أخبار صحفية

مركز الميزان لحقوق الإنسان يُصدر ورقة حقائق حول الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة خلال الربع الأول من عام 2017م

    شارك :

2 مايو 2017 |المرجع 16/2017

 أصدر مركز الميزان لحقوق الإنسان ورقة حقائق حول (الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة خلال الربع الأول من عام 2017م)، وتشير الورقة إلى التدهور غير المسبوق الذي تشهده الأوضاع الإنسانية بفعل الإجراءات الإسرائيلية غير الإنسانية، والإجراءات التي تقوم بها السلطات الفلسطينية المدفوعة بالانقسام الداخلي.

وأشارت الورقة إلى أن الحصار الإسرائيلي أصبح يجّر على السكان عواقب أشد خطورة من أي وقتٍ مضى. وأن الأزمات القصدية وفرض العقوبات الجماعية، وأزمة التيار الكهربائي المتواصلة أدت إلى تغييرات هيكلية عميقة في مستوى الخدمات الضرورية وخلقت واقعاً كارثياً ضاعف من معاناة السكان المدنيين. هذا وتشهد أوضاع المرضى تدهوراً خطيراً جراء القيود المفروضة على حريتهم في الوصول إلى المستشفيات خارج قطاع غزة، في ظل ضعف إمكانيات قطاع الصحة في غزة وعدم قدرته على التعامل مع كثير من الحالات الحرجة ولاسيما تلك المصابة بأمراض خطيرة كالسرطان وغيره.

واستعرضت الورقة سياسة عزل قطاع غزة عن باقي الأراضي الفلسطينية وعن محيطه الخارجي، والقيود المفروضة على السكان بفعل الإجراءات التي تحدّ من حرية الحركة والتنقل، وحرمان السكان من المرور عبر المعابر إلا وفق تصاريح تصدرها قوات الاحتلال الإسرائيلي، وهو أمر غاية في الصعوبة. وتشدد الورقة على أن القاعدة العامة هو رفض استصدار التصاريح بينما هو الاستثناء الحصول على تصريح مرور لفترة محددة. وأمام هذه الأوضاع القاسية باتت أخبار معبر رفح المغلق تسترعي اهتمام سكان القطاع الراغبين بالسفر بغرض الدراسة والعلاج والعمل، لأنه تحول إلى منفذ.

وأوضحت الورقة مستوي التدهور في الخدمات التعليمية والصحية جراء فرض القيود المشددة على حرية المرضى في الوصول إلى المستشفيات خارج قطاع غزة لتلقي الرعاية الصحية المناسبة، وعدم قدرة السلطات على تشييد مدارس وفصول جديدة بحيث ارتفعت معدلات الكثافة الصفية في المدراس.

وتناولت الورقة أزمة التيار الكهربائي ودورها في مضاعفة معاناة سكان قطاع غزة. كما أنها تعدّ من أبرز وأهم تداعيات الحصار والانقسام الداخلي الفلسطيني حيث برزت من جديد لتلقى بظلالها على مجمل الأوضاع الإنسانية، وتهدد القطاعات الأساسية والحيوية بالشلل، ولاسيما بعد إعلان سلطة الطاقة والموارد الطبيعية الفلسطينية بغزة عن توقف توليد الكهرباء في المحطة جراء نفاذ الوقود. وفي أعقاب توقف المحطة تناقصت ساعات توصيل التيار الكهربائي إلى أن وصلت ساعات الوصل في اليوم الواحد إلى (4) ساعات، وفي أحسن الأحوال تصبح (6) ساعات فقط، وهذا يعتمد على استمرارية تغذية مدينة رفح من الخطوط المصرية التي تتعرض للأعطال وأعمال الصيانة المتكررة. كما طالت الأزمة خدمة مياه الشرب والصرف الصحي حيث أكدت مصلحة مياه بلديات الساحل بأن تجدد مشكلة انقطاع التيار الكهربائي سيؤدي إلى تخفيض عمل العديد من آبار المياه ومحطات ضخ المياه إلى (60%)، ومحطات التحلية إلى (80%) من طاقتها، وشلل في القدرة على تجميع وضخ ومعالجة مياه الصرف الصحي، في ظل الحاجة إلى (400,000) لتر من الوقود شهرياً. كما تشير الورقة إلى أن عدم القدرة على معالجة مياه الصرف الصحي سيؤدي إلى ضخ حوالي (110,0000) متر مكعب يومياً من مياه الصرف الصحي غير المعالجة إلى شاطئ البحر بشكل مباشر، مما ينذر بمشاكل صحية وبيئية، وحرمان المواطنين من المتنفس الوحيد، ومنع الاصطياف على شاطئ البحر.

