتقدمين لامتحانات العام الدراسي هذا العام (523.880) طالب وطالبة،. فيما يبلغ عدد طلبة الثانوية العامة "توجيهي" منهم (28.826) طالب وطالبة في مختلف مدارس قطاع غزة.

مركز الميزان لحقوق الإنسان، وأمام استمرار تدهور الأوضاع المعيشية في قطاع غزة وعدم وضوح آفاق لتحسينها قريباً، فإنه يعبر عن استنكاره لاستمرار تجاهل الأوضاع الإنسانية الكارثية التي تطال كافة شرائح المجتمع. والمركز إذ يجدد تأكيده على مسؤولية سلطات الاحتلال الأساسية عن حياة السكان في قطاع ورفع الحصار فوراً وتمكين عجلة التنمية من الدوران، فإنه يشدد على مسؤولية السلطات المحلية بضرورة وقف المناكفات السياسية، وإيجاد حلول عملية لأزمة التيار الكهربائي، وتجنيب القطاعات الحيوية كافة الخلافات السياسية.

كما ويطالب بالعمل لتفادي وقوع أزمة إنسانية عميقة الأثر في قطاع غزة، جراء توقف المحطة عن توليد الطاقة الكهربائية وتراجع مستوى الخدمات في مجالي معالجة المياه والصرف الصحي، الأمر الذي يستلزم وقفة جادة وتدخل فعّال للحد من تدهور هذه الأوضاع في قطاع غزة، ووضع الخطط الاستراتيجية لمعالجة أزمة النظام السياسي الفلسطيني، وإعادة الاعتبار للمؤسسات التمثيلية.

وأمام هذا التدهور الدراماتيكي فإن مركز الميزان لحقوق الإنسان إذ يدعو السلطات الفلسطينية إلى تحمل مسئولياتها تجاه المواطنين، فإنه يطالب المجتمع الدولي بالتحرك العاجل والفاعل لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة، والوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية، وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي الذي يضع العراقيل كافة في طريق التنمية واحترام حقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي الإنساني في هذه المنطقة من العالم.

انتهى