ولفتت الورقة إلى التهديدات التي تواجه الخدمات الصحية في (13) مستشفى حكومي، و(54) مركز للرعاية الأولية - التي تقدم خدمات مباشرة لحوالي (1.2) مليون مريض سنوياً - جراء استمرار أزمة التيار الكهربائي. وينذر استمرار مشكلة نقص إمدادات الكهرباء بوقف عمل الأجهزة الطبية، ويقدر عددها ب(115) جهازاً لغسيل الكلى، ينتفع منه حوالي (620) مريضاً بالفشل الكلوي في قطاع غزة. هذا بالإضافة إلى حوالي (45) غرفة عمليات جراحية، من بينها (11) غرفة عمليات ولادة قيصرية، و(113) حضانة للأطفال الخدّج غير مكتملي النمو، وأقسام عناية القلب المفتوح، وقسطرة القلب، وأقسام علاج الأورام منها أجهزة التصوير بالأشعة. كما تشكّل الأزمة تحديّاً حقيقيّاً أمام سير الخدمات التعليمية، ويتعذر على المؤسسات التعليمية تقديم خدماتها بالشكل المناسب، وتحُدُّ من قدرة الطلبة على مراجعة دروسهم في منازلهم، ومعاناة تلاميذ المدارس التي لا تدخلها الشمس بسبب المباني السكنية العالية المحيطة بها وتحتاج إلى تشغيل الإنارة المفقودة في ظل الانقطاع المتكرر للتيار، وعدم وجود مولدات كهربائية؛ مما يجعل الظلام مخيماً على الفصول الدراسية وانعدام الرؤية الواضحة. وما يزيد من صعوبة الأوضاع أن أزمة التيار الكهربائي تترافق مع اقتراب موعد الامتحانات ولاسيما امتحانات الثانوية العامة.

كما عبّرت الورقة عن واقع الظروف البيئية والصحية جراء تعذر وصول المياه إلى الخزانات العلوية بالمدارس في ظل انقطاع والقلق من عدم القدرة على توفير المياه المستخدمة في النظافة، مما يؤدي إلى تراكم النفايات والقمامة في دورات المياه والمراحيض والفصول والممرات والمختبرات العلمية مما ينذر بانتشار الأمراض بين صفوف الطلبة.

كما تظهر الورقة تداعيات الأزمة على الإنتاج الغذائي وصلاحية المواد الغذائية في ظل تلف الخضروات واللحوم الطازجة، والمنتجات الغذائية المصنّعة، والألبان والحليب؛ نتيجة توقف أجهزة التبريد خاصة مع ارتفاع درجات الحرارة. هذا بالإضافة إلى تداعيات الأزمة على القطاع الصناعي، وتوقف خطوط الإنتاج في المصانع، وانخفاض إنتاجية المنشآت الصناعية، مما أدى إلى ارتفاع تكاليف المنتج، وضعف قدرته التنافسية.

وأفردت الورقة محوراً خاصاً بأزمة حسومات الرواتب التي طالت موظفي القطاع العام في قطاع غزة، ما تسبب في تداعيات خطيرة على المستويات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة وأن غالبية الموظفين لديهم التزامات مالية وقروض مصرفية (بنكية)، مما يحدّ من قدرتهم على الوفاء بالتزاماتهم المالية، كما سينعكس بشكل خطير على حياة الموظفين وأسرهم بشكل خاص وعلى الأنشطة الاقتصادية عامةً، جراء انخفاض القوة الشرائية في قطاع غزة. وتشير الورقة إلى ارتفاع أعداد الشيكات البنكية الراجعة وبلغت نسبتها حوالي (50%) من مجمل الشيكات. ووضعت هذه التطورات ولاسيما انخفاض المبيعات بنسبة لا تقل عن (50%)، أصبحت الشركات أمام خيارات وقرارات صعبة منها تقليص المرتبات الشهرية للعاملين، وتسريح بعضهم من العمل كما واجهت المحلات التجارية الصغيرة ومتناهية الصغر (البقالة) اهتزازات مالية كبيرة، كونها تعتمد بشكل كبير في أنشطتها اليومية على التحصيلات النقدية المستحقة على الزبائن، حيث بلغ ما نسبته (80%) من الزبائن لم يستطيعوا سداد الديون المستحقة.

وخلصت الورقة إلى أن الحصار الإسرائيلي وما يتعرض له المدنيون من انتهاكات جسمية طالت مختلف حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، يعتبر الأسوأ والأقسى بعد أحد عشر عاماً من الخنق الاقتصادي والاجتماعي، وأفضى كذلك إلى تراجع حالة حقوق الإنسان. وانعكست الإجراءات الإسرائيلية، على مؤشرات الأوضاع الإنسانية حيث يستمر التدهور في قطاع غزة. كما أظهرت الورقة بأنه في ظل التغيرات الدراماتيكية التي يشهدها قطاع غزة، وأمام الأرقام والمؤشرات المفزعة جراء الأزمات العمدية تراجعت الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة بشكل غير مسبوق. وما يزيد من خطورة الموقف أن الازمات تترافق مع تباين في المواقف السياسية بين الأطراف الفلسطينية وعدم وجود حلول جذرية للأزمات الداخلية وأزمة التيار الكهربائي على وجه الخصوص، بل وارتفعت وتيرة التهديد بتنفيذ إجراءات إدارية إضافية تتعلق بالموظفين والخدمات التي يقدمها القطاع الحكومي العام في قطاع غزة.

واختتمت الورقة بتوصيات طالبت فيها الأطراف المحلية والإقليمية بالتحرك فوراً من أجل إنقاذ حياة السكان في قطاع غزة. كما  طالبت المجتمع الدولي بضرورة الوفاء بالتزاماته القانونية والأخلاقية، والتحرك العاجل والفاعل لإنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة ، وضرورة الضغط على سلطات الاحتلال الإسرائيلي انطلاقاً من المسؤولية القانونية المترتبة على دولة الاحتلال في حماية حياة السكان المدنيين في الأراضي المحتلة،  كما ينبغي على السلطات الفلسطينية أن تتحمل مسؤوليتها وتحسين مستوى الخدمات الأساسية ومعالجتها جذرياً، ووقف المناكفات السياسية وتجنيب القطاعات الحيوية الخلافات السياسية، ورسم وتنفيذ خطط استراتيجية كفيلة بمعالجة الأزمات كافة.

انتهى

ملفات وروابط